ومما ورد في حب الله

ومما ورد في حب الله تعالى :

قال هرم بن حيان: المؤمن إذا عرف ربه عز وجل أحبه وإذا أحبه أقبل إليه، وإذا وجد حلاوة الإقبال إليه لم ينظر إلى الدنيا بعين الشهوة ولم ينظر إلى الآخرة بعين الفترة وهي تحسره في الدنيا وتروحه في الآخرة.

وقال يحيى بن معاذ: عفوه يستغرق الذنوب فكيف رضوانه؟ ورضوانه يستغرق الآمال فكيف حبه؟ وحبه يدهش العقول فكيف وده؟ ووده ينسى ما دونه فكيف لطفه؟.

وفي بعض الكتب: عبدي أنا -وحقك - لك محب فبحقي عليك كن لي محباً.وقال يحيى بن معاذ: مثقال خردلة من الحب أحب إلي من عبادة سبعين سنة بلا حب.

وقال يحيى بن معاذ:

إلهي إني مقيم بفنائك مشغول بثنائك، صغيراً أخذتني إليك وسربلتني بمعرفتك وأمكنتني من لطفك ونقلتني وقلبتني في الأعمال ستراً وتوبةً وزهداً وشوقاً ورضاً وحباً تسقيني من حياضك وتَهملني في رياضك ملازماً لأمرك ومشغوفاً بقولك، ولما طر شاربي ولاح طائري فكيف أنصرف اليوم عنك كبيراً وقد اعتدت هذا منك وأنا صغير، فلي ما بقيت حولك دندنة وبالضراعة إليك همهمة لأني محب وكل محب بحبيبه مشغوف وعن غير حبيبه مصروف.

وقد ورد في حب الله تعالى من الأخبار والآثار ما لا يدخل في حصر حاصر وذلك أمر ظاهر، وإنما الغموض في تحقيق معناه فلنشتغل به.


أحب الأعمال إلى الله

( أحب الأعمال إلى الله }
1 - أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل .
2- أحب الأعمال إلى الله الصلاة لوقتها ثم بر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله .
3 - أحب الأعمال إلى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله .
4 - أحب الأعمال إلى الله إيمان بالله ثم صلة الرحم ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأبغض الأعمال إلى الله الإشراك بالله ثم قطيعة الرحم .
5- أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور ٌ تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينًا أو تطرد عنه جوعًا ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في المسجد شهرًا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظًا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضيً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزول الأقدام وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل .
6- يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل .
{ هذه الأحاديث من تخريج السيوطي وتحقيق الألباني }

الاثنين، 27 أبريل 2009

رسائل للقارئ الكريم

الرسالة الأولى التنويه عن :
مدونة المواريث وعلوم القرآن والفقه
مدونة تدبر القرآن .

الرسالة الثانية :

المطالبة بالإفراج الفوري عن معتقلي الفيوم ، الطلاب والإخوة الزملاء الدعاة الأفاضل

الاثنين، 20 أبريل 2009

فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ

{فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ }

الحمد لله رب العالمين ..

الحمد لله الذي أعزنا بنعمة الإسلام واصطفانا بدعوة الناس إليه ..

نحمد الله على ما نعلم , ونشكره – سبحانه – على مالا نعلم ..

له الحمد في الأولى والآخرة , عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.

والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ..

اللهم صل وسلم وبارك عليه , كما صليت وسلمت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم .

وبعد ..

يقول وحيد الدين خان في كتابه : ( الدين الكامل ) ص / 167 - تحت عنوان : من نحن :

( يقول الرئيس الأمريكي الثلاثون ( الذي حكم من 1923 إلى 1929: إن مهمة أمريكا هي التجارة .

ويعقب المؤلف قائلا : فجعلت أمريكا موضوع التجارة هدفها المنشود في حياتها , كما انصب جُل اهتمامها على التجارة , وكان النجاح حليفها إلى أبعد حد فقد سيطرت على عالم الاقتصاد حوالي خمس وعشرين سنة منذ الحرب العالمية الثانية .. .إلى أن قال : إلا أن بوادر التحول بدأت تلوح في سماء أمريكا بعد 1970, وأخذت الأزمة تتفاقم شيئا فشيئا إلى أن قرعت أبواب أمريكا سنة 1988 م .

وخلاصة القول أن خللا حدث في ميزان التجارة الأمريكية حيث قدر العجز المالي الأمريكي سنة 1988 م بنحو / 30 بليون دولار .) انتهي .

فلما ظلموا , وانتكست أخلاقهم , وارتكست جبلتهم , وساندوا العنصرية الإسرائيلية وغيرها من ألوان الاستعمار على مستوى العالم , وأذلوا الكثير من ا لشعوب , وأفسدوا عليهم معيشتهم , وعكروا صفوهم ؛ انتقم الله منهم شر انتقام , وأتى بنيانهم من القواعد , وأزال صرحهم من أساسه .

وأصبح في أمريكا وأوروبا جيوش من العاطلين , وأسراب من الناقمين , وآلاف من المصانع المعطلة , والشركات ذوات الفروع المتعددة في أنحاء العالم توصد أبوابها , وتندب أحوالها .

وأصبحنا نسمع عن جياع من الناس , وخيام تنصب في الشوارع , بعد أن باع بعضهم أثاث بيته ليقتات هو وأولاده , ولله في خلقه شؤون { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } آل عمران26.

( فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ) من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون ( ثم يوم القيامة يخزيهم )والخزي الأكبر يمثله دخول النار ( ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته )آل عمران 192.( ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم ) وفي قراءة ( تشاقوني ) كما قال الزمخشري في الكشاف .

وهذا يعني أن الله عز وجل يعتبر إيذاء الدعاة مشاقة لله نفسه !

وذلك عين الشرف والتكريم للدعاة والمصلحين .

ويقول صاحب الظلال :

{ قد مكر الذين من قبلهم } والتعبير يصور هذا المكر في صورة بناء ذي قواعد وأركان وسقف إشارة إلى دقته وإحكامه ومتانته وضخامتة . ولكن هذا كله لم يقف أمام قوة الله وتدبيره : { فأتى الله بنيانهم من القواعد ، فَخَرَّ عليهم السقف من فوقهم } وهو مشهد للتدمير الكامل الشامل ، يطبق عليهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، فالقواعد التي تحمل البناء تحطمت وتهدمت من أساسها ، والسقف يخر عليهم من فوقهم فيطبق عليهم ويدفنهم { وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون } فإذا البناء الذي بنوه وأحكموه واعتمدوا على الاحتماء فيه . إذا هو مقبرتهم التي تحتويهم ، ومهلكتهم التي تأخذهم من فوقهم ومن أسفل منهم . وهو الذي اتخذوه للحماية ولم يفكروا أن يأتيهم الخطر من جهته!

إنه مشهد كامل للدمار والهلاك ، وللسخرية من مكر الماكرين وتدبير المدبرين ، الذين يقفون لدعوة الله ، ويحسبون مكرهم لا يرد ، وتدبيرهم لا يخيب ، والله من ورائهم محيط!

وهو مشهد مكرر في الزمان قبل قريش وبعدها . ودعوة الله ماضية في طريقها مهما يمكر الماكرون ، ومهما يدبر المدبرون . وبين الحين والحين يتلفت الناس فيذكرون ذلك المشهد المؤثر الذي رسمه القرآن الكريم : {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ }النحل26.

فإذا تكلمنا عن الذين هم عون للمستعمر على مر التاريخ فسوف تجد أن الشعوب المقهورة المظلومة هي سندهم يقفون على رؤوسهم بأحذيتهم ويحكمونهم كما يريدون , ويجب عليهم أن يسبحوا بحمدهم ويهتفوا باسمهم في الغدو والرواح , والمساء والصباح .

وإذا حدث أن تكلم الحاكم عن الديمقراطية والحرية فعلى الشعوب الذكية أن تعلم أن المقصود بهذه الشعارات الذهبية , أن يكثروا من التصفيق , ويعلوا الصوت بالزعيق , ليطمئن الزعيم بالبقاء والتمكين .... حتى يأتيه اليقين .

ولكن ......

أتى الله بنيانهم من القواعد

هذه الشعوب التي ظنوا أنها غبية , وأنها ستظل مستنعجة ورضية ..

انتفضت وستواصل انتفاضتها حتى لا يصبح للزعيم ساق يقف عليها , ولا قاعدة يرتكن إليها .

وفي التاريخ أعظم شاهد لكل متأمل وفاهم .

هل سمعت عن الملك فاروق وحاشيته ؟ .

وعن رئيس الصومال محمد سياد بري وعترته ؟ .

وهل سمعت عن رئيس رومانيا / نيكولاي شاوشسكو / وزوجته ؟ .

ورئيس أندونيسيا سوهارتو , الذي اضطُر للتنحي بعد مظاهرات حاشدة ومستمرة من الجماهير , وكان ثمار ذلك أن نـُظمت في البلاد انتخابات ديمقراطية لأول مرة منذ خمسة وأربعين عامًا .

ومازال الشعب ينعم بحريته وكرامته .

.أما الظالمون فذهبوا إلى جزائهم الذي منه لا يفرون وعقابهم الذي منه لا يهربون .

{ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ } يس31.

(قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل ) الروم42 .

إنها قضية يفهمها أدنى الناس عقلا , وأبسط الناس فكرًا .

ولكن ماذا تملك للذين طبع الله على قلوبهم وختم على حواسهم ؟ .

وصدق الله العظيم إذ يقول : (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ }الفرقان20.

والصبر نصف الإيمان , والصبر ضياء , والصابرون لهم معية الله : ( إن الله مع الصابرين ) .

والعاقبة للمتقين .

والحمد لله رب العالمين .

شعبان شحاته

Hudahuda2007@yahoo.com

مدونة : الطريق إلى محبة الله: http://tareek2008.blogspot.com

الأحد، 12 أبريل 2009

من أدلة محبة الله لعباده

من أدلة حب الله سبحانه للعباد
إن الله عز وجل لم يخلق الناس من أجل أن يعذبهم { وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }البقرة221.
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25.
بل ودعا العاصين ولم يتركهم لشهواتهم , ولم يدعهم لنزواتهم , وانتشلهم من وحل المعصية , ورفعهم من طين الخطيئة وأكثر من ذلك وضعهم على طريق الفلاح ودلهم على سبيل الصالحين وأرشدهم إلى صراط المقربين : { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} آل عمران 133 .
بل ويدعو .. يدعو من ؟ . المؤمنين ... العاصين ... بل يدعو المسرفين في المعاصي :
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53 .
بل يترفق إليهم في دعوتهم للتوبة , ويتلطف إليهم في الموعظة ( وهو الغني عنا ) :
وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) .
ومع إسرافهم وتماديهم لم يتوعدهم بالانتقام إنما يزيد الله تعالى في تحذير المسرفين... سبحانه ما أحلمه !
أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) .
أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (58) .
فالله عز وجل هو الرحمن الرحيم العليم الخبير , يعلم ضعف النفوس أمام الشهوات , وأنها إذا لم تمسك بحبل الله ستسقط , وإذا ركنت لغير الله ستهوي , وإذا استعانت بمن سواه ستخسر .
وأدعوك أن تتدبر مرة أخرى في قوله تعالى : أو تقول .. أو تقول ... أو تقول ...
وهذا ماعبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم صراحة :
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال:كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي : (يامعاذ أتدري ماحق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ قلت الله ورسوله أعلم: قال حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا،وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا). أخرجاه في الصحيحين .
(( كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى) البخاري .
فإذا عاش الإنسان بهذا الإيمان، يطيع مولاه , يصل من قطعه، ويعفو عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، فإن الله يتقبل منه القبول الحسن، ويحبه ويرضى عنه وينادي:
يا جبريل، إني أحب فلانًا فأحبه، فينادي جبريل في ملائكة السماوات: يا ملائكة الله، إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم ينزل الله له القبول في الأرض، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ (مريم: 96)، هذه في الدنيا . وأيضًا فضل الله ورحمته عند الموت: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ (فصلت: 30) .
أرجو أن تعيرني قلبك كله وأحاسيسك كاملة لحظة :
انظر إلى رحمة الله الرحيم الودود كيف يستقبل عباده المؤمنين :
فالإنسان الذي يذهب إلى بلد مجهول ولأول مرة يهاب هذا المكان , كمن يذهب إلى بلاد غريبة موحشة وكثيرًا ما سمع عما فيها من هول وفزع سينطرح فيها وحده بلا أنيس ولا ونيس , لا ينفعه حينئذ مال ولا بنون .
كيف يدخل هذا المكان وماذا سيحدث له .. يهيلون عليه التراب ثم يتركونه ويعودون حتى أقرب الأقارب يخاف أن يمكث معه .
هنا تدركه رحمة الله الودود .. عندما تتزاحم هذه المخاوف على نفسه , وتتراكم في قلبه حينئذ يبعث الله إليه الملائكة تتنزل عليه : { {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } 30 فصلت .
لا تحزنوا على ما تركتم خلفكم من الأهل والذرية . ولا تخافوا مما أنتم مقبلون عليه من حياة البرزخ في القبر .
فيحضر خاطر سريع في نفس المؤمن : ولكنني خائف نعم خائف .. أتتركونني هكذا وحدي ؟ . فتطمئنه الملا ئكة : نحن معكم ولن ندع الصحبة حتى تدخلوا الجنة :
{نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ }فصلت31.
هذا التكريم لم يرتق إليه أحد بعمله , ولم يسم إليه أحد بفعله .
ولكنه محض فضل من الله بعد ستر عيبه وغفران ذنبه .
وكأنه يسأل نفسه أيغفر الله لي ذنبي ولا يأخذني به فبين الله له أن هذاالعفو وذاك الفضل {نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ }فصلت32 . يغفر ويرحم ويستر ويصفح , ويدخلك الجنة , وأعظم من هذا أن يكون العبد بجوار الله , ينال حبه ورضاه , ويسعد في كنف مولاه . في خلود أبدي ونعيم مقيم .
فالله عز وجل أزال عنه المخاوف , وأذهب عنه الأحزان , وطمأنه بصحبة الملائكة , وبشره بالجنة , كل ذلك قبل أن ينتقل إليه , ويقف بين يديه .
سبحانك ما أحلمك , سبحانك ما أرحمك ..
وجب على العباد أن يعرفوك , حق على العباد أن يحبوك , حق على العباد أن يعبدوك ولا يشركوا بالله أحدًا .
اللهم من ينكر فضلك ؟ اللهم من يجحد نعمك ؟ اللهم من ذا الذي لا يعبدك ؟ !
اللهم شرفني بحبك , اللهم مُنّ علي بالشوق إليك , والقرب منك .
لا إله إلا أنت , سبحانك لا أستطيع أن أحصي ثناء عليك .
اللهم إذا كنتُ قد تفوهتُ بمثل هذا القول- وأنت تعلم أني مذنب - فلا تؤاخذني . فقد غرني كرمك , وطمعني فضلك , وأنطقتني نعمك التي تغمرني من كل جهة , ولولا أنك لوحت لعبادك بالرحمة وأطمعتهم بالمغفرة ما تجرؤوا أن يناجوك .
اللهم إني أفخر بأنك ربي , وأعتز كل العز أني عبد لك .
ومن أراد أن تساق إليه أدلة أخرى على حب الله للعباد فهي كثيرة :
فإذا كان يوم القيامة :
﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ* وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ* وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ (الزمر: 68-70) .
تأتي لحظات الفرح.. ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا﴾ (الزمر: 73)، حينئذ لن تكون وحدك ، إنما أحباؤك معك؛ لأجل أن تظل هذه الرابطة موجودة: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ }الطور21 .
فإذا سألت عن الحساب جاءك الجواب بما يطفئ غلتك , ويبرد ظمأك :
( فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْساً وَلَا رَهَقاً }الجن13
يأخذ كتابه بيمينه , فيقرأ السيئات فيذهب لونه ويحمر ويصفر , ثم يقرأ الحسنات فيعود إليه لونه . ولما يعود ليقرأ السيئات يجدها قد بدلت حسنات , فينطلق بين الناس مناديًا بأعلى صوته من شدة فرحه : هلموا فانظروا كتابيه لقد صار كله حسنات , إني ظننت أني سأحاسب على كل أعمالي وأقوالي إني نجوت يا لفرحي يا لهنائي :
(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20)
ويعلق القرآن على اهذا السياق :( فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) .
وإذا كنت ضيفًا عند أحد فأمر خادمه وذويه أن يقدموا لك ما لذ وطاب ثم إنه لم يسامرك ولم يرحب بك ولم يتحدث معك أيكون قد أكرمك ؟ .
أما الله عز وجل قيقول للمؤمنين : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) .
ماذا نقول بعد هذا التكريم من الرب الودود , وذاك العبد لم يكن ليستحق كل هذا الجزاء , ولم يؤهله عمله لهذا العطاء . بل كان مذنبا مخطئا , غافلا عاصيا .ولولا أن الله أخذ بيده وأقامه على الطريق ما وصل .
وقد يقول قائل إن الله تعالى يحب العباد , يحب ابن آدم ويكرمه , نقول نعم .
ولما علمت الملائكة بذلك تقربت إلى الله بالدعاء للناس !!
﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾ (غافر: 7).
ومن أدلة حب الله تعالى لعباده : ﴿حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ (الحجرات: 7)، فكلما أحببت الإيمان يكون هذا دليل حب الله لك.
ومن نعم الله عليك صحبتك للرفيق المؤمن .: ﴿قُلْ كُلُّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾ الإسراء: 84.
فإذا وجدت الصحبة المعينة على طاعة الله , أرشدك الرحمن فقال : ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ (الكهف:28) .
ومن حب الله لك أن تتبع الحسنة بالحسنة ، وأن تتبع الطاعة بطاعة أخرى..
ومحبة المؤمنين فيما بينهم ليست باجتهاد العبد، ولا من صناعته، بل هي من الله- عز وجل - لأنه هو الذي قال: ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بينهم ﴾ (الأنفال: 63)..
وللحديث بقية بإذن الله تعالى .
شعبان شحاته
Hudahuda2007@yahoo.com
مدونة : الطريق إلى محبة الله/ شعبان شحاته: http://tareek2008.blogspot.com

الخميس، 9 أبريل 2009

وذروا ظاهر الإثم وباطنه

وذروا ظاهر الإثم وباطنه

هل يعقل أن ينصب اهتمام الصف الإسلامي على تنقية الجوارح من الآثام ويغفل عن تنقية القلوب منها؟!
الواقع يشهد أن جوارح المنتمين للإسلام الملتزمين به تكاد تبرأ من المعاصي الكبرى إلاّ اللمم بل إن الواحد منهم لا يدخن فضلا عن أن يشرب الخمر أو يزني أو يلعب الميسر، لكن أمر قلوبهم شيء آخر، ويقتضي الإنصاف أن نعترف لغير قليل منهم بنقاء القلوب وصفائها وإنابتها بفضل التربية المحرقة في المحاضن الربانية الهادئة، لكن غير قليل منهم أيضاً يفرّط في أمر قلبه بقدر ما يهتم بأمر جوارحه، وهكذا يتجاور الكلام الكثير عن الدعوة والأخوّة والأخلاق الكريمة مع سلوكيات يغمرها الرياء والحقد والبغضاء وما إليها من الأمراض القلبية والمعاصي النفسية التي تفوق في خطورتها آثام الجوارح ولو كانت هذه الآثام من الكبائر، فإذا كان الزاني مثلاً يُجلَد أو يُرجَم وقد يُتاب عليه فإن صاحب القلب العاصي لا مستقرّ له إلاّ السعير ولو أعجبك ظاهره وسلبتك دندنته حول مخائل السؤدد، إن الله تعالى أمرنا بترك الإثم كله سواءً كان ظاهراً (معاصي اليد واللسان والفرج ونحوها) أو باطناً (معاصي النفس كالحسد والكِبر والعجب بالإضافة إلى ما ذكرنا آنفا)، ولا يغني صلاح الظاهر شيئا إذا خالف ما عليه القلب الذي هو محل نظر الله "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسادكم ولكن ينظر إلى ما كسبت قلوبكم"- رواه مسلم.

أي أن المعيار المحكم هو الباطن، وقد جرب السالكون لطريق الدعوة فعرفوا أن أمراض القلوب سلاسل مقيدة وسهام شيطان ونواقض بدايات نابضات، وكم ظهر في الصف من يقيم الدنيا على السبحة باعتبارها بدعة في حين يتطاير الشّرر من قلبه حقداً وبغضاءً وكرهاً لمخالف في رأي فقهي بل ولكبار العلماء والدعاة والمصلحين لشبهات طغت عليه ولم يمحصها لقصَر نظره وقلة باعه من العلوم الشرعية وأدوات النقاش والجدال ، وقد أنساه الشيطان أن هذه الدعوة حب فلا مكان في سلكها لمن تغلي قلوبهم بمراجل البغض انتصاراً لله بزعمهم، وإنما ينتصر المؤمن لله بتعاهد قلبه بالتنقية والتزكية ليكون منطلقاً للرحمة والشفقة والمحبة، والأمر لا يعدو أن يكون من تلبيس إبليس الذي يزكي المغرورين بإصلاح ظاهرهم ليقحمهم في المهلكات القلبية التي كثيراً ما يختم لأصحابها بخواتيم السوء، ومن تفحص حال طلقاء الدعوة الذين ليس لهم حظ وافر من التربية الإيمانية العميقة وقف على أشكال وصور لباطن الإثم تغمر الساحة كتغليب البغض في الله على الحب وتحريف معنى الأخوة وحصرها في جهة معينة هي جماعته أو حزبه أو التيار الذي ينتمي إليه فقط والتعصب للأشخاص والكيانات كالعالِم الأوحد الذي لم تر الدنيا مثله !!!

والمذهب الحق الذي ليس بعده إلا الباطل ، ولعلّ كل ذلك نتيجة حتمية لإهمال إصلاح النفس بحجة التفرغ للحركة والتغيير والنهي عن المنكر والانتصار للقرآن والسنة ، وهذا من السبل التي يسلكها الشيطان لإضلال الإنسان إذ قد لا يأتيه من باب المعصية الظاهرة ولكن من باب الترتيب فيشغله بالغير عن النفس وبالظاهر عن الباطن وبالمختلف فيه عن المتفق عليه وبالمتشابه عن المحكم وبما يفرق الصف عما يجمع شمله ونحو هذا إن العنصر الأساسي في هذه الدعوة هو الإنسان والعنصر الأساسي في هذا الإنسان هو القلب، ولا تنتصر الدعوة إلا بمن "أتى الله بقلب سليم" وبمن "جاء بقلب منيب"، فصاحب هذا القلب لا تتحرك جوارحه إلا في طاعة الله ، وبانسجام ظاهره وباطنه يبارك الله سعيه فيكون قدوةً صالحة تحبب الدين للناس ويكون مهوى أفئدتهم لأن سلاحه الدعوي لا يتعدى الكلمة الطيبة {وقولوا للناس حسنا}البقرة83 وفعل الخير {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} الحج77,والمناداة للإصلاح {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت}هود 88، فأما من انخرط في زمرة الدعاة وهو غير ملتفت لقلبه المريض يتباهى بترك المباح وهو غارق في الكبائر النفسية كمن يتورع عن البعوض ويبتلع الجمل فهو ثغرة في الصف يستنزل الوهن والخسران بجهله بنفسه وإعجابه بها، وخير للدعوة أن تعود إلى بدايات التربية فقد دارت دوائر الهزيمة على المسلمين في "حنين" بسبب كثرة أمثاله فيها {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم من الله شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين} التوبة 25 .
على المؤمن أن يمتثل لأمر ربه فيذر الإثم البادي للناس والمتستر عنهم كما يذر المخالفات السلوكية والقلبية ليستقيم ظاهره وباطنه فتستقيم حياته كلها فيغفر الله ما بدر منه من زلات وذنوب كلما استغفر وأناب.
{عبد العزيز كحيل}

ولكل هؤلاء نقول : اعلموا أن كل ما نغرق فيه من النعم , مما نعلمه ومما لا نعلمه فإن مصدره الله وحده , هو سبحانه المتفضل به , وبقاء أي إنسان على طاعة وقربى فبعون الله , ولو تركت النفس بلا عون الله لنكصت وعادت إلى المعاصي .

فما النفس إلا كالأسير العدو لم ينصع لك ولم يخضع إلا بالقوة ولو ترك الأسير لقضى عليك في الحال فلا تركنوا إليها ؛ لأن كل امرئ منا فقير فقرًا ذاتيا , وفقرًا مطلقا لا يملك شيئا لا لنفسه ولا للآخرين .

من هنا لا ينسب أحدنا أي عمل إلى نفسه , ولا يعجب بما قدم .

فإن وجد في نفسه شيئا من ذلك فليمتثل لقول الله عز وجل : {وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ } الأنعام120.

الأحد، 5 أبريل 2009

رسالة إلى الناتو



رسالة إلى الناتو من مواطن عربي

أولا : وصف الوضع الحالي للناتو :

مأزق عسكري خطير جدًا في أفغانستان .

ما عاناه الحلف في العراق من قتل جنوده .

وتشويه سمعته بانتهاك حقوق الإنسان , خاصة بعد أحداث سجن أبي غريب , والانتهاكات التي تمت على أيدي شركة بلاك ووتر.

النقد المتصاعد من الشعوب الأوربية للانسياق الأعمى لدولهم خلف الأمريكان .

الضائقة المالية الخانقة التي ظلت أعناقهم لها خاضعين .

زيادة أعداد العاطلين عن العمل بصورة غير مسبوقة في تاريخهم الحديث .

ولنا هنا كلمة :

ألم يفكر أحد من هؤلاء : السياسي منهم والمفكر , أن هذا عقابٌ لهم من الله ..خالق هذا الكون .. الحكم العدل ؟ !

أليسوا أهل كتاب ويؤمنون بالبعث والحساب والثواب والعقاب ؟ !

ألسنا نسمع لهم مواعظ في محطاتهم الفضائية , ووسائلهم الإعلامية عن المحبة والسلام ؟ !

أيظنون أن دعمهم غير المحدود للإسرائليين , ضد العرب الآمنين يمر هكذا بلا مساءلة ؟.

أم أن حصارهم لغزة أقل فداحة ؟ .

أم أن دعمهم لحكام من صنع أيديهم , يلهبون ظهور الأمة بسياط حامية , ويغيبون أشراف الرجال والمصلحين الأبطال خلف الأسوار , ويحرمون أولادهم من عطفهم وتربيتهم ويحرمون المجتمع من جهودهم وإصلاحهم , يحسبون أن كل هذا يمر بلا حساب ؟ !

أم أن تخريب التعاليم الإسلامية , وهدم الثقافة العربية , وإبعاد القيم الخلقية , ونشر الرذيلة والانحلال ستترك هكذا بلا مؤاخذة .كلا .

أم أن الثروات التي ينهبونها من بلادنا , بصورة مباشرة وغير مباشرة ليست ظلمًا بينًا , وحوبًا واضحًا ؟ !

أين نخيل العراق .. أين جيش العراق .. أين ثروات العراق ؟ .

أين ربا فلسطين العامرة , وأين مساجدها الآمنة ؟ .

أين الأمن في بلاد الأفغان وباكستان ؟ .

بل أين كرامة العرب والمسلمين ؟ .

في العقدين الماضيين قتل مئتا ألف على أيدى الصرب في قلب بلادكم وفُعل بهم الأفاعيل , تحت سمعكم وأبصاركم .

وقتل مئات الآلاف في العراق وأفغانستان وفلسطين والصومال ولبنان .

هذا ما عرفناه من حضارتكم , وذاك ما لمسناه في مدنيتكم .

أقول لكم بكل صراحة : كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتى تعودوا إلى شريعة الله , إلى العدل والمساواة , إلى احترام آدمية الإنسان , وتنتهوا عن الظلم والعدوان .

واعلموا : أنه لن تنطلي علينا مزاعمكم , ولن تخدر أعصابنا كهانتكم .

وليس بيننا وبين أن ننتصر عليكم , إلا أن يُسمح لشريعتنا أن تحكم وتسود , إلا أن يسمح لأهل الحق أن يمسكوا بزمام الأمر في بلادنا , إلا أن يكون ثمة ديمقراطية حقيقية تفرز الوطنيين المخلصين , الذين لا يركعون إلا لله ولا يتبعون إلا شعوبهم , ولا يعملون إلا لصالح أوطانهم .

أقول لكم نصيحة قلبية , وأسدي لكم موعظة حقيقية :

دعوا شعوب العالم تعيش في حرية وكرامة .

لا تقفوا حجر عثرة في طريقنا . دعونا نحكم بالقوانين التي نريد والشريعة التي أنزلها الله ؛ فنحن أحرار فيما نعتقده , أحرار فيما نؤمن به .

لا تزهقوا أرواحنا , ولا تقتلوا أولادنا . من حقنا أن نعيش كما تعيشون , نزرع ونصنع من غير أن تتحكموا فيما نزرع وفيما نصنع عن طريق حكامنا المصنوعين على أيديكم .

واعلموا أن مدنيتكم أضرت البشرية وأهدرت كرامة الإنسان الكريم على الله .

واعلموا أن الله خلقنا جميعا من نفس واحدة فنحن أصلنا واحد , وإلهنا واحد , وكلنا سنعود إليه ونقف بين يديه وسنحاسب على أعمالنا , إن خيرا فخير وإن شرا فشر .

فإن لم تكونوا مؤمنين بهذا فأعطونا الدليل , وإلا فلا تدّعوا بعدها أنكم أصحاب دين , ولا أرباب شريعة .

واعلموا أنه مهما بلغت قوتكم , ومهما كانت سطوتكم فما أنتم إلا صبيان حمقى , لا يبدئ أحدكم ولا يعيد , ولا يقدم ولا يؤخر , ولا يضر ولا ينفع .

وإن عدتم إلى رشدكم فهو الخير لكم ولشعوبكم .

والسلام على من اتبع الهدى .

شعبان شحاته

Hudahuda2007@yahoo.com

مدونة : الطريق إلى محبة الله: http://tareek2008.blogspot.com