ومما ورد في حب الله

ومما ورد في حب الله تعالى :

قال هرم بن حيان: المؤمن إذا عرف ربه عز وجل أحبه وإذا أحبه أقبل إليه، وإذا وجد حلاوة الإقبال إليه لم ينظر إلى الدنيا بعين الشهوة ولم ينظر إلى الآخرة بعين الفترة وهي تحسره في الدنيا وتروحه في الآخرة.

وقال يحيى بن معاذ: عفوه يستغرق الذنوب فكيف رضوانه؟ ورضوانه يستغرق الآمال فكيف حبه؟ وحبه يدهش العقول فكيف وده؟ ووده ينسى ما دونه فكيف لطفه؟.

وفي بعض الكتب: عبدي أنا -وحقك - لك محب فبحقي عليك كن لي محباً.وقال يحيى بن معاذ: مثقال خردلة من الحب أحب إلي من عبادة سبعين سنة بلا حب.

وقال يحيى بن معاذ:

إلهي إني مقيم بفنائك مشغول بثنائك، صغيراً أخذتني إليك وسربلتني بمعرفتك وأمكنتني من لطفك ونقلتني وقلبتني في الأعمال ستراً وتوبةً وزهداً وشوقاً ورضاً وحباً تسقيني من حياضك وتَهملني في رياضك ملازماً لأمرك ومشغوفاً بقولك، ولما طر شاربي ولاح طائري فكيف أنصرف اليوم عنك كبيراً وقد اعتدت هذا منك وأنا صغير، فلي ما بقيت حولك دندنة وبالضراعة إليك همهمة لأني محب وكل محب بحبيبه مشغوف وعن غير حبيبه مصروف.

وقد ورد في حب الله تعالى من الأخبار والآثار ما لا يدخل في حصر حاصر وذلك أمر ظاهر، وإنما الغموض في تحقيق معناه فلنشتغل به.


أحب الأعمال إلى الله

( أحب الأعمال إلى الله }
1 - أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل .
2- أحب الأعمال إلى الله الصلاة لوقتها ثم بر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله .
3 - أحب الأعمال إلى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله .
4 - أحب الأعمال إلى الله إيمان بالله ثم صلة الرحم ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأبغض الأعمال إلى الله الإشراك بالله ثم قطيعة الرحم .
5- أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور ٌ تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينًا أو تطرد عنه جوعًا ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في المسجد شهرًا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظًا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضيً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزول الأقدام وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل .
6- يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل .
{ هذه الأحاديث من تخريج السيوطي وتحقيق الألباني }

السبت، 8 ديسمبر 2012

إقامة الدولة التي تحمي الدعوة

الهجرة لإقامة دولة تحمي دعوة بقلم: الشحات عطا من أئمة الأوقاف .  الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وبعد :
. 1 المصالح الخاصة والمكاسب المالية تقف في وجه دعوة الحق . إن الحق مهما كان واضحًا وميسرًا وإنسانيًّا وواقعيًّا فإنه بحاجة إلى قوة تحميه وتحمله وأُمّة تعيه وتمثّله وإن المتأمل في حقيقة الهجرة يدرك أنها كانت من أجل البحث عن قوةٍ تحمي دعوة الحق وقومٍ ينالون شرف تحمِّل المشروع الإسلامي بعد أن رفض أصحاب المصالح الخاصة من أمثال أبي لهب الذي قاد حملة إعلامية شرسة حتى لا تقوم للإسلام قائمة في مكة تؤثر على مصالحه المالية ومكاسبه الخاصة وفيه نزل قول الله " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ 1 مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ"(المسد:1،2). إن معاداة أبي لهب ورفاقه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن لجهلهم برسول الله ورسالته الإصلاحية، وإنما خوفًا على مصالح مالية ومكاسب خاصة "ماله وما كسب" تهددها طبيعة الرسالة الجديدة . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد في مكة ونشأ فيها نشأة دينية نال بها لقب الصادق الأمين وكان أمره- كشاب متدين- معلومًا لجميع أهل مكة، وما إن أخبر أهل مكة بأنه يحمل إليهم مشروعًا من رب العالمين لرحمة حياتهم والنهوض ببلدهم حتى قام يواجهه نفر ممن كانوا يعدون أنفسهم نخبة في مكة كانت تحظى بالسيطرة المالية والاجتماعية.. قام هؤلاء في وجه المشروع الإسلامي، رافضين أن يسيّر هذا الدين الجديد حياتهم وينظم شئونهم ويحررهم من عبودية البشر للبشر ومن سيطرة الإنسان على أخيه الإنسان . انتفض أصحاب المصالح الخاصة ومن عاشوا لسنوات يستعبدون الناس ويسخرونهم لشهواتهم ويسرقون تعبهم وقوتهم.. انتفض أصحاب المصالح الخاصة يدافعون عن أوضاعهم ومكاسبهم وقادوا حملة إعلامية مضللة لتشويه صورة رسول الله حينًا وتشويه مشروعه أحيانًا . وتحرك كبيرهم أبو لهب بدافع حماية أمواله ومكاسبه حركة إعلامية تتبّع خلالها كل عمل أو مقابلة يقوم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصرف الناس عن هذا الدين العظيم ويقلب الحقائق ويقول للناس عن الصادق الأمين إنه كاذب وساحر وبه مرض ومجنون ووو… ولما قاومت مكة المشروع الإسلامي ولم تكن أهلاً لتحمُّلِه، أخذ رسول الله يبحث عن أرض وقوم ينالون هذا الشرف العظيم، وبعد محاولات هدى الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى بلدة طيبة تستحق أن تنال هذا الشرف؛ فكانت المدينة المنورة وكان الأنصار الذين نالوا شرف تحمّل المشروع الإسلامي وإيواء إخوانهم المهاجرين . 2 - وجوب العمل الجماعي لبناء الدولة وحمايتها . وبدأت مرحلة جديدة في عمر الأمة الإسلامية بالهجرة تعيَّن في هذه المرحلة على كل مسلم أن يتحرك ليشارك في بناء الدولة الإسلامية الوليدة ويهاجر إليها ولم يعد يُسمح لمسلم أن يتخلف - بدون عذر - عن الهجرة لينال الجميع شرف المشاركة في بناء أول دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية وحمايتها والعمل على رفعتها ونهضتها "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ 72 وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ 73 وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ 74 وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" (الآيات من الأنفال ٧٢ -٧٥) لا بد من دراسة مع المجتمع؛ لأنها تؤكد وجوب العمل الجماعي من أجل بناء وحماية الدولة الجديدة وهذا في صلب حدث الهجرة، وهو المفهوم من قوله تعالى في كل الآيات المذكورة في السياق " بعضهم أولياء بعض " سواء فيما يخص المؤمنين أو الكافرين . واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم للدولة الجديدة اسمًا مدنيًّا يليق بمدنية الإسلام ورقيه وحضارته فغيرها من يثرب إلى المدينة المنورة . : لماذا يرتبط نزول أكبر سور القرآن الكريم بحدث الهجرة ؟ ونزلت على النبي صلى الله عليه وسلم أول سورة مدنية وأكبر سورة في القرآن الكريم كله- البقرة- لتنظم شئون الدولة الإسلامية الوليدة وتحافظ على سلامة بنيانها وتقوي أركانها . ولقد نزل فيها من الأحكام الكثير كالجهاد والقصاص والزواج والطلاق والمتعة وأحكام الحيض والفرائض الخمس والصدقات والمعاملات كالتجارة والرهن والدين وتحريم الربا بالإضافة إلى تحويل القبلة والعقائد والأخلاق وتكليف الأمة بالرسالة بعد أن فشل في حملها بنو إسرايل ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) . إن الهجرة ليست مجرد حدث، وإنما مرحلة جديدة في عمر أمة الإسلام انتقلت فيها الأمة من الضعف والاستضعاف إلى القوة والتمكين وأصبح للإسلام دولة تحمي دعوته ورسالته؛ ومن هنا استحقت الأمة - بعد أن أقامت الدولة- أن تنال شرف نزول المفصَّل من القرآن الكريم ليفصل لها منهاج حياتها الذي إن اتبعت هداه فلا خوف عليها ولا حزن، هذا ما نص عليه الله عزوجل تعقيبًا على أول قصص سورة البقرة: "فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ" (البقرة: 38) وهكذا رد الله في أول قصة في سورة البقرة ما ذكره كفار مكة من افتراء في سورة القصص حين حاربوا الهدى الرباني بحجة الخوف على مصالحهم ومكاسبهم وأوضاعهم "وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ 57 وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ 58 وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ" (القصص: ٥٧-٥٩) فعلم الله المؤمنين والمؤمنات أن اتباع الهدى الرباني واحترام شريعة الله هو سر قوة الأمة وحمايتها من الخوف والحزن وأن التطاول على شرع الله والتنكر له والبطر على ما أنعم الله به هو الظلم المفضي لهلاك الأمم والشعوب "وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ 58 وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ" (القصص:58،59). 3 - أكبر سور القرآن لحماية الدولة الوليدة من عَمالة المنافقين وإفسادهم والتحذير منهم : وافتتحت السورة الكريمة بالحديث عن سكان الدولة الجديدة وصنفتهم إلى مؤمنين متقين في خمس آيات، وكافرين جاحدين في آيتين، ومنافقين متآمرين ومتخابرين مع شياطينهم ضد مصالح الدولة الجديدة في ثلاث عشرة آية متصلة، وأكدت سورة البقرة وفصلت في صفات المنافقين باعتبارهم الخطر الأكبر على الإسلام ودولته الوليدة، ثم تخللت السورة آيات وآيات تتحدث عن صور تآمر المنافقين وعلاقاتهم بسادتهم اليهود وحرصهم على الإفساد في الأرض وإهلاك الحرث والنسل، وذكرت السورة في مطلعها من صفاتهم التي تهدد الدعوة والدولة ما يلي : - ادعاء المنافقين الإيمان وخواء قلوبهم منه "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ" (8) الخداع اللفظي والخداع الحركي والفعلي "يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ" (البقرة: 9 مرضى القلوب "فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ"(البقرة: 10 كذابون "وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ" (البقرة: 10 يفسدون في الأرض ويدّعون الإصلاح " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ" (البقرة: 11 يسفهون اختيار الناس ويتعالون عليهم " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء" (البقرة: 13). وإيمان الناس كان اختيارًا سفهه المنافقون، وهكذا يفعلون مع كل اختيار لا يوافق سفههم "أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء "( 13 المداراة والمداهنة " وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا" (البقرة: 14 التخابر والعمالة للصهاينة، وهو ما استفيده من معنى الخلوة الذي يوحي بعمل لا يروق في العلن "وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ" (البقرة: 14) أصحاب مشاريع ومكاسب خاصة يبيعون لأجلها الإيمان والأوطان "أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ" (البقرة: 16). حواسهم تجاه مصلحة الدين والوطن معطلة "صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ" (البقرة: 18 ) 4 المنافقون . (هم العدو فاحذرهم وهكذا علّم الله رسوله أول مقدمه المدينة المنورة وهو يضع اللبنات الأولى في بناء الدولة الجديدة أن المنافقين هم الخطر الحقيقي على الدين والوطن، وظلت آيات وسور تتنزل على رسول الله في المدينة ترصد حركة المنافقين وتؤكد للرسول وللمؤمنين أن المنافقين هم العدو الذي ينبغي الحذر منه "هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ" (المنافقون: ٤) وأن المنافقين هم من سيسعون للإرجاف في المدينة وسيحاولون فتح أعين الأعداء على عورات الوطن وسيتربصون بالمؤمنين الدوائر ولن تنقطع علاقاتهم المشبوهة بالخارج "الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ" (النساء:141) . أرأيتم إخواني مصطلح الاستحواذ .. من الذي يستخدمه ؟ . وصدق ربنا حين قال "وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ" (محمد:30) وأنهم سيقفون بكل طاقاتهم في مواجهة الدولة ذات المرجعية الإسلامية ولن يقبلوا أي دعوة إلى التحاكم للكتاب والسنة " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا" (النساء: الآية61) " رأيت المنافقين " معسكر موجود له أهدافه المتمثلة في الصدود المطلق عن شرع الله ولهم كذلك ولاءاتهم التي تستهدف إلحاق المصائب بالوطن ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله "فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا" (النساء: الآية 62) " وهذه الآيات من أول الربع في النساء تحتاج إلى خطبة تفضح أفعال المنافقين وإرادتهم التحاكم إلى الطاغوت وكراهيتهم لتحكيم الشرع وصدهم المطلق عن هذا التوجه . أيها المؤمنون والمؤمنات، إن معرفة النفاق والدراية بصفات المنافقين فريضة وضرورة، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أطلعنا على علامات المنافقين ( ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة )، ينبغي أن نتنبه لهذا الخطر الذي يستهدف الإفساد في الأرض وإهلاك الحرث والنسل، وإن من كبار الصحابة من كان يخشى على نفسه النفاق ويقول لأمين سر رسول الله "أعدّني لك رسول الله ؟ ! " … ألا يخافون من قول الله تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) . يجب تفصيل الحديث عن صفات المنافقين وخطرهم على الدين والوطن وكيف هددوا مسيرة الدعوة والدولة ولم يردعهم شيء وغرَّهم حلم رسول الله عليهم حتى نزل وعيد الله لهم بعد تآمرهم على الدين والوطن في الأحزاب " لئن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا 60 مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا 61 سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا " (الأحزاب 60.62 إن من سنن الله التي لا تتبدل: أن من يخون دينه ووطنه سيحرمه الله من هداية الدين وسيحرمه من العيش في رحاب الوطن …" ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا" (الأحزاب: ) 60 .) ومن ضرورات الاستقرار في المجتمع التآخي والمآخاة وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم . إن دستور الدولة أمر واجب من الناحية الشرعية وقد تم بالفعل وضع دستور المدينة ، وكانت هناك أمور تفصيلية تحت هذا الدستور تشمل الأمور الحياتية والمعاشية للناس . إن تنظيم حياة الناس من زواج وطلاق ومتعة وتجارة ورهن ودين ، وأمور العبادات كالصيام والصلاة والحج والجهاد ، وفضح المنافقين وذكر صفاتهم لتحذير المؤمنين من مخططاتهم من أجل سلامة المجتمع والوطن . إن الحرب التي يشنها اليوم أولئك الذين يريدون إقصاء منهج الله عن الحياة ، دافعهم لذلك هو جعل الدين مسألة شخصية في المساجد والبيوت ، وإبعاده عن تنتظيم الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية وهذا ما يريدون أن يدرجوه في الدستور الجديد . إن الذين يوهمون الناس أن مصالح العباد من مسلمين ونصارى وغيرهم ليست في ظل شريعة الإسلام ، هؤلاء لا يمثلون شعوبنا ، وفعلهم هذا يخرج بهم عن نطاق الإسلام نفسه . نحن نعلنها عالية مدوية واضحة جلية ، نحن شعب مسلم وهويتنا إسلامية ودستورنا لا بد أن يعبر عن دين الأمة وهويتها ، ولن نقبل إلا بذلك . إن نجاح الجيل الأول من المسلمين يعزى إلى ثقافتهم الإسلامية الخالصة ، وإلى اتباعهم هدي القرآن والسنة ، وتنحية ما يصطدم مع هويتنا وثقافتنا . ونحن – جمهور المتدينين – أئمة ودعاة ومصلحين سنقف بكل ما نملك من قوة لإقامة الدولة المدنية لحماية الدعوة ، وتعود الأمة لرسالتها التي كلفها الله بها ، ندعو لعبادة الله وحده ، والتحاكم إلى منهجه وحده ، ونحن على ذلك مصرون ، وله عاملون ، وبنصر الله واثقون ، ( ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا ) الإسراء 51.

الاثنين، 3 ديسمبر 2012

الأمل سلاح الأقوياء وطريق العظماء

بقلم: خميس النقيب على طريق الحق يتصل العظماء من الأنبياء والمرسلين والتابعين بربهم؛ أملاً وعملاً، وعلى طريق الدعوة والدعاة تتكاثر أسباب العمل، وتتسع بوارق الأمل؛ لكشف الظلم ونهوض الأمم وبلوغ القمم عندما تتلبد الأجواء بالغيوم، وتتكاثر في الأرض الهموم، وتخبو الأنوار في الحياة، وتتراكم الظلمات بعضها فوق بعض، هنا يتجلى في الأفاق شعاع نافذ، علاج شافٍ، درس عظيم هو درس الأمل ، أعداء يتربصون بالإسلام يومًا بعد يوم، بل ساعة بعد ساعة، بل لحظة بعد لحظة، يبثون سمومهم، وينشرون أمراضهم، ويمررون حقدهم، لماذا؟!! يريدون أن يلحدوا هذا الشعب ويحطموا أخلاقه، يودون أن يذهبوا قيمه ويدمروا مبادئه ويطمسوا هويته ويعلمنوا دستوره . أحمال ثقيلة على أصحاب الدعوات، عقبات كبيرة في طريق المصلحين والمصلحات، هنا يبزغ فجر الأمل، الأمل الذي كان يصحب النبي صلى الله عليه وسلم عندما ادلهمت حوله الخطوب وتكاثرت عليه الشدائد وترادفت أمامه النوازل، وأحاطت به الضوائق فلجأ إلى ربه مؤملاً فيما عنده يعلمنا أنه لا سبيل لانتظار الفرج إلا بالتوجه إلى الله ولا سبيل لمقارعة الباطل إلا بالاستعانة بالله ولا سبيل لمواجهة الهموم إلا بالتوكل على الله، والله عز وجل يداول الأيام بين الناس (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) (آل عمران: 140 ويعلمنا أن القوي لا يظل قويًّا أبد الدهر، والضعيف لا يظل ضعيفًا طول العمر وإنما يجعل الله من بعد الضعف قوة ومن بعد المرض صحة، ومن بعد العسر يسرًا، ومن بعد الخوف أمنًا ويجعل الله من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم فرجًا فالمؤمن يجب أن يتوجه إلى ربه عز وجل، يؤمل فيما عند الله عز وجل يجب ألا ييأس المؤمن؛ لأن اليأس شيمة الكافرين، وطريق المنافقين (إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف: 87)، إن اليأس قاهر للرجال، محطم للأجيال، مضيع للأعمال، مدمر للآمال، أما الأمل فهو قوة دافعة تشرح الصدور، وتشرق الوجوه، وتبعث النشاط، الأمل إكسير الحياة، وصانع السرور، إنه حلو المذاق، جميل المحيا، عالي القيمة، والمؤمن أوسع الناس أملاً وأصفاهم نفسًا وأطهرهم قلبًا وأرحبهم صدرًا، وأكثرهم تفاؤلاً واستبشارًا لماذا؟!! لأنه يؤمن بأن هناك قوة تدبر هذا الكون لا يخفى عليه شيء ولا يعجز عن شيء، قوة غير محدودة وغير محصورة وغير منتهية، هي قوة الله الذي يحي ويميت، يغني ويفقر، يعطي ويمنع، يعز ويذل (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران: 26)، يجيب المطر، ويكشف السوء، أرحم بعباده من الوالدة بولدها، وأبر بخلقه من أنفسهم . المؤمن يجد في ربه الملاذ في الشدة، والأنيس في الوحشة، والنصير في القلة، والمغيث في الكربة، والنور في الظلمة.. إذا حارب كان واثقًا في النصر؛ لأنه مع الله ، فالله معه (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ* وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) (الصافات- 173:172) وإذا رأى الباطل ينتفش في غفلة أهل الحق أيقن أن الباطل في اندثار، وأن الحق في انتشار (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (الأنبياء: 18) يتجه إليه المكروب يسأله الصبر والرضا، ويتجه إليه المظلوم يؤمل في عونه ونصره، ويتجه إليه المحروم يسأله أن يرزقه ويُعطيه، ويتجه إليه المكلوم راجيًا الأجر والثواب: (إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) (النساء: 104).. إنه طريق العظماء.. كيف؟! إبراهيم عليه السلام طلب الولد وهو شيخ كبير (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) (الصافات: 100)، {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ }الصافات101 ويعقوب عليه السلام بعد أن طالت غيبة يوسف ، وزاد على ذلك غياب أخويه فصاروا ثلاثة غائبين عنه فكان جديرًا أن يفقد الأمل في لقائهم، إلا أنه لم يتسرب إليه اليأس بل قال: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (يوسف: 83) أيوب عليه السلام أصابه مرض عضال فأمل فيما عند الله من شفاء في أدب جم صبر جميل (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ 83 فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) (الأنبياء:83 – 84 . يونس عليه السلام ابتلعه الحوت وكان محاصرًا بظلمات ثلاث ولكنه لم يفقد الأمل (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ 87 فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) (الأنباء- 88:87). موسى عليه السلام يسري بقومه؛ لينجو بهم من فرعون وجنوده فكان العدو من خلفه والبحر من أمامه (فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ 60 فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) (الشعراء: 60، 61)، لكن موسى لم يفزع ولم ييأس وتحلى بالأمل قائلاً: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء: 62)، ونُجي موسى وأصحابه ولم يذهب أمله سدى .. محمد صلى الله عليه وسلم في الهجرة يطمئن أبو بكر في الغار ما ظنك باثنين الله ثالثهما (لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا) (التوبة: 40)، وهو الذي قال لابنته فاطمة رضي الله عنها: "إن الله مانع أباك وقال لزيد بن حارثة عندما أراد أن يعود إلى مكة بعد أحداث الطائف إن الله جاعل لما ترى فرجًا ومخرجًا إن الله ناصر دينه ومظهر نبيه . ويتكالب الأعداء على الدعوة ويتألم الشرك الوثني بكل عناصره، والغدر اليهودي بكل تاريخه، ويشتد الأمر على النبي وأصحابه.. قريش وغطفان من خارج المدينة، اليهود والمنافقون من الداخل، والقران يصور هذا الموقف: (إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا 10 هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا) (الأحزاب- 11:10). في هذه الساعات العصيبة التي يتلاشى فيها عود الأمل، ويخبو فيها شعاع الرجاء، ولا يفكر المرء إلا في الخلاص والنجاة، تجد النبي يشارك مع أصحابه في حفر الخندق لصد الغزاة وتعويق الطغاة، يحدث النبي أصحابه عن الغد المأمول والمستقبل المرجوحين يفتح الله عليهم بلاد كسرى بفارس، وبلاد قيصر بالشام، وبلاد اليمن بالجزيرة حديث الواثق المطمئن المؤمل فيما عند الله حتى أثار المنافقين: إن محمدًا يعدنا كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يأمن أن يذهب إلى الخلاء وحده (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) (الأحزاب: 12)، ومنافقو اليوم يرددون نفس المنطق في الإعلام، ويثيرون حفيظة الناس أنه لن يتحقق شيء مع الإسلاميين ولكن الله سيخذلهم ويوفق المصلحين إلى النهوض والانطلاق والإشراق بإذنه تعالى . في الهجرة من مكة والنبي خارج من بلده خروج المطارد المضطهد الذي يغير الطريق، ويأوي إلى الغار، ويسير بالليل، ويختفي بالنهار، يقول لسراقة: "يا سراقة؛ كيف بك إذا ألبسك الله سواري كسري؟ فيعجب الرجل ويبهت ويقول: كسري بن هرمز؟ فيقول: (نعم)، فيتحول قلب سراقة من طالب لمحمد صلي الله عليه وسلم إلى حارس له يعمي القوم عنه . إن أشد ساعات الليل ظلمة تسبق بزوغ الفجر، وأشد لحظات السماء تلبدًا بالغيوم تسبق هطول المطر، وأشد أوقات المرأة إيلامًا تلك التي تسبق نزول الولد!! وإلا ماذا تسمي الشعاع الذي يبزغ في دياجير الأحداث من القلوب الكبيرة فينير لها الطريق، ويبدد أمامها الظلام، وينزل عليها الغيث؟ الأمل للمصلحين ينير دربهم ويقوي عزمهم ويشد أزرهم ويجمع أمرهم ويبدد اليأس في طريقهم، مهما تكاثرت العقبات وكانت الصعوبات، مهما ترادفت الضوائق وكانت الشدائد، إنه الأمل في نصر الله (بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ 5 وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (الروم- 6:5) من كان يظن أن أهل غزة رغم قلة عددهم وعتادهم سينتصرون على أعتى قوة عسكرية في الشرق الأوسط ؟! إنه الإيمان والأمل والعمل . من كان يظن أن شعوب الربيع العربي ستطيح بكل الطغاة في فترة لا تساوي في عمر الزمن شيئًا؟ أليس الأمل والصمود والعمل . من كان يظن أن المُعتقل المُشاكس في برلمان 2005 (الاحتياطي) دكتور مرسي سيخرج من سجنه إلى رأس الدولة رغم التعويق والتشويه والتشتيت؟! أليس الأمل والثبات والعمل ؟ ! الأمل لا بد منه لدعم الرسالات وإقامة النهضات ونجاح البطولات، وإذا فقد المصلح أمله فقد دخل المعركة بلا سلاح، بل بلا يد تمسك بالسلاح، فأني يرتجي له نجاح؟ أو يأتي إليه فلاح؟ أما إذا استصحب الأمل فإن الصعب سيهون، والضر سينكشف، والبعيد سيدنو، والأيام تقرب البعيد، والزمن جزء من العلاج . وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }يوسف21