ومما ورد في حب الله

ومما ورد في حب الله تعالى :

قال هرم بن حيان: المؤمن إذا عرف ربه عز وجل أحبه وإذا أحبه أقبل إليه، وإذا وجد حلاوة الإقبال إليه لم ينظر إلى الدنيا بعين الشهوة ولم ينظر إلى الآخرة بعين الفترة وهي تحسره في الدنيا وتروحه في الآخرة.

وقال يحيى بن معاذ: عفوه يستغرق الذنوب فكيف رضوانه؟ ورضوانه يستغرق الآمال فكيف حبه؟ وحبه يدهش العقول فكيف وده؟ ووده ينسى ما دونه فكيف لطفه؟.

وفي بعض الكتب: عبدي أنا -وحقك - لك محب فبحقي عليك كن لي محباً.وقال يحيى بن معاذ: مثقال خردلة من الحب أحب إلي من عبادة سبعين سنة بلا حب.

وقال يحيى بن معاذ:

إلهي إني مقيم بفنائك مشغول بثنائك، صغيراً أخذتني إليك وسربلتني بمعرفتك وأمكنتني من لطفك ونقلتني وقلبتني في الأعمال ستراً وتوبةً وزهداً وشوقاً ورضاً وحباً تسقيني من حياضك وتَهملني في رياضك ملازماً لأمرك ومشغوفاً بقولك، ولما طر شاربي ولاح طائري فكيف أنصرف اليوم عنك كبيراً وقد اعتدت هذا منك وأنا صغير، فلي ما بقيت حولك دندنة وبالضراعة إليك همهمة لأني محب وكل محب بحبيبه مشغوف وعن غير حبيبه مصروف.

وقد ورد في حب الله تعالى من الأخبار والآثار ما لا يدخل في حصر حاصر وذلك أمر ظاهر، وإنما الغموض في تحقيق معناه فلنشتغل به.


أحب الأعمال إلى الله

( أحب الأعمال إلى الله }
1 - أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل .
2- أحب الأعمال إلى الله الصلاة لوقتها ثم بر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله .
3 - أحب الأعمال إلى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله .
4 - أحب الأعمال إلى الله إيمان بالله ثم صلة الرحم ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأبغض الأعمال إلى الله الإشراك بالله ثم قطيعة الرحم .
5- أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور ٌ تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينًا أو تطرد عنه جوعًا ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في المسجد شهرًا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظًا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضيً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزول الأقدام وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل .
6- يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل .
{ هذه الأحاديث من تخريج السيوطي وتحقيق الألباني }

الاثنين، 20 سبتمبر 2010

رد على مقال الجماعة والجماعة الوطنية

رد على مقال الجماعة والجماعة الوطنية
/ للأستاذ محمود عبده .
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وبعد :
قرأت مقال الأستاذ محمود عبده على الموقع الموقر ( رسالة أون لاين )
ونص المقال هو :
تعجبت من تصريحات قياديي الإخوان المسلمين : الدكتور محمد البلتاجي والدكتور عصام العريان لجريدة "المصري اليوم" يوم الأحد الماضي ، فقد قالا إن الاتجاه العام للجماعة هو المشاركة في انتخابات مجلس الشعب القادمة ، إلا إذا أجمعت القوى الوطنية على المقاطعة ، حينها ستلتزم الجماعة بهذا الإجماع وستقاطع الانتخابات !! ومصدر عجبي ها هنا أن الدكتور البلتاجي والعريان يعلمان أن أحزاب الوفد والتجمع والناصري اختارت المشاركة في الانتخابات ، ليس حباً في الوطن ، ولكن لأن النظام وعدهم بأن يوزع عليهم المقاعد التي فاز بها الإخوان في الانتخابات السابقة ، وقد قبلوا الصفقة رغم علمهم أن مجلس الشعب القادم هو من ستتم على يديه الخطوات الأخيرة في التوريث ، فكيف يربط الإخوان قرارهم بقرار الأقليات المنتفعة في تلك الأحزاب ، والتي تقدم مصالحها الشخصية على أي مصلحة أخرى ؟! ..
الإخوان يعلمون أنهم لن يحصلوا في الانتخابات القادمة على ما حصلوا عليه من مقاعد في الانتخابات السابقة ، ولا حتى ربعه ، ويعلمون أيضاً أنهم رغم وجودهم في المجلس الحالي فقد صدرت أسوأ قوانين وتعديلات دستورية في تاريخ مصر ، أي أن وجودهم بأكثر من ثمانين عضواً لم يمنع تلك القوانين ، بل أضفى شرعية على المجلس وقوانينه المعادية للشعب!! وهم يعلمون أن القوى السياسية الأخرى تتهمهم بأنهم لا يدخلون في تحالفات إلا لمصلحة الجماعة ، وبأنهم دوماً يتحركون في الجبهات السياسية في حدود مصالح الجماعة ، دون النظر للمصلحة الوطنية العامة ، فإن كانت مصر اليوم على مفترق طرق ، وكانت المقاطعة هي قرار القوى الوطنية الساعية للتغيير، فلماذا لا يلتزم الإخوان بقرار المقاطعة حتى لو كان قراراً خاطئاً ، حفاظاً على تماسك الجبهة الوطنية التي تمثلها الجمعية الوطنية للتغيير ، واحتراماً لعضوية الإخوان فيها ؟!! أوليس الاعتصام بالقرار الوطني في هذه الظروف هو الأجدى على مصر والمصريين وإن تعارض ذلك مع مصلحة الجماعة ؟!

*كاتب وباحث

ولي بعض التساؤلات والردود البسيطة على حضرته ، وسأدخل في الموضوع بسرعة بدون مقدمات :
هل كان الإخوان يرضون عن القوانين التي سنت في المجلس أم كانوا يرفضونها ويعطون البديل ؟ .
هل كان الأفضل أن يقف الإخوان موقفا سلبيا يتفرجون أم يقفون في وجه الظالم يصرخون ؟ .
أليس من الأجدر أن يدخل الإخوان هذه الانتخابات مما سيضطر النظام إلى التزوير وبالتالي فضحه وقطع الطريق عليه كي لا يدعي النزاهة والديمقراطية .
ومع ذلك يبقى الخيار للإخوان مفتوحا في الدخول وعدمه حسب الضمانات المتاحة لنزاهة الانتخابات .
وأسأل حضرتك : كم كلف الإخوان المسلمين دخول مجلس الشعب من الإيذاء والسجن ؟ .
هل كل ذلك كان يصب في مصلحة الجماعة أم في مصلحة الوطن ؟
هل سيادتك تابعت استجوابات الإخوان في مجلس الشعب ، وتابعت القضايا التي ناقشوها وعالجوها ؟ .
أليس الإخوان أكبر فصيل سياسي في مصر - بشهادة الجميع - فإذا أزيح هذا الفصيل القوي من أمام النظام المتوحش فهل ذلك في مصلحة الجماعة أم في مصلحة الوطن ؟ .
واعلم يا أستاذ محمود أن مصلحة الجماعة هي مصلحة الوطن ، واقرأ إن شئت إصدارات وأدبيات الإخوان قديمًا وحديثًا .
ولو كان الإخوان أصحاب مصالح خاصة لما ظلوا متهمين من النظام طوال كل هذه العقود ، ولاستطاعت النظم المتعاقبة التغلب عليهم وعلى قياداتهم من خلال تلك المصالح المزعومة .
هل اشتراك الإخوان في حرب فلسطين لدحر اليهود كان مصلحة خاصة ؟ .
هل اشتراك الإخوان في حرب تحرير القنال لطرد المستعمر كان مصلحة خاصة ؟ .
ألا يعد صمود الإخوان لتغيير نظام الحكم بالطريقة السلمية القانونية الدستورية جهادا يحمدون عليه ؟ .
ألا يعد رفض الإخوان للإرهاب والتطرف ، ودعوتهم للوسطية في فهم الإسلام والدعوة إليه أمرًا يحمدون عليه ؟ .
وإلى سبادتك بعض ما قاله الإخوان في شأن الوطن والأوطان :
يقول الشيخ البنا في رسالة دعوتنا من كتاب مجموعة الرسائل ( مع بعض الاختصار ) :
نحب أن نصارح الناس بغايتنا ، وأن نجلي أمامهم منهجنا ، وأن نوجه إليهم دعوتنا ، في غير لبس ولا غموض ، أضوأ من الشمس وأوضح من فلق الصبح وأبين من غرة النهار.
بـــراءة
ونحب مع هذا أن يعلم قومنا – و كل المسلمين قومنا – أن دعوة الإخوان المسلمين دعوة بريئة نزيهة ، قد تسامت في نزاهتها حتى جاوزت المطامع الشخصية ، واحتقرت المنافع المادية ، وخلفت وراءها الأهواء والأغراض ، ومضت قدما في الطريق التي رسمها الحق تبارك وتعالى للداعين إليه :
(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108) .
فلسنا نسأل الناس شيئا ، و لا نقتضيهم مالا ولا نطالبهم بأجر ، ولا نستزيد بهم وجاهة ، ولا نريد منهم جزاء ولا شكورًا ، إن أجرنا في ذلك إلا على الذي فطرنا.

عـاطــفة
و نحب أن يعلم قومنا أنهم احب إلينا من أنفسنا ، و أنه حبيب إلى هذه النفوس أن تذهب فداء لعزتهم إن كان فيها الفداء ، و أن تزهق ثمنا لمجدهم و كرامتهم و دينهم و آمالهم إن كان فيها الغناء، و ما أوقفنا هذا الموقف منهم إلا هذه العاطفة التي استبدت بقلوبنا و ملكت علينا مشاعرنا ، فأقضت مضاجعنا ، و أسالت مدامعنا ، و إنه لعزيز علينا جد عزيز أن نرى ما يحيط بقومنا ثم نستسلم للذل أو نرضى بالهوان أو نستكين لليأس ، فنحن نعمل للناس في سبيل الله أكثر مما نعمل لأنفسنا، فنحن لكم لا لغيركم أيها الأحباب ، و لن نكون عليكم في يوم من الأيام.


لله الفضل و المنة
و لسنا نمتن بشيء ولا نرى لأنفسنا في ذلك فضلا ، و إنما نعتقد قول الله تعالى :
( بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الحجرات:17) .
وكم نتمنى – لو تنفع المنى – أن تتفتح هذه القلوب على مرأى و مسمع من أمتنا ، فينظر إخواننا هل يرون فيها إلا حب الخير لهم و الإشفاق عليهم و التفاني في صالحهم ؟
وهل يجدون إلا ألما مضنيا من هذا الحال التي وصلنا إليها ؟ و لكن حسبنا أن الله يعلم ذلك كله ، و هو وحده الكفيل بالتأييد الموفق للتسديد، بيده أزمة القلوب و مفاتيحها ، من يهد الله فلا مضل له و من يضلل الله فلا هادي له و هو حسبنا و نعم الوكيل . أليس الله بكاف عبده؟

أصناف أربعة
و كل الذي نريده من الناس أن يكونوا أمامنا واحدا من أربعة :
مؤمـن :
إما شخص آمن بدعوتنا و صدق بقولنا و أعجب بمبادئنا ، و رأى فيها خيرا اطمأنت إليه نفسه ، و سكن له فؤاده ، فهذا ندعوه أن يبادر بالانضمام إلينا و العمل معنا حتى يكثر به عدد المجاهدين و يعلوا بصوته صوت الداعين .
متـردد :
وإما شخص لم يستبين وجه الحق ، و لم يتعرف في قولنا معنى الإخلاص و الفائدة ، فهذا نتركه لتردده و نوصيه بأن يتصل بنا عن كثب ، و يقرأ عنا من قريب أو بعيد ، و يطالع كتاباتنا و يزور أنديتنا و يتعرف إلى إخواننا ، فسيطمئن بعد ذلك لنا إن شاء الله ، و كذلك كان شأن المترددين من أتباع الرسل من قبل .
نفـعي :
وإما شخص لا يريد أن يبذل معونته إلا إذا عرف ما يعود عليه من فائدة و ما يجره هذا البذل له من مغنم فنقول له : حنانيك ليس عندنا من جزاء إلا ثواب الله إن أخلصت ، و الجنة إن علم فيك خيرا ، أما نحن فمغمورون جاها فقراء مالا ، شأننا التضحية بما معنا و بذل ما في أيدينا ، و رجاؤنا رضوان الله سبحانه و تعالى
متحامـل :
و إما شخص أساء فينا ظنه و أحاطت بنا شكوكه ، فهو لا يرانا إلا بالمنظار الأسود القاتم ، و لا يتحدث عنا إلا بلسان المتحرج المتشكك ، فهذا ندعو الله لنا و له أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه و الباطل باطلا و يرزقنا اجتنابه ، و أن يلهمنا و إياه الرشد ،
وهذا سنظل نحبه و نرجو فيئه إلينا و اقتناعه بدعوتنا ، و إنما شعارنا معه ما أرشدنا إليه المصطفى صلى الله عليه و سلم من قبل : (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون).
ويقول البنا في رسالة نحو النور :
الإسلام والعزة القومية
وتحتاج الأمم الناهضة إلى الاعتزاز بقوميتها كأمة فاضلة مجيدة لها مزاياها وتاريخها , حتى تنطبع الصورة في نفوس الأبناء , فيفدون ذلك المجد والشرف بدمائهم وأرواحهم , ويعملون لخير هذا الوطن وإعزازه وإسعاده . هذا المعنى لن نراه واضحا في نظام من النظم عادلا فاضلا رحيما كما هو الإسلام الحنيف , فإن الأمة التي تعلم أن كرامتها وشرفها قد قدسه الله في سابق علمه وسجله في محكم كتابه فقال تبارك وتعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) (آل عمران:110) , وقال تعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (البقرة:143) , (وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) (المنافقون:8) , لهي أجدر الأمم بافتداء عزتها الربانية بالدنيا وما فيها.
ويقول في نفس الرسالة تحت عنوان :
موقف الإسلام من الأقليات والأجانب

يا صاحب ...
يظن الناس أن التمسك بالإسلام وجعله أساساً لنظام الحياة ينافي وجود أقليات غير مسلمة في الأمة المسلمة ، وينافي الوحدة بين عناصر الأمة ، وهي دعامة قوية من دعائم النهوض في هذا العصر ، ولكن الحق غير ذلك تماماً ، فإن الإسلام الذي وضعه الحكيم الخبير الذي يعلم ماضي الأمم وحاضرها ومستقبلها قد احتاط لتلك العقبة وذللها من قبل ، فلم يصدر دستوره المقدس الحكيم إلا وقد اشتمل على النص الصريح الذي لا يحتمل لبساً ولا غموضاً في حماية الأقليات ، وهل يريد الناس أصرح من هذا النص:
(لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8) .
فهذا نص لم يشتمل على الحماية فقط، بل أوصى بالبر والإحسان إليهم ، وأن الإسلام الذي قدّس الوحدة الإنسانية العامة في قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) (الحجرات:13) .
ثم قدس الوحدة الدينية العامة كذلك فقضى على التعصب وفرض على أبنائه الإيمان بالرسالات السماوية جميعا في قوله :
(قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ , فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ , صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) (البقرة:136-138) .
ثم قدس بعد ذلك الوحدة الدينية الخاصة في غير صلف ولا عدوان فقال تبارك وتعالى :
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات:10) .
هذا الإسلام الذي بني على هذا المزاج المعتدل والإنصاف البالغ لا يمكن أن يكون أتباعه سببا في تمزيق وحدة متصلة , بل بالعكس إنه أكسب هذه الوحدة صفة القداسة الدينية بعد أن كانت تستمد قوتها من نص مدني فقط .
وقد حدد الإسلام تحديدا دقيقا من يحق لنا أن نناوئهم ونقاطعهم ولا نتصل بهم فقال تعالى بعد الآية السابقة :
(إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الممتحنة:9) .
وليس في الدنيا منصف واحد يكره أمة من الأمم على أن ترضى بهذا الصنف دخيلا فيها وفسادا كبيرا بين أبنائها ونقضا لنظام شؤونها .
وأدعو سيادتك لقراءة إصدارات الإخوان لتعلم حقيقتهم ، أو تتحاور مع الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في مقالكم لتستفسر عما تريد أو حتى تتهمهم بما تراه وسيردون على حضرتك بمنتهى الوضوح والصراحة .
وأخيرا :
أدعو الأستاذ محمود ليكون حياديًا، وإن كان مقاله متحاملا على الإخوان إلا أنه مهذب في طرحه على كل حال ، وهذا رأيه ، ورأيه محترم ، وإن كان يخالف الحقيقة من وجهة نظرنا .
والسلام عليكم ورحمة الله .
شعبان شحاته
مدونة الطريق إلى محبة الله .

الأحد، 19 سبتمبر 2010

رأيت الخير في بلادنا ( دكتور إسماعيل شفيق ، دكتور على شفيق ) وهما ابنا الدكتور والجراح العالمي أحمد شفيق .

دكتورأحمد شفيق (1934 - نوفمبر 2007 ) جراح مصري شهير حصل على الكثير من الجوائز و الأوسمة، إختارته الهيئة الدولية العالمية; الكوميستا الأول على علماء المسلمين من بين 500 عالم من دول العالم الإسلامي
و توفي يوم
1 نوفمبر 2007 في باريس عن عمر يناهز 73 عاما
نبذة عن حياته
الجراح المصري العالمي الدكتور أحمد شفيق، أستاذ الجراحة بكلية طب قصر العيني، رئيس
الأكاديمية العالمية لجراحي الجهاز الهضمي بأمريكا وللفقيد الراحل مئات الأبحاث العلمية المنشورة باسمه في مختلف الدوريات الطبية المصرية والعربية والعالمية، كما أشرف الفقيد علي أكثر من مائة رسالة دكتوراه.
وهناك عدد كبير من العمليات الجراحية التي سميت باسمه في الموسوعة الطبية العالمية، وتدرس للطلبة في عدد من كليات الطب في مختلف أنحاء العالم. أسس
الجمعية العلمية الطبية وترأس مجلس إدارتها .
وقد كان الدكتور أحمد شفيق متزوجا من الدكتورة
ألفت السباعى أستاذ ورئيس قسم الجراحة بكلية طب المنوفية وله نجلان أساتذة جراحة بكلية طب القصر العينى وهما الدكتور علي والدكتور إسماعيل.
كما شارك الدكتور احمد شفيق فى مئات المؤتمرات الطبية الدولية والعربية والمحلية، وعشرات المؤتمرات العلمية منها المؤتمر السنوى للجمعية العالمية لأساتذة الجهاز الهضمى فى العاصمة المجرية
بودابست، والذى نوقش فيه اكتشاف الدكتور شفيق عن وجود عقد عصبية بعينها فى القولون تصدر تياراً كهربائياً هو المسئول عن الحركة الدودية للأمعاء.
تولى الدكتور احمد شفيق رئاسة تحرير
مجلة الطب العربية و المجلة الطبية المصرية الاجيبشان مديكال جورنال وقد تم إدراجهما فى الفهرس الطبى العالمى.
ضمت الموسوعة الطبية الطبية العالمية العديد من العمليات الجراحية التى سميت باسمه وتم تدريسها لطلاب كليات الطب على المستوى العربى والعالمى .. واسم الدكتور احمد شفيق مسجل فى الموسوعة المصرية للشخصيات البارزة .
أجرى الدكتور احمد شفيق العديد من العمليات الجراحية لنخبة من الملوك ورؤساء الدول والشخصيات السياسية والعربية والعالمية البارزة فهو يعد من امهر الاطباء فى جراحات
القولون والشرج.
وأدرج اسم الفقيد في الموسوعة المصرية للشخصيات البارزة، ومنح عدداً من الأوسمة وشهادات التقدير، وأسس الفقيد مؤسسة خيرية لعلاج المحتاجين، كما أنشأ العديد من العيادات في مختلف الأحياء الشعبية لمعالجة الفقراء وغير القادرين.
الوفاة
توفى يوم الخميس الاول من نوفمبر
2007 بمستشفى جورج بومبيدو الجامعى بباريس.

ثانيا عن الدكتورإسماعيل أحمد شفيق مدير مستفى أحمد شفيق:
من موقع جريدة الموجز
العالم المصري الدكتور إسماعيل شفيق: المسح الدوري والقوافل الطبية ضرورة للحد من انتشار السرطان
الجينات الوراثية كان لها مفعول السحر في الاتيان بمثل هذا العالم فكم كنت عاجزاً وأنا جالس أمامه.. لم أكن اتصور أن بلاد المحروسة التي يموت فيها الناس بحثا عن الدواء انجبت مثل هذا العالم.. انه الدكتور إسماعيل شفيق أستاذ الجراحة بكلية الطب بجامعة القاهرة وابن الطبيب العالمي الأشهر أحمد شفيق أو طبيب الرؤساء كما كان يطلق عليه.إسماعيل شفيق يعد واحداً من أهم أطباء جراحة الحوض في العالم وله أكثر من 240 بحثاً منشورة في أكبر المجلات العلمية إضافة إلي اكتشافه 36 مرضاً مسجلا باسمه وصاحب مستشفي الدكتور أحمد شفيق هذا الصرح العملاق والذي يعد الأول علي مستوي مصر والشرق الأوسط في علاج أمراض القولون والشرج والحوض.ولذلك كان لابد من إجراء هذا الحوار معه للوقوف علي آخر ما توصل إليه العلم في علاج الأورام السرطانية بهذه المناطق وغيرها، شفيق أكد أن علاج هذه الأمراض يختلف من مدرسة إلي أخري وأن الحل للحد من هذه الأمراض الاكتشافات المبكرة من خلال المسح الدوري والقوافل الطبية فإلي تفاصيل الحوار:
- ما هو الجديد في علاج مرض السرطان؟
- مرض السرطان مشكلته أنه لا يوجد له سبب، وطالما لا يوجد سبب فجميع المحاولات التي تتم تكون بهدف درء الصدمة عن المريض، وتبقي في النهاية محاولات فعلي سبيل المثال سرطان الثدي له مئات الطرق في العمليات وله مدارس عديدة في العلاج فهناك مدارس تفضل استخدام الاشعاع وأخري الكيماوي وثالثة الإشعاع قبل أو بعد الجراحة وغير ذلك من الطرق الأخري والإحصائيات تختلف من دولة إلي أخري ومن منطقة إلي أخري، أما بالنسبة لسرطان المستقيم وهو تخصصي فهل من المنطق أن ورما بحجم 2*3 سم يتم استئصال 40سم للقضاء عليه؟ بالتأكيد ليس هذا شيئاً منطقياً وفلسفة الطب تتماشي مع عدم منطقية هذا الأمر، ولذلك فما دامت الأسباب غير معلومة فأي شيء تفعله يتماشي مع المنطق والقواعد الطبية أمر مقبول، أما بالنسبة للجديد في سرطان المستقيم فهو اسئتصاله كاملا بدون فتحة جانبية والمريض يستطيع التبرز من فتحة الشرج بطريقة طبيعية، ويتحكم في عملية التبرز وهذه إحدي العمليات المنشورة في الكتب العلمية من قبل مجموعة الدكتور أحمد شفيق.
- نفهم من كلامك أن علاج الأورام السرطانية مدارس تختلف كل مدرسة عن الأخري.. فأي المدارس تفضلها؟
- أنا أفضل دائماً أن يعالج المريض جراحياً بالإشعاع والكيماوي في اغلب الاحيان، وهذه الطريقة تكون ذات فائدة كبيرة وتعطي نتائج إيجابية في حالة اكتشاف المرض مبكراً سواء في مرحلته الأولي أو الثانية، ثم إن هذه الطريقة تصحبها مشكلات فعلي سبيل المثال أمامك 10 من المرضي مصابين بالسرطان تجري لهم عمليات جميعاً وحصلوا علي الإشعاع والكيماوي نجد أن 7 منهم تم شفاؤهم والثلاثة الآخرون أصيبوا بثنائيات في أماكن متفرقة في الكبد والرئة وغيرها في حين أن جميعهم كانوا في مرحلة واحدة قبل إجراء الجراحة وهذا ما يؤكد أن هذا المرض ليس موضعيا، كما يعتقد الجميع وإنما هو خلل في الجهاز كله سواء جينيا أو مكتسبا يؤدي إلي أن إحدي الخلايا تصاب بالجنون وتحترق باقي الاجزاء.
- كلامك يؤكد أيضاً أن الأمر يزداد تعقيداً؟
- هذا صحيح والسبب يكمن في أن العلماء والأطباء أصبحوا يهتمون بالعمل الخاص بهم علي حساب البحث العلمي وهذا أيضاً موقف الدول فالدول لم تعد تصرف علي البحث العلمي إلا في الأمراض القومية كالايدز، والدول المتقدمة أصيبت بالاحباط بسبب المليارات التي يتم صرفها فنجد أن دولة مثل أمريكا صرفت ما يزيد علي الـ 20 مليار دولار في الخمسين عاماً الأخيرة دون التوصل إلي علاج شاف لهذا المرض.
- وماذا عن الاكتشافات الحديثة التي نسمع عنها بين الحين والآخر كالعلاج بالخميرة والذهب وغيرهما؟
- هذه المحاولات ليتها تنهي مشكلة السرطان فنحن نسمع عن العلاج بالذهب والخميرة وغيرهما والمريض يتخيل أن الأمر انتهي، ولكن في حقيقة الأمر تمت تجربة هذه الاشياء علي خلية معينة فتم القضاء عليها، ولكن لم يستطيعوا التوصل لأدوية أو أقراص تقضي علي المرض نهائياً ولذلك فنحن نسمع عن مئات الطرق الجديدة لعلاج هذا المرض، فالبعض قال إنه بمعالجة الجينات سوف تحل المشكلة ولكن ذلك لم يحدث، والبعض تحدث عن «الفيمتوثانية» وقدرتها علي العلاج بسرعة البرق ولكن لا جديد حتي الآن أما بالنسبة للعلاج بالذهب فنظرية قديمة واستخدام الاشعاع ينفع في بعض الاحيان ولا ينفع في البعض الآخر، أما الكيماوي فالأدوية الخاصة به غير قادرة علي السيطرة بطريقة كاملة علي هذه الأمراض.
- ما هي الدول المتقدمة في علاج هذا المرض؟
- بالطبع تأتي أمريكا في المرتبة الأولي وذلك للنظم الطبية المتبعة بها والامكانيات التي تملكها ولذلك يجب علي المسئولين في مصر الاستفادة من هذه النظم، فبدلاً من البحث عن بروتوكولات وطرق وغيرها أقول لهم ادرسوا النظم بهذه البلاد وأجلبوها إلي مصر بعد إحداث بعض التعديلات عليها بما يتماشي مع طبيعة الشعب المصري ويتوافق مع قدراتنا الاقتصادية.
- وما هي النظم الطبية المتبعة في أمريكا وتتميز بها عن الدول الأخري؟
- أمريكا تعتمد بصفة أساسية علي الاكتشاف المبكر لهذا المرض من خلال عمل احصائيات ومسح كامل للمناطق الجغرافية الموجودة بها نسبة اصابة عالية بهذا المرض، ومن ثم القدرة علي علاجه، وهذا ما يجب تطبيقه هنا فلابد من نزول قوافل طبية إلي جميع المناطق لاكتشاف هذه الأمراض مبكراً علي أن يتم عمل كشف دوري كل عامين وبهذه الطريقة نستطيع تحجيم هذا المرض.ü ولكن ما تتحدث عنه مستحيل أن يحدث في مصر؟
- الأمر ليس بالصعوبة التي يتوقعها الجميع فهذه مسئولية الحكومة أولاً وأخيراً ولذلك يجب التوعية عن طريق التليفزيون والكتيبات وتوزيعها مجاناً بجانب المسح الشامل، لأن زيادة الوعي بين الشعب سبب رئيسي للقضاء علي هذه المشكلات، لأن معظم الحالات تكون مصابة بالمرض ولا تعلم به إلا بعد عام أو اثنين وهذا ما يؤدي إلي تفاقم المرض.
- ما أكثر الأنواع انتشاراً بالنسبة للرجال والنساء؟
-سرطان الثدي بالنسبة للسيدات، والمستقم والقولون والمثانة والذي يكثر بين المزارعين لاصابتهم بالبلهارسيا المزمنة، ويأتي بعد ذلك سرطان الكبد الناتج عن الاصابة بفيروس «سي» وبعد ذلك تتلاحق باقي الأعضاء بالتوالي.ü وما الصعوبات التي تواجهكم؟
-بالنسبة للجراحة لا توجد صعوبة في إجرائها إذا تم تدريبك وتأهيلك علي يد أساتذة يتقنون مهارة هذا التخصص إضافة إلي ذلك الاجتهاد المستمر من الجراح ومواكبة التقدم وعمل الأبحاث العلمية الدائمة التي تجعله يتقدم دائماً خطوة نحو الأمام، أما بالنسبة للمريض فالبطبع هناك صعوبات وهذا بسبب عدم امتلاكه الوعي الكافي، فعلي الرغم من أن وضعه الحالي أفضل مما كان في السابق إلا أنه متأخر جداً مقارنة بأي دولة أوروبية، فالمريض قد يصاب بنزيف في الشرج فيذهب أولاً إلي الصيدلي وبعد أن يفيض به الكيل يأتي إلينا بعد عام أو اثنين بعد أن يتوطن المرض في جسده، هناك أيضاً صعوبات بالنسبة لارتفاع تكلفة العلاج في مصر والعالم أجمع وهناك جراحات معينة غير مغطاة من التأمين الصحي والمريض غير قادر علي تغطية النفقات، وأيضاً هذه الجراحات قد تكون غير موجودة بوزارة الصحة والمستشفيات العامة والخدمات بها غير كافية فيضطر المريض للذهاب إلي المستشفيات الخاصة ذات التكاليف المرتفعة وارتفاع التكاليف يرجع إلي ارتفاع ثمن الأدوية والأجهزة وغيرها وكل ما يستطيع أن يفعله الطبيب هو التنازل عن أجره فضلاً عن ذلك قلة الوعي عند المريض كما قلت لك سابقا فالمريض بعد إجرائه الجراحة يشعر بأنه شفي تماماً وسيهمل التعليمات الطبية وهذه مشكلة المسئولين والإعلام.
- وما الحل من وجهة نظرك؟
- الحل أن يغطي التأمين الصحي تكاليف المريض في جميع الأحوال خصوصاً أن مصر تملك الأماكن المؤهلة مثل قصر العيني الذي يوجد به 4 الاف سرير منها ألفان لجراحة الأورام بجانب مستشفيات الجامعات وغيرها.ü ماذا يقدم مستشفي الدكتور أحمد شفيق ويميزه عن المستشفيات الأخري؟ .
- المستشفي فقط لجراحة القولون والشرج والحوض وهذا ما يميزها عن غيره فضلاً عن أنه يعد أكثر المستشفيات انتاجاً للبحث العلمي وتوجد بها قاعتا محاضرات يتم داخلهما دورات تدريبية شهرية مجانية للأطباء مصحوبة بعمليات جراحية منقولة مباشرة عن طريق شاشات العرض وهذا ما يؤدي إلي حدوث تفاعل بين الجراح والأطباء في القاعة مما يتيح فرصة أكبر للتعلم ورفع مستوي الجراحين في مصر في مجال القولون والشرج والحوض، بالإضافة إلي وجود جمعية دول البحر المتوسط لجراحات القولون والشرج داخل المستشفي وهي جمعية تقوم بعمل مؤتمر سنوي عالمي، وتعتبر واحدة من أهم 5 جمعيات في العالم في مجال الحوض، كما يلحق بالمستشفي مؤسسة أحمد شفيق العلمية والتي تشرف علي أعماله. ويوجد به أيضاً المكتب العلمي الذي يتم من خلاله نشر أكثر من 20 بحثاً وعملية وتقنية جديدة وتنشر في المجلات العلمية الدولية هذا علي خلاف أن ريع المستشفي يذهب إلي مؤسسة أحمد شفيق التي تدير هذه الأعمال الخيرية، ولا يذهب إلي أشخاص.
- هل يفكر الدكتور إسماعيل شفيق في خوض غمار السياسة؟- لا أفكر في هذا علي الإطلاق فأنا رجل باحث وأستاذ في الجامعة والسياسة وظيفة وهذه ليست وظيفتي، وهذا لا يعني أنني بعيد عن السياسة فانا متابع جيد للأمور السياسية سواء عبر الكتب أو الصحف أو غيرها.- لو عرض عليك منصب سياسي هل تقبله؟- لن أقبله فمكاني غرفة العمليات والجامعة وقاعات المحاضرات.- أخيراً هل تشعر بعدم التقدير في بلدك؟- بالتأكيد.
وللدكتور إسماعيل مواقف إنسائية وخيرية وقد لمستها أنا بنفسي وجزاه الله كل خير وتغمد والده بالرحمة الواسعة .
مستشفى أحمد شفيق
العنوان / الدقي ش جمال سالم المتفرع من ش مصدق
ت / 37625077
37625951
شعبان شحاته
مدونة الطريق إلى محبة الله .



الأربعاء، 15 سبتمبر 2010

الخطوات العملية لزيادة الإيمان

الخطوات العملية لزيادة الإيمان
بقلم: د. صلاح سلطان
الخطوة الأولى: العلم:
مما لا شك فيه أن طلب العلم يرفع الإنسان إلى أعلى الدرجات لقوله تعالى: ﴿يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (المجادلة: من الآية 11).
ويلحق بالملائكة الشهود على الوحدانية لقوله تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾ (آل عمران: من الآية 18)، وهو أول باب لمعرفة الرحمن، وفهم رسالة الإسلام، ومعرفة مداخل الشيطان، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "فقيه أشد على الشيطان من ألف عابد" (سنن الترمذي- كتاب العلم عن رسول الله- باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة- حديث رقم: 2681), وأقترح لذلك ما يلي:
1. الانتظام في حلقات تجويد وتفسير وحفظ القرآن الكريم كله أو جزء منه.
2. قراءة الأربعين النووية وحفظها وهي من أصح الأحاديث النبوية، ثم قراءة في كتاب رياض الصالحين بابًا كل أسبوع مع بعض إخوانك أو أخواتك في الله، وتجعلون الأهم هو التواصي بتطبيق ما جاء فيه.
3. دراسة السيرة النبوية من كتاب الرحيق المختوم للمباركافوري، أو كتاب آخر موثق.
4. دراسة الأخلاق الإسلامية، ولعل من أفضلها ما كتبه الشيخ الغزالي في كتابه "خلق المسلم".
5. دراسة مدخل إلى العقيدة الإسلامية في العقيدة الطحاوية والعقيدة الإسلامية لسيد سابق.
6. دراسة كتاب في علوم الحديث مثل كتاب مصطلح الحديث للشيخ محمود الطحان.
7. دراسة كتاب في أصول الفقه وأيسره الآن كتاب "تيسير أصول الفقه" للدكتور عبد الله الجديع، وإضاءات على متن الورقات د. عبد السلام بن إبراهيم الحصين.
8. دراسة مدخل إلى الفقه الإسلامي للدكتور مصطفى شلبي.
9. تعميق الصلة باللغة العربية، وقراءة الشعر والأدب العربي بشكل منتظم، وتكوين ملكة لغوية تؤدي إلى أن تكون العربية لغة انتماء، وغيرها لغات استعمال.
10. قراءة في الفقه الإسلامي للحديث "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" رواه البخاري، ويحسن في هذا البدء بكتاب "فقه السنة"، ثم من أراد التوسع ففي كتاب "الفقه الإسلامي وأدلته" للدكتور وهبه الزحيلي، ثم قراءة في كتاب "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" لابن رشد.
11. قراءة كتاب "شمس الله تشرق على الغرب" للدكتورة زجريد هونكا، وهو أفضل ما كتب عن روائع الحضارة الإسلامية.
12. قراءة متأنية في كتب العلماء والدعاة الموثوق منهم خاصة الذين يجمعون بين الحجة الشرعية والخشية القلبية، ويلتزمون منهج الإسلام في الوسطية.
13. متابعة نشرات الأخبار في الفضائيات، والجرائد والمجلات الموثوق بها حتى يعلم المسلم ماذا يجري في العالم حوله عامة، ولأمته الإسلامية خاصة؛ حيث روى الحاكم بسنده عن حذيفة وعن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أصبح وهمه غير الله فليس من الله في شيء ومن لم يهتم للمسلمين فليس منهم" (مستدرك الحاكم- كتاب الرقاق- حديث رقم: 7902).
هذه الخطوة ضرورية لأنها تربط الإنسان حقًّا بحقائق الوجود وأصله وهو الله تعالى، ثم رسالته في القرآن والسنة، وتاريخ الأمة وإنجازاتها الفقهية والأخلاقية والحضارية، وهي تحفظ للعقل نضارته ومرونته واتساعه، وتحفظ للقلب قوته، وصفاءه ونضارته، وتحفظ للمسلم وقته أن يكون رخيصًا مصروفًا فيما لا يغني، لأن هذه تعطي الإنسان تواصلاً دائمًا مع هموم أمته وعالمه، وتشعره بالمسئولية عن الإصلاح والتغيير الذي يجب أن يبدأ من النفس أولاً.
الخطوة الثانية: مجاهدة النفس:-
إذا كان العلم يزيل الشبهات، فإن المجاهدة للنفس هي التي تعالج الشهوات، ومجاهدة النفس لكبح جماحها وامتلاك زمامها، وحملها على ما يرضي ربها، وتصفية كدرها، وتنقية فطرتها، ولذا كان الأمر الرباني لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين معه بالقيام بالليل والذكر الدائم بالنهار، وهو أمر يحتاج إلى رياضة نفسية وعزيمة إيمانية، وهمة أخلاقية، وإرادة قوية. قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)﴾ (العنكبوت).
والمجاهدة بغير علم كمن يقود شاحنة كبيرة إلى جبل وعر توشك أن تهوي في مكان سحيق، أو من بذل النفس والمال حميةً جاهليةً أو عصبية قبلية، أو من أجهد نفسه ليجمع مالاً لأولاده دون تربية إيمانية، فيلقى منهم عقوقًا وإنكارًا للجميل، وإهمالاً له في ذات كبره. قال تعالى: ﴿فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55)﴾ (التوبة).
ويمكن بيان مجاهدة النفس من جوانب عدة أهمها ما يلي:
1. تعريف مجاهدة النفس:
قال ابن منظور المصري في "لسان العرب" في تعريف المجاهدة بأنها مصدر جاهد يجاهد جهادًا ومجاهدةً وهو مأخوذ من مادة "ج هـ د" التي تدل على المشقة.
ويقال المجهود هو اللبن الذي أخرج زبده لأنه لا يخرج إلا بتعب ومشقة؛ ولذا لا يقال اجتهد فلان في حمل حبّة، بل اجتهد في حمل صخرة، لما في الصخرة من المشقة والعناء، وسمي قيام الليل تهجدًا لما فيه من تعب ومعاناة في حمل النفس على ترك النوم في الفراش الوثير ليقوم بين يدي الله رب العالمين.
أما المجاهدة للنفس اصطلاحًا فقد عرفها الجرجاني في كتاب التعريفات (204) بأنها محاربة النفس الأمارة بالسوء بتحميلها ما يشق عليها بما هو مطلوب في الشرع، وقال المناوي هي حمل النفس على المشاق البدنية ومخالفة الهوى، وقيل هي بذل المستطاع في أمر المطاع وهو الله عز وجل.
ويبدو لي أن أعرف مجاهدة النفس بأنها حمل النفس على أداء الواجبات، والتزامات المكارم والمروءات، وترك المحرمات، والترفع عن السفاسف والمكروهات.
2. أهمية مجاهدة النفس:
1. نجد في الواقع بعضًا من الأطباء يدخنون أو يشربون الخمور وهم أعلم الناس بضررهما لكن شهوتهم تغلبهم ولا يعقل أن يكون إصلاحهم عن طريق شرح آثار التدخين والخمر لأنهم أعلم من غيرهم في هذا، لكن لا بد من تدريبهم على مجاهدة النفس حتى يمنع نفسه من إدمانها.
2. لو جلس أي إنسان في قاعات التدريس في أحسن الجامعات أو المعاهد التدريبية فتعلم فنون الخطابة، وقواعد السباحة، وآداب القيادة للسيارات فلن يجدي هذا العلم شيئًا حتى يجاهد الإنسان نفسه في مواجهة الجمهور خطيبًا، أو ينزل إلى عباب البحار أو حمامات السباحة، أو يتحرك بالسيارة في الطرقات، وهي تحتاج إلى مواجهة الخوف والهلع الذي يعتري كل من يبدأ شيئًا جديدًا مثل ذلك.
3. إن مواجهة ضغط شهوة الرجال إلى النساء أو النساء إلى الرجال والوصول إلى غض البصر وحفظ الفرج لا يحدث فقط باستحضار نصوص العفة، وعقوبة مقترف الزنا أو مقدماته، بل يلزم أن يواجه هذا الطوفان من سعار الشهوة بالصيام الذي هو وجاء لهذه الشهوة في وسط المثيرات حولنا، وبالقيام الذي يعظم الخشية لله، وبمواجهة النفس في نزواتها أن يخوض مع الخائضين سواء عن طريق الإنترنت أو التليفزيون أو الأفلام الهابطة والمجلات الفاسدة، ويلزم مع هذا إشغال النفس بالحلال الطيب من التريض، وأن يكون يومه وليله مليئين بالواجبات الشريفة، والأعمال الكثيفة فإن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أيما مفسدة كما قال الشاعر.
4. مهما توسع الأخ أو الأخت في حفظ النصوص الشرعية والآثار التربوية عن فضل القيام والصلاة مع الخشوع والخضوع، وسكب الدموع خشية رب الأرض والسماوات، فلن يحصل على انتظامه في القيام والصلاة على وقتها والخشوع في أركانها حتى يجاهد نفسه ويعصر قلبه، ويظل ذاكرًا لذنبه، متذكرًا موقفه بين يدي ربه، وعندئذ سيذوق حلاوة مجاهدته، ولذا قال أحد الصالحين: جاهدت نفسي في قيام الليل عامًا فذقت حلاوته عشرين عامًا، وهو معنى قوله تعالى: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16)﴾ (السجدة: ١٦).
5. يقول سفيان الثوري: ما عالجت شيئًا أشد عليّ من نفسي، مرة لي ومرة عليّ. ويقول الحسن البصري: ما الدابة الجموح بأحوج إلى اللجام الشديد من نفسك. راجع إحياء علوم الدين للغزالي ص (3/71).
6. ذكر ابن رجب في جامع العلوم والحكم ص (172) أن أبا بكر الصديق كتب لعمر بن الخطاب عندما استخلفه: إن أول ما أحذرك منه نفسك التي بين جنبيك. فإذا كان سيدنا أبو بكر يرى أن أول الخطر من نفس عمر، ويرى سفيان الثوري أن علاج أهواء النفس من أشق الأعمال، ويرى الحسن البصري أن جهاد النفس أشد من اللجام للدابة الجموح، فإننا يجب أن نهتم في هذه الفتن المتراكبة والأهواء المتعاقبة، والأجواء الهابطة بأعلى درجات المجاهدة للنفس حتى يسلس قيادها، ولذا قال الله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى (40)﴾ (النازعات).
7. ومن الآيات يبدو جليًا أن مدار الصلاح والنجاح والفوز بالجنة على جهاد النفس ومعالجة الأهواء، وأن الإخفاق في ذلك يورد الإنسان المهالك ويعرضه لغضبة ربه وشدة نقمته والاكتواء بناره.
3. صور من المجاهدة للنفس:
1- قصة طالوت: اجتاز قوم طالوت اختبارين ورسبوا في اختبار هوى النفس حتى مع المباح، حيث ادعى عشرات الآلاف أنهم يعزمون على الجهاد، فلما كُتب عليهم القتال تولوا إلا قليلاً منهم، وهؤلاء القليل كانت عندهم شبهات علمية في الفهم لصفات القائد، وخرج بعضهم وعالج العلم بعضًا آخر عندما ذكر لهم نبيهم أن الله اصطفاه عليهم وزاده بسطة في العلم والجسم، ومع نجاحهم في الاختبارين، لكن يحكي القرآن بأسى شديد أن كثيرًا منهم لم يوفقوا في مواجهة أهوائهم، كما قال سبحانه: ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنْ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249)﴾ (البقرة).
2- عرب الجاهلية لما أسلموا: لم يكن الأمر سهلاً أن يتحول عرب الجاهلية من مجالس السكر في الليل، والظلم بالنهار إلى عبّادٍ قائمين في الليل، وصوّامٍ خاشعين في النهار، حتى نزل القرآن في آخر سورة المزمل يطلب التخفيف على أنفسهم، بل مرّ هذا- قطعًا- عبر مجاهدة كبيرة للنفس.
3- روى البخاري ومسلم بسندهما عن أنس بن مالك أن أنس بن النضر قال- بعد أن فاتته غزوة بدر- لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أُحد وانكشف المسلمون دخل يضرب في صفوف الكافرين حتى وُجد به بضع وثمانون ضربة بالسيف، وطعنة بالرمح ورمية بسهم، وقد قُتل ومثل به المشركون فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه. ونزل فيه قوله تعالى: ﴿مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾ (الأحزاب: من الآية ٢٣)، وهذا قطعًا مرّ عبر مجاهدة كبيرة للنفس حتى ينال هذا الرضا الرباني.
4- هاجر كثيرٌ من هؤلاء المخلصين لدينهم وأمتهم إلى أوروبا وأمريكا والصين وأستراليا واليابان وكانت الأهواء حولهم تدعوهم إلى تلبية غرائز النفس والانغماس في شهوات المجتمع لكنهم كانوا أوفياء لدينهم وجاهدوا أنفسهم وأحيوا ليلهم بالقيام والذكر والدعاء والقنوت، وأحيوا نهارهم بالحركة والدعوة وبناء المراكز الإسلامية والمدارس والمؤسسات التي صارت واجهات للدعوة الإسلامية تقدم للناس النور والخير والهدى والرشاد، وهؤلاء أرجو أن يصدق فيهم حديث الإمام مسلم عن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العبادة في الهرج كهجرة إليّ"، والهرج هو الفتن واختلاط الأمور وقلة من يُعين على الطاعة؛ لأن العبادة هنا تحتاج إلى مجاهدة شديدة.
4. كيف نجاهد أنفسنا؟
هناك قواعد عامة وأساليب خاصة تعين على مجاهدة أنفسنا ولا تغني إحداهما عن الأخرى.
أ- القواعد العامة في مجاهدة النفس:
1- إحياء حب الله تعالى في القلب حتى يكون حبه سبحانه أرقى من حب النفس والأهل والولد والمال وذلك بالإكثار من النظر في الكون المنظور والكتاب المسطور، ودوام الذكر، والتلذذ بالأوراد الإيمانية من صلاة في الليل وصيام في النهار.
2- إحياء الخوف من الله تعالى بمطالعة مصارع الظالمين، ومهالك الفاسقين ومآلات المفسدين، ويقارن الإنسان حاله بحالهم، ويتهم نفسه، ويعظم عنده الخوف على نفسه لكثرة النعم الإلهية، وقلة الأعمال الخيرية، وكثرة الذنوب اليومية، ويتذكر الموت وسكراته والقبر وظلماته، والحشر وأنّاته، والصراط وسقطاته، والنار ولهيبها، وجهنَّم وسعيرها، والزقوم والحميم والمقامع الحديدية، والصرخات التي تخرج من العصاة وهم في النار يعذَّبون، وفي هذا يروي ابن أبي الدنيا في كتابه محاسبة النفس ص (34) أن إبراهيم التيمي قال: "مثلت نفسي في الجنة آكل من ثمارها، وأشرب من أنهارها، وأعانق أبكارها، ثم مثلت نفسي في النار آكل من زقومها، وأشرب من صديدها، وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لنفسي: أيْ نفس، أي شيء تريدين؟ قالت: أريد أن أُردَّ إلى الدنيا فأعمل صالحًا، قال: قلت: فأنت في الأمنية فاعملي".
3- قوة الإرادة والعزيمة على مواجهة النفس بقوة الجناجين السابقين "الخوف والرجاء"، "الرهبة والرغبة"، واليقين أن العبد مهما كان ضعفه إذا لجأ إلى ربه واستعان به أعانه، وقد دعا سيدنا يوسف في الفتنة التي تعرض لها فقال:
﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ﴾ (يوسف: من الآية ٣٣) فصرف الله عنه كيدهن واحتمل بهمة عالية السجن مظلومًا بسبب عِفَّته، وانشغل في سجنه بنشر دعوته حتى كتب الله له الخروج إلى التمكين بتقواه وحسن صبره، ولعل مما يعين في هذا حديث البخاري: "إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس الأعلى من الجنة".
ونذكر قول الشاعر:
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال إلا لصابر
وقول الشاعر:
أبارك في الناس أهل الطموح ومن يستلذ ركوب الخطر
ومن لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر
ومن لم يعانقه شوك الحياة تبخر في جوها واندثر
وقول الشاعر:
لا تحسبن المجد تمرًا أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
ب- الأساليب الخاصة في مجاهدة النفس:
هذه الأساليب الخاصة تعتمد على صدق العبد مع ربه ومعرفته بمواضع ضعفه وقوته فلا يضع نفسه في موضع يعلم أن نفسه تميل مع الهوى وتخالف الرشاد والهدى.
وبناء عليه أحب أن أسوق هذه الأمثلة الخاصة في مجاهدة النفس:
1- من اعتاد على شراب متكرر من الشاي أو القهوة أو غيرهما يلزم أن يجاهد نفسه حتى لا يكون أسيرًا لعادة، ولذلك يقال أفضل عادة ألا تكون لك عادة.
2- أن تترك بين فترة وأخرى على المائدة نوعًا من الطعام وهو أحب الأنواع إليك فإنك بهذا تهذّب في النفس سطوتها في التلذذ بالمطاعم الخاصة.
3- إن كان من طبع الأخ أو الأخت الإسراف والتبذير حتى في أبواب الخير، فيجب أن يجاهد نفسه أو أن تجاهد نفسها في الادخار والتوفير ولو بالقليل، وإن كان عكس ذلك شحيحًا بخيلاً فيجب أن يجاهد نفسه في البذل والإنفاق والتوسعة على الأهل والأقارب والمؤسسات الخيرية.
4- إن كان من طبع الأخ أنه سريع الغضب بطيء الفيء فيجب أن يلاحظ نفسه ويتذكر أن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، فإن انفلتت نفسه في غضبة لغير الله تعالى عالجها بالصيام والقيام وعاقبها بالحرمان مما تحب ومن عقوبته لنفسه سرعة الفيء، والمبادرة إلى خصمه "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".
5- إن كان الأخ أو الأخت يميل إلى الصمت الطويل حتى إنه ليوغر صدر زوجته التي تنتظر منه كلمة طيبة أو لفتة كريمة بعد طعام، أو حسن لبس، أو جمال هيئة، فيجب أن يجاهد نفسه في الالتفات إلى أن الكلمة الطيبة صدقة وأن من أدخل السرور على أهل بيت من بيوت المسلمين لم يرض الله له جزاءً إلا الجنة.
أما كثير الكلام بطبعه فيجب أن تأتي عليه فترات يجاهد نفسه بحسن الاستماع وقلة الكلام، وضبط اللسان ويتذكر حديث الترمذي بسند حسن صحيح عن معاذ بن جبل: "ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم"، ولعله يعالج نفسه بطول الخلوة وقلة الجولة مع الآخرين، فإن الخلوة تعين على الصمت إلا من ذكر الله أو تفكر في آلائه".
6- هناك إخوة وأخوات لا يحبون القراءة ويملون من قراءة فصل في كتاب وهؤلاء يجب أن يجاهدوا أنفسهم بالبدء في قراءة منهجية بدلاً من القراءات العشوائية لوريقات مبعثرة، فيتمون بعض الكتب الصغيرة، ثم يتجهون إلى الكتب الكبيرة ويتذكرون أن خير جليس في الآنام كتاب، وأن أصحاب العلم هم شركاء الملائكة الكرام في الشهادة لله بالوحدانية لقوله تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾ (آل عمران: من الآية ١٨). وأن الدنيا رجلان عالم ومتعلم ولا خير فيما سواهما كما أخبرنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.
7- إذا اعتاد الأخ أن يقود سيارته بسرعة زائدة فليجاهد نفسه بأن يقول هذا الأسبوع لن أتجاوز ولو مرة في السرعة، فإن حدث عاقب نفسه بمشي طويل أو حرمان من شراب سلسبيل، أو طعام شهي، أو يتصدق بشيء كأنه أخذ نصف مخالفة، لكنه يقدمها صدقة لباب من أبواب الخير، حتى يعود ضابطًا لنفسه في القيادة مجاهدًا لنفسه في جوانب أخرى.
8- من اعتاد أن يتوضأ لكل صلاة فقط فلينظر في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ (البقرة: من الآية ٢٢٢). وليعاهد ربه أن يلزم نفسه بالوضوء في كل وقت وحين، فكلما انتقض الوضوء توضأ سواء للصلاة أو الطعام أو القراءة أو الخروج حتى يكون دائمًا حاملاً لسلاح الإيمان وقادرًا على مواجهة وساوس الشيطان، ومستعدًا للقاء الرحمن.
9- من تشبع قلبه واقتنع عقله بفضل عبادة فليتخذ قراره بأن تكون ثابتًا من ثوابت حياته، مثل صلاة السنن، وصلاة الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصدقة السر، وأذكار دائمة، "فخير الأعمال أقلها وأدومها" كما روى البخاري بسنده عن عائشة في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
10- من استهوته شهوة النساء وغلبت عليه فتنة الجمال، وأهواء الإعلانات والأفلام، فليفزع إلى الصوم فهو الوجاء، وليهرع إلى ملاطفة أهله، وأن يشبع من الحلال أو يبادر إلى الزواج إن لم يكن متزوجًا، ويشغل ليله ونهاره بأعمال تستغرق طاقاته وهمومه، ولا يدع الفراغ والفكر ليفسد عليه عفته ومروءته.
أخيرًا لا يُعرف نظام أو قانون عادل في أية دولة أو شركة أو مؤسسة إلا وفيها نظام الإحسان لمن أحسن وعقاب من يخالف، ونحتاج بحق أن نتعامل مع أنفسنا بهذا المنطق.
لو حاولنا أن نربط بين زيادة ثوابت الدنيا، ومحاولات الشيطان أن نتراجع في ثوابت الآخرة، فقد يكون من المناسب لمن أدرك أن الدنيا مليئة بالخداع والزينة، وهي دار الغرور والآخرة هي دار القرار فأقترح لمن قصر في ثابت من ثوابت الآخرة أن يمنع نفسه من شيء يحبه من ثوابت الآخرة، ليس تحريمًا بل تعليمًا، ليس قسوة بل قوة في مواجهة انفلات النفس من الواجبات، وانجرار الهوى وراء الشيطان والنزوات، والمدرب في الملاعب أو للقوات، والقوات المحاربة لا يمكن أن يصنع لاعبًا أو محاربًا إلا إذا عوده على عادات جديدة ومنع عنه أشياء مباحة حتى يقدر أن يقاوم هواه. ومن هنا أقترح بعضًا من العقوبات التي لها صلة بثوابت الدنيا والآخرة منها ما يلي:-
1. إذا فاتتك صلاة الفجر في المسجد، فاحرم نفسك من نوعٍ من الطعام تحبه أو شراب تعودت عليه طوال اليوم، أو امنع نفسك من النوم على سرير ليلة واحدة.
2. من فاته في يوم قراءة القرآن الكريم ضاعف القراءة في اليوم التالي، وامنع نفسك من مشاهدة التليفزيون ساعة من ليل أو نهار وخصصها لقراءة القرآن.
3. من فاتته الأذكار في الصباح والمساء يمكنه أن يغلق التليفون النقال ساعة فقط من يومه يفرغ فيها في خلوة مع الله، ليعوض ما فاته، ويحمل نفسه على أنوار الذكر.
بهذا فقط تسلس النفس وتنقاد، يقول الشاعر:
والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه فقوّم النفس بالأخلاق تستقم

الجمعة، 3 سبتمبر 2010

خطبة عيد الفطر

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا .
من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له , شهادة تنجي قائلها من عذاب يوم عظيم , يوم يقوم الناس إلى رب العالمين .
وأشهد أن محمدًا عبد ورسوله وصفيه من خلقه وخليله . بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة , وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .
اللهم صل عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه وسلك طريقه إلى يوم الدين .
اللهم أحينا على سنته وتوفنا على ملته واحشرنا تحت لوائه ,وأوردنا حوضه , واسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدًا .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }النساء1
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً} الأحزاب70 { يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَفَوْزًاعَظِيمًا}الأحزاب71 .
خطب النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس إن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء , ومنزل ترح لا منزل فرح . فمن عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء . ألا وإن الله خلق الدنيا بلوى والآخرة دار عقبى , فجعل بلوى الدنيا لثواب الآخرة سببًا وثواب الآخرة من بلوى الدنياعوضًا . فيأخذ ليعطي , ويبتلي ليجزي . إنها لسريعة الذهاب , وشيكة الانقلاب . فاحذروا حلاوة رضاعها لمرارة فطامها واحذروا لذيذ عاجلها لكريه آجلها ... فتكونوا لسخظه متعرضين , ولعقوبته مستحقين ). وقال : (أيها الناس: إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه أبدًا، ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم. فاحذروه على دينكم ) .
وقال الفاروق عمر :
أيها الناس أصلحوا سرائركم تصلح لكم علا نيتكم , وأصلحوا آخرتكم تصلح لكم دنياكم ) .
اشكروا الله كثيرًا واذكروه كثيرًا . لقد أمرتم بالصيام فصمتم , وبالقيام فقمتم , وبالزكاة فآتيتم ؛ فأبشروا بالثواب الجزيل والشكر الجميل من رب كريم .
لا يضيع عنده ثواب , ولا يرد من تاب , ولا يوصد في وجه من قصده باب .
نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم سائر الأعمال , وأن يديم علينا نعمة القرب ولذة الطاعة .
أيها الإخوة الأحباب : إن من دروس شهر رمضان المبارك :
§ سرعة انقضاء الأيام , فمنذ أيام قليلة استقبلنا شهر رمضان واليوم نودعه . تصرمت ساعاته وأيامه ومرت نفحاته وبركاته , وهكذا تنفلت الأيام وتسرع الأعمار , وتنقلنا الخطا إلى يوم القيامة .
§ رمضان شهر الحياة مع كتاب الله : نسمعه ونتلوه ونتدبره ونفسره , فما أحلى العيش مع القرآن ونسأل الله تعالى أن يعيننا على المداومة عليه وعلى العمل به وتطبيقه في كل شؤونا .
§ رمضان شهر الكرم والجود , شهر الرحمة بالفقراء والمحتاجين , شهر التآخي والتواصل , شهر الأرحام .
§ فلا خصام ولا شحناء ولا إحن ولا بغضاء . فلنكن هكذا دومًا . قال الشافعي رحمه الله :
ولما عفوت ولم أحقد على أحد أرحت نفسي من هم العداوات
§ لقد حفظت لسانك عن الناس , فطهره بعد رمضان بل طول العام . فلا تخدش به الأعراض , ولا تؤذ به النفوس ولا تجرح به المشاعر .
§ رمضان شهر الجهاد : جهاد النفس والشهوات , جهاد العدو , شهر البطولات والانتصارات .
والجهاد به حياة الأمة وأن تركته ذلت , وإن تنكبت طريقه هانت . وهذا ما نراه في واقع الأمة المرير . وإن المسلم لتجرح كرامته في اليوم مرات وهو يشاهد المسلمين تقطع أوصالهم وتهتك أعراضهم , وتداس كرامتهم بلا حساب .
وهنا نذكر بماضي الأمة التليد , وتاريخها المجيد ؛ عندما تمسكت بفريضة الجهاد .
§ إن مستقبل المسلمين – حملة هذا الدين – هو النصر المبين {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور55 .
( وكان حقًا علينا نصر المؤمنين ) الروم 47 .
( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) غافر 51 .
هُوَ ٱلَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ [الصف:9].
وإن هذا الدين هو سر بقاء هذه الأمة وو جودِها، إنها موعودة بالبقاء، بل بالنصر والتمكين، ولا يزال الله عز وجل يخرج لهذه الأمة في كل مرحلة من تاريخها علماء ودعاة وقادة ومجاهدين يستعملهم في خدمة هذا الدين، ولن يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا سيدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وأهله، وذلاً يذل الله به الكفر وأهله، كما قال عليه الصلاة والسلام.
: ((لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة)) وفي لفظ للبخاري: ((لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم)) وفي لفظ لأحمد: ((لا يبالون من خالفهم أو خذلهم)).
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم عن هذا الحديث: " قلت: ويحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين منهم شجعان مقاتلون , ومنهم فقهاء , ومنهم محدثون , ومنهم زهاد وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر , ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير , ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض. وفي هذا الحديث معجزة ظاهرة ; فإن هذا الوصف ما زال بحمد الله تعالى من زمن النبي إلى الآن , ولا يزال حتى يأتي أمر الله المذكور في الحديث "اهـ كلامه.
لئن عرف التاريخ أوسا وخزرجا فلله أوسٌ قادمون وخزرجُ
وإن كنوز الغيب لتخفي طلائعـا صابرة رغم المكائد تخرج
§ رمضان شهر الإرادة القوية , في وقت نحتاج فيه إلى هذه الإرادة على مستوى المسؤولين والمحكومين على السواء .
§ رمضان شهر التفكر في الكون وفي الأهلة , والليل والنهار , وفي قيمة الوقت والزمن . وإن أغلى ما يملكه المرء هو الوقت . فالوقت هو الحياة , وهو رأس مال الإنسان الذي يتجر به وهو أرضه التي يغرس فيها .
§ رمضان شهر الدعاء والتضرع والابتهال , وما أحوجنا إلى الدعاء طول العام ؛ فعلى الجانب الشخصي ما أكثر المعاصي وعلى جانب الأمة ما أكثر المآسي .
فإلى من نلجأ , وبحمى من نلوذ ؟ . إن الافتقار إلى الله هو الغنى . فالمرء يجد الأذى من أقرب الأقارب , ومن أصحابه وأترابه , فهذا يخذله وقت احتياجه إلى النصر , وذاك يبخل عنه حين فقره , وآخر يؤذيه في عرضه , أو يجرح مشاعره .
ليعلم الإنسان أنه لا راحة له إلا مع الله : يجد عنده الرحمة والعفو والود الكريم والأنس الحبيب .
§ والدرس الأخير هو الفرحة بالثواب : الفرح بالعيد , فلا صيام ولا خصام ولازيارة مقابر ولا اجترارأحزان .
إنه منهج الإسلام القويم الذي يحترم طبيعة الإنسان ؛ فيعرف كيف يقومه , كيف يعلمه الصبر وقوة الإرادة , كيف يفرحه ويسعده . إنه دين الله العظيم .
ويبقى الأمل في الفرح الكبير يوم العرض الأكبر , يوم يعفو الرب الكريم , عندمت تزف الملائكة المؤمنين ( لايحزنهم الفزع الأكبروتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ) الأنبياء 103.
وعلى الله قصد السبيل
شعبان شحاته
Hudahuda2007@yahoo.com

الخميس، 2 سبتمبر 2010

الاستدراج بالنعم

بقلم: الشيخ حجازي إبراهيم
في تفسير قوله تعالى: ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)﴾ (الأعراف)، قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والذين كذَّبوا بأدلتنا وأعلامنا، فجحدوها ولم يتذكروا بها، سنمهله بغِرَّته، ونزين له سوء عمله، حتى يَحْسَب أنه فيما هو عليه من تكذيبه بآيات الله- إلى نفسه- محسن، وحتى يبلغ الغايةَ التي كُتِبَتْ له من المَهَل، ثم يأخذه بأعماله السيئة، فيجازيه بها من العقوبة ما قد أعدَّ له، وذلك استدراج الله إياه.
وأصل "الاستدراج" اغترارُ المستدرَج بلطف من استدرجه؛ حيث يرى المستدرَج أن المستدرِج إليه محسنٌ، حتى يورِّطه مكروهًا.
وقال في موضع آخر: سنكيدهم من حيث لا يعلمون، وذلك بأن يمتعهم بمتاع الدنيا، حتى يظنوا أنهم مُتعوا به بخير لهم عند الله، فيتمادون في طغيانهم، ثم يأخذهم بغتة وهم لا يشعرون.
وقوله: ﴿ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ يقول تعالى ذكره: وأنسئ في آجالهم ملاوة من الزمان، وذلك برهة من الدهر على كفرهم وتمرُّدهم على الله لتتكامل حجج الله عليهم ﴿مَتِينٌ﴾ يقول: إن كيدي بأهل الكفر قويٌّ شديد (1).
يقول سفيان الثوري: نسبغ عليهم النعم، ونُنسيهم الشكر.

وقال الحسن: كم من مستدرجٍ بالإحسان إليه، وكم مفتون بالثناء عليه، وكم مغرور بالستر عليه.
وقال أبو رَوْق: أي كلما أحدثوا خطيئةً جددنا لهم نعمة، وأنسيناهم الاستغفار.

وفي حديث: أن رجلاً من بني إسرائيل قال: يا رب كم أعصيك وأنت لا تعاقبني؟ قال: فأوحى الله إلى نبي زمانهم أن قل له: كم من عقوبةٍ لي عليك وأنت لا تشعر، إن جمود عينيك، وقساوة قلبك، استدراجٌ مني وعقوبة لو عقلت (2).
وقيل لذي النون: ما أقصى ما يُخدع به العبد؟ قال: بالألطاف والكرامات.

وأنشدوا:
أحسنت ظنك بالأيام إذ حَسُنت ولم تَخَفْ سوء ما يأتي به القَدَر
وسالمتك الليالي فاغتررت بها وعند صفو الليالي يحدث الكدر (3).
-----------
الهوامش:
1- الطبري 23/561
2- تفسر القرطبي 18/164
3- تفسير القرطبي 7/209