ومما ورد في حب الله

ومما ورد في حب الله تعالى :

قال هرم بن حيان: المؤمن إذا عرف ربه عز وجل أحبه وإذا أحبه أقبل إليه، وإذا وجد حلاوة الإقبال إليه لم ينظر إلى الدنيا بعين الشهوة ولم ينظر إلى الآخرة بعين الفترة وهي تحسره في الدنيا وتروحه في الآخرة.

وقال يحيى بن معاذ: عفوه يستغرق الذنوب فكيف رضوانه؟ ورضوانه يستغرق الآمال فكيف حبه؟ وحبه يدهش العقول فكيف وده؟ ووده ينسى ما دونه فكيف لطفه؟.

وفي بعض الكتب: عبدي أنا -وحقك - لك محب فبحقي عليك كن لي محباً.وقال يحيى بن معاذ: مثقال خردلة من الحب أحب إلي من عبادة سبعين سنة بلا حب.

وقال يحيى بن معاذ:

إلهي إني مقيم بفنائك مشغول بثنائك، صغيراً أخذتني إليك وسربلتني بمعرفتك وأمكنتني من لطفك ونقلتني وقلبتني في الأعمال ستراً وتوبةً وزهداً وشوقاً ورضاً وحباً تسقيني من حياضك وتَهملني في رياضك ملازماً لأمرك ومشغوفاً بقولك، ولما طر شاربي ولاح طائري فكيف أنصرف اليوم عنك كبيراً وقد اعتدت هذا منك وأنا صغير، فلي ما بقيت حولك دندنة وبالضراعة إليك همهمة لأني محب وكل محب بحبيبه مشغوف وعن غير حبيبه مصروف.

وقد ورد في حب الله تعالى من الأخبار والآثار ما لا يدخل في حصر حاصر وذلك أمر ظاهر، وإنما الغموض في تحقيق معناه فلنشتغل به.


أحب الأعمال إلى الله

( أحب الأعمال إلى الله }
1 - أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل .
2- أحب الأعمال إلى الله الصلاة لوقتها ثم بر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله .
3 - أحب الأعمال إلى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله .
4 - أحب الأعمال إلى الله إيمان بالله ثم صلة الرحم ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأبغض الأعمال إلى الله الإشراك بالله ثم قطيعة الرحم .
5- أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور ٌ تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينًا أو تطرد عنه جوعًا ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في المسجد شهرًا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظًا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضيً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزول الأقدام وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل .
6- يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل .
{ هذه الأحاديث من تخريج السيوطي وتحقيق الألباني }

الجمعة، 12 أكتوبر 2012

المعارضة المصرية إذ تشوّش الوطن


محمد شعبان أيوب

2012-10-11

في 30 يونيو تسلّم الرئيس المصري الجديد تركة محملة بفساد مركب، فساد كان ولا يزال يتحاكى عن حجمه الركبان، فلطالما تعجب القذّافي وهو الديكتاتور النموذج عن سرّ بقاء الدولة المصرية حتى الآن برغم النهب الذي تعرّضت له آلاف السنين، وهو سؤال في محله إذا علمنا أن شعبًا يقدر رسميا بـ90 مليون مواطن الآن قادر رغم ما مر به من فساد ونهب الزعماء السابقين وألاضيشهم والطبقة المتسلقة التي استفادت بقربها منهم، على العيش والاستمرار بل والتطلع لإقامة أمة ذات سيادة وكرامة وعزة وأمجاد.

وزاد على هذا الفساد المركب في كل أجهزة ومؤسسات الدولة بلا أدنى مبالغة أن تسلّم مرسي دولة ينازعه في حكمها رأس ثانية ممثّلة في المجلس العسكري ممثل الدولة العسكرية التي اعتبرت نفسها الواصية على الدولة المصرية منذ انقلاب 52م، وظل مرسي طوال شهر ونيف يحاول التملص من القيد الذي وضعه سامي عنان وحسين طنطاوي من خلال الإعلان الدستوري المكمل الصادر يوم 17 يونيو قبيل الإعلان عن نتيجة الانتخابات، وقد استطاع مرسي أخيرا أن يقيلهما يوم 12 أغسطس الماضي في لحظة تاريخية فارقة ظل مرسي قبلها منزوع الصلاحية غير مرهوب الجانب ممن أخذوا وكالة الثورة المصرية، وميراث النظام البائد.

ومن 12 أغسطس وحتى اليوم شهران آخران بدأت قضايا الفساد فيهما تظهر، وبدأت الاتهامات تحوم حول كل من تسبب في نهب هذه البلد، مع محاولات تحسين الظروف الاقتصادية التي أقرت بها كبرى المؤشرات العالمية، ثم وضع مصر في الخريطة الإقليمية والأفريقية والعربية والدولية وهو ما نلاحظ تقدمه بلا أدنى ريب.

في ظل هذا المشهد الكبير بين الفساد المركب والمتجذر، وبين محاولات الرئيس الجديد المنتخب لأول مرة منذ عقود حتى إن الأمر كالحلم للكثيرين حتى الآن الحثيثة والجادة لتحسين الخدمات والاقتصاد وخلافه، في ظل هذا المشهد المعقد الذي يفهمه أبسط المصريين ثقافة، بحيث يقررون بكل حكمة أن يعطوا للرئيس الجديد المهملة الكاملة لإتمام وعوده تأتي المعارضة المصرية الليبرالية اليسارية منها بالتحديد لتقف أمام تحقيق هذه المنجزات.

إن مرسي في رؤية المعارضة عنصر من عناصر 'العدو' التقليدي للحركة الليبرالية اليسارية، فهـــو إخواني الفكر والسلوك والممارسة بطبيعة الحال، وهم بحسب استطلاع أجراه موقع الجزيرة نت في الأسبوع الماضي لا يحظون بأي ثقل أو ثقة داخل الدولة والمجتمع المدني على السواء؛ فقد كان تقييم الجماهير لهم ولدورهم المحلي والإقليمي بل وحتى لخطابهم لا يتعدى حاجز الـ8'، في حين رآهم 92' أصحاب مواقف منافقة لا يسعون إلا لمصالحهم الخاصة.

وإذا قيل لنا إن ذلك تجنٍّ على الحركة الوطنية الليبرالية واليسارية المصرية؛ فإن حكم التاريخ هو الفيصل بـــين المتخاصمين، وإننا يجب أن نتساءل عن الدور الذي قدمه التيار اليساري والليبرالي لمصر منذ الاحتلال الإنجليزي حتى حسني مبارك.

إن مقارنة بسيطة بين التيار الإسلامي وبين التيار الليبرالي اليساري لترجح كفة الفريق الأول من حيث فهمه لهوية وقيم هذا البلد والاستمساك بها وعدم الانجرار خلف المحتل أو المستعمر تلك التي حققها عن جدارة سعد زغلول حينما أضاع ثورة 19 المجيدة بدستور لا قيمة له تم إلغاؤه من قبل الملك فؤاد سنة 1930م، وبحكومة للترضية ظل على رأسها حتى وفاته سنة 1927م. وظلت حكومات الوفد المتعاقبة وعلى رأسها النحّاس باشا الذي نشهد له بالوطنية والكفاءة ظلت تراوح مكانها أمام التحديات الداخلية والخارجية على السواء، فتارة يمنحهم فاروق الحكم وتارة ينزعه عنهم إذا عنّ له ذلك حتى انقلاب 52 وحركة تجميد الأحزاب، أما الحركة اليسارية فظلت هي الأخرى تراوح مكانها حتى تماهت في الناصرية، ورأت في ديكتاتورية عبد الناصر تحقيقًا لأحلامها الطوباوية التي لم تنفع المصريين إلا بنكستين كبيرتين، وكان من المتوقع أن يزيحهم السادات وهو القريب من عبد الناصر منذ انقلاب 52 ونائبه عن طريقه في حركة التصحيح الكبرى في مايو 1971م وظلوا في مرمى السادات حتى خطابه الأخير الشهير الذي فكك أفكارهم وممارساتهم العجيبة أمام مجلس الشعب في مايو 1981م.

وبمجيء حسني مبارك تحولت الحركة العلمانية الليبرالية اليسارية إلى الراعي الجديد، حتى وسمت في عهد البائس بالمعارضة المستأنسة فلا تشكل تهديدًا، ولا وعيدًا، بل اكتشفنا من خلال وثائق أمن الدولة المسربة حجم عمالة بعض هذه الأحزاب، وقد كان بعضها يعادي الثورة عداء واضحًا في أولها، والمواقف معروفة ومحفوظة وموقع يوتيوب شاهد عجيب على تاريخ هؤلاء المرئي.

إن هذا التقييم السريع والعام إذا تُرك على عنانه وإطلاقه قد يغمط حقوق وطنيين حقيقيين في اليساريين والليبراليين على السواء، لكن هؤلاء يعدون على أصابع اليد الواحدة.

اليوم يتحزب هؤلاء الأشاوس لمظاهرات 'عارمة' كما يظنون لمحاسبة الرئيس المنتخب على عدم الإيفاء بوعود المائة يوم، وكنا نسمع الواحد منهم يقول عن مبارك الذي مكث 30 عامًا كاملة متواصلة يجب أن نعطيه الفرصة.

إن المعارضة التي تشوّش على الوطن، وتصدع دماغ الجماهير في الفضائيات والإعلام وخلافه بقضايا تافهة، هذه المعارضة التي لا تبغي من معارضتها إلا هدم التيار الإسلامي، وعدم تحقيق المشروع الإسلامي، بل وحاكمية الإسلام عموما كما دلت على ذلك مواقفهم وتاريخهم بل وأدبياتهم في بعض الأحيان لا يمكن أن تكون معارضة حصيفة تبغي مصلحة الوطن العليا وأغلبيته إن كانوا يؤمنون أو يحترمون هذه الأغلبية، وقد رأينا هذه المعارضة لا تمانع من إصدار الإعلان الدستوري 'المكبل'، بل علمنا أن ليبراليا شهيرا ويساريا كبيرًا قد اشتركا في صنعه وصياغته، وبعضهم دعا إلى استمرار حكم العسكر صراحة لمدة عامين قادمين، إنهم لم يكونوا يرون أي ضرر في بقاء رأسين للبلد أقواهما العسكر 'حامي الدولة المدنية' في نموذج ممجوج للتجربة التركية قبل حكومة أردوغان، لكنهم يرون مصيبة في بقاء محمد مرسي الرئيس المنتخب من الشعب الذي بدأ يسجل أهدافًا سياسية واقتصادية واستقرارا ملموسًا، إنهم يرون مصيبة في المادة 2، و36 اللتين تهتمان بارتباط القوانين بالشريعة الإسلامية، واحترام مصر للاتفاقيات المتعلقة بالمرأة ما لم تخالف أحكام الشريعة الإسلامية التي هي التخلف وضد حقوق الإنسان كما قال أحد منظريهم العباقرة منذ قريب.

إن هذه المعارضة التي تُجبر العقول النابهة، والأقلام الرصينة، والرؤى الناضجة على الارتماء في حضن التيار الإسلامي لا لأنه معصوم من الزلل والخطأ - فتاريخ الممارسة السياسية الخاطئة والفاشلة في بعض الأوقات للحركة الإسلامية مما يحتاج إلى مقال مثل هذا - وإنما لأنها تبعدنا عن قصد أو سهو إلى معركة لا يحتاجها الوطن الآن ولا غد، إن الوطن في أشد الحاجة إلى كشف الفساد، وتطهير مؤسسات الدولة، والأجهزة الأمنية القمعية، والطابور الخامس، ومافيا الأراضي والصحة الغاز والسولار، إلى من نهبوا الدولة عبر سنين من الذل والحرمان، هل بهذا التشويش تسعى المعارضة إلى تحقيق مصلحة مصر العليا أم لتحريك دفة الوطن إلى عكس الهدف المنشود، والغايات الكبرى التي قامت الثورة من أجلها، وقد رأينا البراءات أخيرا تمنح لمن اتهموا بارتكاب موقعة الجمل؟!.

باحث مصري في الدراسات التاريخية
أقول : وهذا الكاتب المحترم له كل الشكر والتقدير إذ يقدر دور الكلمة في توجيه الأمة ناحية مصلحتها وهويتها الإسلامية التي لا نخزى منها بل نعتز بها ، وندافع عنها .. نعيش من أجلها أو نموت في سبيلها .
إن استقرار أمتنا يكمن في استقلال هويتنا ويكمن في استقلال ثقافتنا ، نحن أصحاب مشروع عالمي ألا وهو :
ندعو الناس إلى توحيد الله والعودة إلى منهجه القويم وصراطه المستقيم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله .
نحن لا نكره أحدا على الدخول في عقيدتنا ولكن نعرضها على الناس ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ولكننا لا نقبل أن يفرض علينا أحد ثقافة معينة ولا نظاما معينا .
أليس هذا من حقنا ؟ .
نحن لا نقبل أن نحكم بأهواء الناس ولكن نحكم بقوانين الشريعة الغراء السمحة .
أليس هذا من حقنا ؟ .







الثلاثاء، 9 أكتوبر 2012

معركة الهوية والمصالح الشخصية


الشعب المصري يقع اليوم بين هذين الفكين وذين النابين .

فهناك من السياسيين الحانقين ، والإعلاميين الحاقدين ، والأحزاب القائمة على عقيدة حددتها لأنفسها ، هذه العقيدة تبتعد بها عن خط منهج الله ، وتعتبر أن هذا هو ما يميزها ، وتبحث لهذا المذهب عن الأنصار والمؤيدين ، من خلال القصف الإعلامي ، والشتم والاتهام بالباطل لكل من ينتسب إلى الفكرة الإسلامية .

ووسائلهم تنحصر في بعض وسائل الإعلام المرئية والمقروءة ، والمؤتمرات التي يعقدونها هنا وهناك .

فحزب البرادعي وأتباعه يبحث عن ثغرة ينفذ بها إلى المواطنين من خلال خطأ للحكومة أو زلل من الرئاسة ، لعله يكسب أنصارا ، أو يجد له مكانا .

ويغمزون بألسنة حداد على الجمعية التأسيسية للدستور ، وعلى الرئاسة ، ومن قبل على مجلس الشعب ...

وعمرو حمزاوي ، يقول : لماذا لا تتزوج المسلمة بمسيحي ؟ !!

والرجل يقول – وهو حر – إنه لا يمنع زوجته من (القبلات) مع الممثلين في أفلامها وأعمالها الفنية .

ومنال الطيبي : تطالب بتدويل قضية النوبة ، وتريد فصلها عن مصر كدولة مستقلة !!

والأحزاب الليبرالية والعلمانية واليسارية تتجمع في تكتلات ضد العدو القادم والخطر الداهم ألا وهو الإسلاميون !!

فهم يحتكرون الديمقراطية لهم وحدهم ، أما غيرهم فليسوا ديمقراطيين ، مع أنك لو دققت النظر قليلا ستجد أن الإسلاميين أرقى من تعامل مع مبادئ الديمقراطية في الواقع العملي .

ومع قليل من النظر ويسير من التدبر تري أن المقصود هو إبعاد منهج الإسلام عن حكم مصر .

فالحرب إذن حرب هوية وليست ضد أفراد بأعيانهم .

فمصرلو حكمت بالإسلام ستكون قوة مخيفة لليهود والأمريكان والمستعمرين من كل لون وجنس ، وستكون عصا غليظة تلهب ظهور الطامعين ، وترد كيد الحالمين في موطئ قدم لهم في بلادنا والمنطقة العربية والإسلامية .

وحين يتوافق هوى المستعمر مع إرادة بعض المصريين في الداخل ، فذاك خطر ينبغي للمواطن أن ينتبه له ؛ لأن الخيوط أصبحت في يده والكل يراهن عليه .

وأظن أنه من الحق أن أقول : إن هذه الشعوب العربية والإسلامية عندها مناعة قوية ضد هؤلاء المتلاعبين بمصير البلاد وشؤون العباد .

وعندي على ذلك أدلة عملية أسوقها إليك :

فالحرب في ليبيا واليمن وسوريا على الشعوب لم تنجح رغم ضراوتها وحجم التضحيات الجسام التي قدمتها الجماهير الثائرة .

لكن النجاح كان حليف الشعوب ؛ لأن الله ينصر من ينصره ، ويخذل من يظلم ويعتدي .

وعندما فتح النظام السياسي في مصر عام 2005 الباب بعض الشيء أثناء الانتخابات التشريعية في مرحلتها الأولى فاز الإخوان المسلمون بمقاعد كثيرة ، فلما ضيق عليهم في المرحلتين التاليتين كانت الجماهير مصممة على انتخابهم رغم محاولات إغلاق اللجان الانتخابية ، وضرب القنايل المسيلة للدموع ، وانتظر الناس في بعض البلاد من السابعة صباحا إلى الخامسة مساء لكي يدلوا بأصواتهم ، حدث هذا في أماكن كثيرة منها محافظة الفيوم وخاصة مركز سنورس وفي محافظات أخرى .

وبعد الثورة وفي انتخابات نزيهة نيابية نجح التيار الإسلامي وعلى رأسه الإخوان بأغلية المجلس بغرفتيه .

وغم القصف الإعلامي غير المسبوق الذي مورس بإيعاز من المجلس العسكري .

وأظن أن المجلس العسكري أخر النتيجة أسبوعا كاملا ليتلاعب فيها ولولا خوفه من ثورة الشعب عليه لأعلن فوز زعيم الفلول الجديد وعنوان النظام العتيد أحمد شفيق .

- يعاون هؤلاء السياسيين الحانقين والإعلاميين الحاقدين في تلك المهمة

أصحاب المصالح من المفسدين الذين يستغلون مناصبهم في الإضرار باقتصاد البلاد ، فيساهمون في المطالب الفئوية ، وفي تهريب الوقود والبوتجاز ، ويملؤون جيوبهم من قوت الشعب المطحون الذي ضحى بأبنائه وأغلى ما يملك من أجل هذه الثورة ، وينتظر ما يجنيه منها فيقف هؤلاء حائلا دون حلم شعوبهم .

ومن منطق عدل الله المطلق ، ترى المفسدين يفضح أمرهم ويقبض عليهم متلبسين ، ويقدمون للمحاكمة في ذلة ومهانة وخزي وندامة ، غير مأسوف عليهم .

وهؤلاء السياسيون لن ينجحوا والسبب ببساطة أنهم دخلوا معركة بغير عتاد

أويخوضون الهيجا بغير سلاح .

فلم يعلنوا عن خطة لإنقاذ البلاد من الفساد والبلطجية ، ولا طريقة لتحسين الاقتصاد ولا مشاركة لدفع الحالة الأمنية إلى الأمام ، وليس عندهم من الكوادر معشار ما تجمع حول الرئيس وحزب الحرية والعدالة مثلا ..

وليس لديهم قاعدة شعبية ، ولا تواصل مع الجماهير ، فهم لا يجيدون سوى الكلام والنقد ،وليس لديهم عدد البناء والتعمير ، وأنى لهؤلاء أن يسودوا على شعب حر رفض الطغيان والظلم وثار على الفساد والمفسدين ؟ .

إن مناعة الشعوب أقوى من تدليس المنتفعين ، ومن يريدون طمس هوية هذا الشعب المسلم .

إن مصر بالذات يدخرها ربنا – سبحانه وتعالى – لصالح الإسلام والمسلمين ولمساندة شعوب المنطقة في نيل حريتها ، واستقلال قرارها .

ولا يكون إلا ما يريد الله عز وجل ، فليفهم هؤلاء طبيعة القضية ، وليريحوا أنفسهم ، وكيدهم لن يحرك جبال الحقيقة الراسخة ، ولا يزحزح تلال القضية الثابتة .

{{وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ إبراهيم 46 . أي وما مكرهم لتزول منه الجبال .

(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }يوسف 21 .

والحمد لله رب العالمين

الجمعة، 5 أكتوبر 2012

مكائد الأعداء ومناعة الشعوب :


ويقول صاحب الظلال - رحمه الله- معقبًا على الآية الكريمة : { يا أ يها الذين ءامنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون } :

وما يهادنها أعداؤها قط في أي زمان أو في أي مكان وفي مقابل ذلك لا تستغني عن المرابطة للجهاد ، حيثما كانت إلى آخر الزمان!

إن هذه الدعوة تواجه الناس بمنهج حياة واقعي . منهج يتحكم في ضمائرهم ، كما يتحكم في أموالهم ، كما يتحكم في نظام حياتهم ومعايشهم .

منهج ينظم شؤون كل هذه التفاصيل :

منهج خير عادل مستقيم . ولكن الشر لا يستريح للمنهج الخير العادل المستقيم؛ والباطل لا يحب الخير والعدل والاستقامة؛ والطغيان لا يسلم للعدل والمساواة والكرامة . . ومن ثم ينهد ( ينهضم ويبرز ويتطاول ويصمد ) لهذه الدعوة أعداء من أصحاب الشر والباطل والطغيان . ينهد لحربها المستنفعون المستغلون الذين لا يريدون أن يتخلوا عن الاستنفاع والاستغلال . وينهد لحربها الطغاة المستكبرون الذين لا يريدون أن يتخلوا عن الطغيان والاستكبار . وينهد لحربها المستهترون المنحلون ، لأنهم لا يريدون أن يتخلوا عن الانحلال والشهوات . . ولا بد من مجاهدتهم جميعاً . ولا بد من الصبر والمصابرة . ولا بد من المرابطة والحراسة . كي لا تؤخذ الأمة المسلمة على غرة من أعدائها الطبيعيين ، الدائمين في كل أرض وفي كل جيل .

هذه طبيعة هذه الدعوة ، وهذا طريقها . . إنها لا تريد أن تعتدي ؛ ولكن تريد أن تقيم في الأرض منهجها القويم ونظامها السليم . . وهي واجدة أبداً من يكره ذلك المنهج وهذا النظام . ومن يقف في طريقها بالقوة والكيد . ومن يتربص بها الدوائر . ومن يحاربها باليد والقلب واللسان . . ولا بد لها أن تواجه المعركة بكل تكاليفها ، ولا بد لها أن ترابط وتحرس ولا تغفل لحظة ولا تنام!!

والتقوى . . التقوى تصاحب هذا كله . فهي الحارس اليقظ في الضمير يحرسه أن يغفل؛ ويحرسه أن يضعف؛ ويحرسه أن يعتدي؛ ويحرسه أن يحيد عن الطريق من هنا ومن هناك .

ولا يدرك الحاجة إلى هذا الحارس اليقظ ، إلا من يعاني مشاق هذا الطريق؛ ويعالج الانفعالات المتناقضة المتكاثرة المتواكبة في شتى الحالات وشتى اللحظات . .

إنه الإيقاع الأخير في السورة التي حوت ذلك الحشد من الإيقاعات . وهو جماعها كلها ، وجماع التكاليف التي تفرضها هذه الدعوة في عمومها . . ومن ثم يعلق الله بها عاقبة الشوط الطويل وينوط بها الفلاح في هذا المضمار :

{ لعلكم تفلحون } صدق الله العظيم .

بعض ألوان الكيد الذي تعرض له الرسول – صلى الله عليه وسلم – من قريش المشركين ومن أهل الكتاب الكافرين :

من سورة الأنبياء :

اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ {1} مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ{2} لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ{3} قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{4} بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ{5} .

وما حق الهلاك على قوم من قبل إلا بسبب إصرارهم على الكفر وعدم استقبال منهج ربهم بالإيمان والتسليم :

{مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ}6 .

وقالوا إنما يسمع القرآن من فتى أعجمي في مكة ، ويرد القرآن عليهم :

{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ }النحل103 .

{- {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ }فصلت26

وقال الذين كفروا) عند قراءة النبي صلى الله عليه وسلم (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) إيتوا باللغط ونحوه وصيحوا في زمن قراءته (لعلكم تغلبون) فيسكت عن القراءة ( الجلالين ) .

- وكان أحدهم يجمع الناس فيحكي لهم قصص الفرس وملوكهم وغير ذلك ليشغلهم عن سماع القرآن .

- وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يغشى مجالس الناس فيعرض عليهم دعوة الله فيمر عليهم أبو لهب – وهو عمه – فيقول لا تصدقوه إنه كذاب !!

وحذروا الوفود الآتية إلى مكة من سماع محمد ، وكان منهم الطفيل بن عمرو الدوسي الذي وضع قطنا في أذنيه حتى لا يسمع النبي ، ثم سأل نفسه لماذا لا أسمع منه وأنا رجل شاعر أعرف الشعر والنظم من غيره ، فلما ذهب إلى النبي وسمع القرآن قال : ما هذا بشعر ولا هو بقول بشر ، وانطلق إلى الكعبة ونطق بالشهادتين على رءوس الناس

-أغروا به السفهاء وحرضوا على قتله وإيذاء أصحابه :

أرسلوا إليه رجلا كان يسمى شيطان العرب ، وهي قصة طرفاها سهيل بن عمرو ، وعمير بن وهب الجمحي ... وأسلم في النهاية سيدنا عمير بن وهب رضي الله عنه .

- وقصة الهجرة وسببها كان الإصرار على قتل النبي صلى الله عليه وسلم وغزوة الأحزاب ، وأحد وحمراء الأسد ، ويوم الرجيع ، وبئر معونة .....

- واليوم أمامنا مجتمع مسلم أعمل فيه الاستعمار منذ قرنين من الزمان وسائله التغريبية ، حيث فرض عليه ثقافة معينة وبرامج تعليم معينة وأسلوب حياة معين واستمر ذلك سنين عددا ، ولكن المجتمع المسلم ثار عليه وأخرجه مذموما مدحورا .

ولكنه خلف مكانه من يقوم بدوره ليضمن المستعمر مصالحه التي احتل بلادنا من أجلها ، وهم أولئك الطغاة من الحكام الذين يمدون أيديهم إليه بطلب البقاء ويبسطونها إلى شعوبهم بالتنكيل والإساءة .

وأغلق الطغاة أبواب الحرية ، وأهدروا كرامة الشعوب ، وضللوا الكثير من أفراد الشعب ، وصنعوا طبقة من المنتفعين ، المنتفعين بالمناصب والمستفيدين من الشركات والمصانع والأموال ، وصنعوا طبقة من أصحاب الشهوات وأرباب الملذات ، وأشاعوا الانحلال والتفسخ والميوعة ، وعمت البطالة بين أفراد الشعب والشباب خاصة .

فلما أردوا أن يخيروا الشعب بين منهج الإسلام ومناهج أخرى إذا بالشعب ينحاز إلى الإسلام وقيمه ، فالشعب لم يتغير بطول أيام الظلم ولم يتغير بطول أيام القهر .

ويقف الشعب ضد رغبة الحكام وضد من يمثلهم في كل أنحاء البلاد .

السبب الجوهري في هذا الأمر : إن هذا الشعب لديه مناعة تتمثل في الإسلام المتجذر في قلوب الناس ، المتوطن في قلوبهم .

ومن قبل فعل التتار الأفاعيل بالمسلمين ، وغلبوا المسلمين عسكريا ، وغلبهم المسلمون دينينا فأسلموا وعادوا إلى بلادهم مسلمين ، وأسسوا دولة تترستان الإسلامية .

والصليبيون مكثوا في فلسطين 94 أربعا وتسعين سنة ، منعوا فيها الأذان في فلسطين وجعلوا المساجد لخيولهم وركائبهم ، وطردوا في النهاية على يد صلاح الدين شر طردة ؛ لأن هذه الشعوب لديها مناعة اكتسبتها من الإسلام .

وستظل هذه المناعة ما بقي القرآن ، وستبقى ما بقيت سنة وسوله صلى الله عليه وسلم .

خطر خارجي وخطر داخلي :

والذين يؤذون النبي اليوم يريدون إقصاء الإسلام من الوجود ، والذين يمزقون المصحف ويتبولون عليه – وهو كتاب الله – يريدون بهذه الأفعال أن يقضوا على الإسلام في ظنهم .

إنها أفعال صبيانية تصدر من شياطين يدفعهم الحقد الدفين ، على الإسلام والمسلمين .

ذلك لما رأوا عدم إقدام الشباب على الكنائس ، بل يباع 10 عشرة في المئة منها لتتحول إلى مساجد ومشاريع ثقافية إسلامية ، مكتبات ، وقاعات للدروس ومدارس .

لما رأوا إعلان الإسلام يوميا في كل مدن أوربا بلا استثناء .

يسلم في ألمانيا 12 اثنا عشر ألفا سنويا ومثلها أو يزيد في فرنسا وأمريكا والبرازيل .

-والذين يريدون إقصاء الإسلام من الحياة اليوم في بلادنا ، تحت مسمى العلمانية .. اللبرالية ..اليسارية و الاشتراكية ..

كل هذه المسميات مقصودها واحد ألا وهو إبعاد الإسلام عن شؤون الحياة ، وإقصاء القرآن عن المال وعن التعليم وعن الشؤون الاجتماعية ، ليصير الإسلام مسألة شخصية .

ونسوا أن الذي اختار الإسلام هو الشعب ، ولو أعطي حق الاختيار في عهد النظام البائد لاختار الإسلام أيضا ، وكان الإسلاميون يفوزون في معمعة القهر والاضطهاد .

إنهم دخلوا الهيجا بغير سلاح فليس عندهم أفكار تخدم الوطن ، ولا خطة تنقذ الوطن ،ولا كوادر مخلصة مؤهلة لإصلاح شأن البلاد ، إنما يريدون الكاريزما !!

وماذا يقصدون بالكاريزما ؟ .

يقصدون البدلة الأنيقة والوقفة الرشيقة ، والصور الوضيئة ، والحرية المطلقة التي تدوس على الأدب والعفة والأخلاق النبيلة ولا تحسب للفضيلة أي حساب .

وتناسوا أن الإسلاميين هم أكثر من دفعوا فاتورة هذه الحرية :

حيث أعدم منهم رجال وسجنوا وشردوا ، وعمل الإعلام ضدهم عدة عقود من الزمان ، حتى تحققت ، فبرز إلينا هؤلاء المتفسخون المنحلون يريدونها حرية بلا قيم ، وحرية بلا دين ، يريدون أن يعيشوا بعيدا عن الله .

فلماذا كانت الثورة إذن ؟ .

أكانت الثورة ليسرقها هؤلاء اللصوص ، ويقع المجتمع تحت الضلال والتحلل مرة أخرى ، وما أسهل أن يأتي الاستعمار من قبل هؤلاء !

لن يختار الشعب هؤلاء الغوغائيين ، وسينحاز إلى شرع ربه المبين وسنة نبيه الأمين .

وسيعود الناس إلى فطرتهم التي فطرهم الله عليها ، وإن غدا لناظره قريب ،

{ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً }الإسراء 51

{ ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم ءامنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إل الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ..... فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) من 60 – 65 النساء .

والحمد لله رب العالمين .