ومما ورد في حب الله

ومما ورد في حب الله تعالى :

قال هرم بن حيان: المؤمن إذا عرف ربه عز وجل أحبه وإذا أحبه أقبل إليه، وإذا وجد حلاوة الإقبال إليه لم ينظر إلى الدنيا بعين الشهوة ولم ينظر إلى الآخرة بعين الفترة وهي تحسره في الدنيا وتروحه في الآخرة.

وقال يحيى بن معاذ: عفوه يستغرق الذنوب فكيف رضوانه؟ ورضوانه يستغرق الآمال فكيف حبه؟ وحبه يدهش العقول فكيف وده؟ ووده ينسى ما دونه فكيف لطفه؟.

وفي بعض الكتب: عبدي أنا -وحقك - لك محب فبحقي عليك كن لي محباً.وقال يحيى بن معاذ: مثقال خردلة من الحب أحب إلي من عبادة سبعين سنة بلا حب.

وقال يحيى بن معاذ:

إلهي إني مقيم بفنائك مشغول بثنائك، صغيراً أخذتني إليك وسربلتني بمعرفتك وأمكنتني من لطفك ونقلتني وقلبتني في الأعمال ستراً وتوبةً وزهداً وشوقاً ورضاً وحباً تسقيني من حياضك وتَهملني في رياضك ملازماً لأمرك ومشغوفاً بقولك، ولما طر شاربي ولاح طائري فكيف أنصرف اليوم عنك كبيراً وقد اعتدت هذا منك وأنا صغير، فلي ما بقيت حولك دندنة وبالضراعة إليك همهمة لأني محب وكل محب بحبيبه مشغوف وعن غير حبيبه مصروف.

وقد ورد في حب الله تعالى من الأخبار والآثار ما لا يدخل في حصر حاصر وذلك أمر ظاهر، وإنما الغموض في تحقيق معناه فلنشتغل به.


أحب الأعمال إلى الله

( أحب الأعمال إلى الله }
1 - أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل .
2- أحب الأعمال إلى الله الصلاة لوقتها ثم بر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله .
3 - أحب الأعمال إلى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله .
4 - أحب الأعمال إلى الله إيمان بالله ثم صلة الرحم ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأبغض الأعمال إلى الله الإشراك بالله ثم قطيعة الرحم .
5- أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور ٌ تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينًا أو تطرد عنه جوعًا ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في المسجد شهرًا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظًا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضيً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزول الأقدام وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل .
6- يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل .
{ هذه الأحاديث من تخريج السيوطي وتحقيق الألباني }

الاثنين، 28 مارس 2011

الطغاة وجزاؤهم

c

معنى الطغيان .

أنواع الطغيان .

أسبابه

سنة الله في التعامل مع الطغاة .

معنى الطغيان :

الطغيان هو كل ما جاوز القدر وزاد عن الحدِّ المقبول، قال تعالى : (﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ) 11 الحاقة .

تقول: أطغاه كذا إذا حمله على الطغيان

وتقول: طغى فلان إذا غلا في العصيان، وأسرف في الظلم

معنى الطغيان في الشرع: يقوم على أساس معناه في اللغة، فيُراد به تجاوز الإنسان حده وقدره.. وحدُّ الإنسان هو ما حدَّه الله له من حدود لا يجوز له أن يتجاوزها، وقَدْر الإنسان هو قَدْرُه باعتباره عبدًا لله تعالى، فتلزمه طاعة سيده ومولاه، فإذا تجاوز العبد ما حدَّه الله تعالى له من حدود لا ينبغي تجاوزها، وتعدَّى قدره كعبد أصبح طاغيًا متمردًا.. وآيات القرآن في هذا الموضوع كثيرة .

1 – طغيان السلطة ، المتمثل في طغيان الحاكم :

﴿هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19) النازعات .

لقد تطلب الأمر أن ينتدب اللهُ جلَّ في علاه عبدًا من عباده هو موسى عليه السلام؛ ليحاول إيقاف هذا الشر، ومنع هذا الفساد، والتصدي لهذا الطغيان إنه أمرٌ كريهٌ شديدُ الكراهية؛ حتى ليخاطب الله تعالى بنفسه عبدًا من عباده ليذهب إلى الطاغية، فيحاول رده عما هو فيه، والإعذار إليه قبل أن يأخذه الله تعالى نكال الآخرة والأولى .

وجاء أيضا : ﴿أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِي (9)

وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (11)

فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ( 14) الفجر .

ويبلغ الطغيان مداه لدى فرعون : ( فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى ) النازعات .

هكذا بلسان الحال ولسان المقال!.. وهكذا تجاسر فرعون الطاغية على مقام الربوبية، كأنه يقول لشعبه: "يجب عليكم يا شعبي أن تسمعوا لي وتطيعوني وتسمعوا لي، ولا تنشغلوا بطاعة غيري، فأنا ربكم- أي مربيكم- والمحسن إليكم، وليس لأحد أمر ولا نهي عليكم إلا لفرعون وحده .

وهكذا يظن الإنسان عندما يطغى أنه قد ملك الشعب ولا يجوز لأحد أن يخرج عن أمره ، ولا يشذ عن سلطانه ، فضلا عن أن يعترض عليه .

﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ ) 4 القصص .

وكان أصحاب السلطان والمكانة قد تأخروا عن الإسلام ؛ لأنهم كانوا سادة أصحاب منزلة وشرف في قومهم ، منعتهم الأنفة أن يكونوا سواء مع الفقراء والعبيد والمغمورين من المسلمين .

قال أبو جهل لعنه الله : كنا كفرسي رهان .... حتى قالوا منا نبي فأنى لنا بهذا ، والله لن نؤمن له أبدًا . فكان مصيره ومصير أبي لهب وامرأته حمالة الحطب : التباب والهلاك .

2 – طغيان المال :

ويمثله قارون ، وتجار مكة ومنهم أبي بن خلف لعنه الله .

وقارون كان من قوم موسى ولم يكن من آل فرعون ولكن حبه للمال جعله ينضم لمعسكر الكفر ، فكان مصيره النار ومآله البوار .

وأبي بن خلف قتل على يد النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر .

والمال يطغي الإنسان ويدفعه إلى الزهو والخيلاء والتكبر على الناس .

في حين ترى قطاعًا كبيرًا من الناس يشكر الله على نعمة المال ويؤدي حق الله فيه من الزكاة والصدقات وصلة الأرحام ، وتراهم متواضعين لم يرى أحدهم علوا على الناس بسبب هذا المال .

وكان عبد الرحمن بن عوف لا يعرف من عماله يلبس من أبسط الثياب ويأكل معهم ويجلس معهم .

3 – اجتماع السلطة والمال :

وهو ما اجتمع لفرعون ، فكان هامان بعساكره وقارون بماله من أركان دولة الفرعون .

فإذا اجتمع المال والسلطان بلا وازع ديني ولا مبدأ أخلاقي نتج عنهما أقبح أنواع الفساد .

وهو ما حدث للأنظمة الحاكمة في مصر وتونس وليبيا وسورية ومعظم الدول العربية .

وكانت النتيجة قهر العباد وإفقارهم وتجويعهم وإذلالهم .

وفي النهاية حقت عليهم سنة الله التي لا تتخلف ( ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ) فاطر .

ويدخل تحت هذا النطاق : طغيان الجماهير على المال العام :

هل يعقل أن يتم التعدي على الأرض الزراعية الصالحة لأن رقابة الدولة غير موجودة ؟ حيث تم البناء على مساحة : 3500 فدان في شهر واحد .

4 - ومن أسباب الطغيان أيضا :

- غفلة الجماهير .

- وذلتها وطاعتها وانقيادها .

وما الطاغية إلا فردٌ لا يملك في الحقيقة قوةً ولا سلطانًا إنما هي الجماهير الغافلة..! التي تحني له رءوسها فيستعلي، وتتنازل له عن حقها في العزة والكرامة فيطغى.. والجماهير تفعل ذلك إما مخدوعة من جهة أو خائفة من جهة أخرى .

5 – طغيان العبادة والتعالي على الناس وطلب الشرف بدلا من التواضع والتقرب إلى الله بها .

موقف المجتمع المسلم من الطغيان :

1 - النصيحة والتذكرة .

﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) 44 طه .

2 - عدم الركون إلى الظلمة والطواغيت :

) ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون ) 113 هود .

3 - تبصير الجماعة المسلمة للأمة: موضحة لهم أن الطاغية ما كان له أن

يطغى لولا أعوانه وهم للأسف من الأمة .

﴿وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وظنوا أنه ألينا لا يرجعون﴾ 39 القصص .

﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ) 8 القصص .

{فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ }الذاريات40 .

4 - عدم الزهو بالنصر إذا حدث، وعدم التراخي والتهاون بعده .

فكثير من الناس يثبت عند المحنة والبلاء، والقليل مَن يثبت عند النصر والتمكين ؛ زهوا وفخرا ولذا قال تعالى :

( إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) 7 محمد .

وفي الأصل كان النصر من عند الله : (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }آل عمران126.

ومن أجل هذا كان العتاب للمؤمنين بعد غزوة بدر التي انتصروا فيها ؛ وذلك لتنازعهم على الغنائم من جهة ، وحتى لا يصيبهم الزهو من جهة أخرى .

فجعل التثبيت بعد النصر وليس قبله.. وهكذا الثبات بعد النصر منزلة أخرى وراء النصر .

5 – عدم التلون :

فهناك مَن هو صاحب شخصية إسلامية في المسجد، وفي خارج المسجد هو من أعوان الظلمة والطواغيت

فليكن ديدنك في هذا قوله تعالى :

(قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 162 لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ 163 ) الأنعام .

6 - الاستعانة بالله والصبر على الأذى: فإن الطغاة لا يستسلمون إلا بعد المجاهدة لهم والمدافعة والمغالبة .

، ولما طال الوقت على بني إسرائيل، وتَجَبَّر عليهم فرعون، واشتكى الناس حينئذ : (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ 128 ) الأعراف .

تذكرة للطغاة :

عن معقل بن يسار : قال صلى الله عليه وسلم :

(ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرَّم الله عليه الجنة ) .متفق عليه .

ولله در معاوية رضي الله عنه.. لما قال له أبو مريم الأزدي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

( مَن ولاه الله شيئًا من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة ) .

فجعل معاوية رجلاً على حوائج الناس، رواه أبو داود والترمذي .

سنة الله في التعامل مع الطغاة :

لقد علمنا كيف فعل ربنا – سبحانه وتعالى – بفرعون وقارون وهامان والنمروذ وعاد وثمود وقوم لوط وقوم تبع وغيرهم .

ثم إنها سنةٌ من السنن الإلهية التي عايشناها في أيامنا هذه، وخرج منها أصحاب العقول الواعية والقلوب الزاكية بدرس عظيم يرسِّخ مفاهيم لن تُنسى ما حيينا ولن تمحى ما بقينا على وجه هذه البسيطة .

إن سنة الله جلَّ وعلا في الطغاة هي إنزال العقاب بهم في الآخرة ، أو في الدنيا والآخرة معًا ولن يفلت منهم أحد .

ولكن لا يعتبر بهذه السنة الجارية إلا مَن يخشى ربه ويخافه :

(فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى 26 ) النازعات .

بشرى :

مهما طال عهد الطغيان فإن مصيره إلى زوال ، ومآله إلى بوار ، والنصر للحق وللشعوب المقهورة المظلومة :

( حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرن فنجي من نشاء ولا رد بأسنا عن القوم المجرمين ) 110 يوسف .

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

الثلاثاء، 15 مارس 2011

مؤامرة على ليبيا

تواطؤ عربي ، وتآمر غربي

والضحية هي الشعوب .. الشعوب العربية .. ذات العقيدة الإسلامية .

الشعب الليبي يذبح بالآلاف والجرحى بالآلاف ، وآلاف الثكلى واليتامى .. ومازالت الجامعة العربية ساكتة ، وعن قراراتها صامتة ، وذكرني ذلك بالمرارة التي غصت بها حلوقنا ، وحيرت عقولنا ، أيام الحرب المجرمة على غزة .

وأسأل : ما فائدة هذه الجامعة إذن ؟ !

ألا يخجل عمرو موسى - وهو لم ينجز شيئا هو ولا الجامعة التي يمثلها – من تصدره للترشيح لرئاسة أكبر دولة عربية في المنطقة ؟ !

يقعد العرب ينظرون كيف يبني الغرب قواعد المجد وحده ؟ !

ينتظرون أن ينصر الغرب شعوبنا ويحمي مقدساتنا ، ويذود عن حرماتنا !

أنا أعلم أنه لن يكون لهذه الجامعة أي دور إلا بعد تمتع الشعوب العربية بالديمقراطية ، حينها سيعاد تنظيم لوائحها من جديد لتكون قوة لها حساب لدى الآخرين .

أما عن الدول التي تخشى شعوبها وتخاف من الديمقراطية مثل سوريا والجزائر ، فقد ثبت أنهما يساعدان الطاغية الليبي بالطيارين وبالأسلحة والمرتزقة ، وقد شوهدت الطائرات الجزائرية تحط في البريقة بالجنود المرتزقة ، والطيارون السوريون يشعلون أرض المعركة بالنار فوق رأس إخواننا وأبنائنا في ليبيا .

أما بالنسبة للدول الغربية وأمريكا على رأسها ، فقد سقطت أقنعتها جميعًا ، فلا حقوق للإنسان ؛ لأن الإنسان هنا عربي ، أو مسلم .

ولا اعتبار للشعوب التي تريد إسقاط النظام المنبطح الذي يمد يده بالمال إلى الغرب وبالإساءة إلى شعبه !

ثم إن هذه الثورات هي في الحقيقة ضد مصالح أمريكا والغرب ، وكل دولة تقع في براثن الديمقراطية هي كارثة ، لأن هذه الديمقراطية ستفرز إسلاميين ووطنيين ، وهي لا تريد هذا ولا ذاك .

لأن هذا في زعمهم سيقطع عنهم فوائد كثيرة .

وليس الغرب ولا أمريكا بمن يفكر بعقلانية ، فيقولون مثلا : نتعامل مع هذه الدول في ثوبها الجديد من منطلق المصلحة المشتركة - والعرب بالطبع سيقبلون هذا - ولكنهم لا يفكرون إلا بمنطق المستعمر المستعلي المحتل ، هكذا وجدوا آباءهم يفعلون !

ومن أفعالهم .. ومن أفعالهم يأتي العجب : يجتمعون منذ أكثر من أسبوعين ليأخذوا قرارًا بحظر الطيران ليشلوا قوة العقيد الباطشة ضد شعبه ثم ينفضون ، ثم يجتمعون وينفضون وتدور الطواحين ولا نجد غلة ولا دقيقًا .

وهناك تفسير لما يحدث : ليبيا بلد النفط ، والعقيد ينثر الملايين في جامعات بريطانيا وبنوك أمريكا ومشاريع إيطاليا .

ثم إن توالي سقوط الدول العربية في أيدي الشعوب معناه ديمقراطية وسيادة الحرية والمحاسبة للحكام والمسؤولين ، وفي هذا ضرر كبير يراه الغرب و أمريكا .

كما أن الحلقة ستتصل بين تونس ومصر وليبيا ، وسوف تمتد إلى غيرها بالضرورة .

أما بالنسبة لليمن فالوضع أخطر بكثير . لماذا ؟

أخطر بسبب موقها الاستراتيجي المتحكم في القرن الإفريقي عن طريق باب المندب .

وكذلك لوقوعها في عمق الجزيرة العربية من الغرب والجنوب معًا ؛ فإذا وقعت في يد الشعب فمصالح أمريكا في السعودية وسلطنة عمان وغيرها أصبحت في خطر شديد .

وماذا نقول عن الأخبار التي حدثت أن هناك سفينة ترفع العلم اليوناني تحمل أسلحة وصلت سواحل ليبيا يوم الجمعة 11 – 3 – 2011 م .

وثبت أيضًا أن الأموال مازالت تنهال على العقيد الطاغية في طرابلس .

وإليك هذا الدليل من ( الفاينايشل تايمز) :

فاينانشيال تايمز” عائدات النفط تتدفق على النظام الليبي

(( ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” الاقتصادية أمس، أنه على الرغم من العقوبات الغربية ضد ليبيا، فإن مئات الملايين من الدولارات من عائدات النفط لا تزال تصل إلى نظام العقيد معمر القذافي .

وأشار التقرير إلى أن البنك المركزي الليبي لا يزال يتحكم في الأموال القادمة للبلاد من صادرات النفط وأنه لا يزال تحت سيطرة القذافي . ونقلت الصحيفة عن خبراء قولهم إن السبب في ذلك يعود إلى أن عقوبات الأمم المتحدة والدول الأوروبية لا تستهدف البنك المركزي الليبي، فيما لم تؤثر العقوبات الأمريكية على المجموعات المملوكة لليبيا خارج البلاد.

ونقلت “فاينانشيال تايمز” عن تنفيذيين وسماسرة قولهم إن الصين والهند لا تزالان تشتريان النفط الخام الليبي . وإن ليبيا صدرت قرابة 570 ألف برميل نفط يومياً خلال الأسبوع الأخير من فبراير . وبلغت صادراتها الأسبوع الماضي نحو 400 ألف برميل يومياً . وتبلغ قيمة الصادرات خلال أسبوعين بالأسعار الحالية نحو 770 مليون دولار . (د .ب .أ) .

وليس أمامنا إلا ملجأ واحد وملاذ واحد لا يتخلى عن المظلوم أبدًا ، أنه الله الذي هو أغير منا جميعا على العباد ، وأحرص منا على البلاد- سبحانه وتعالى .

نسأل الله القوي العزيز أن يعز جنده ويذل عدوه ؛ إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير .

السبت، 5 مارس 2011

حوار مثير بين الشاطر والعادلي




الحوار الأخير بين خيرت الشاطر نائب المرشد وحبيب العادلي

حبيب العادلي يدخل السجن ، وخيرت يخرج

بعد قضائه أكثر من أربع سنوات من السنوات السبع التي حُكم بها عليه النظام البائد، وقبل مغادرة المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، سجن طره، استقبله مأمور السجن في مكتبه ليهنِّئه ويودِّعه، وقال له: أعرف أنكم ظُلمتم كثيرًا، وأنا على استعداد لتلبية أية خدمة تطلبونها في أي وقت.

لمعت في رأس الشاطر فكرة، فقال للمأمور: أريد منك خدمةً شخصيةً صغيرةً، وعلى الرغم من دهشته لأنه لم يتعوَّدْ منهم على الطلبات الشخصية، فإنه أجابه على الفور: تحت أمرك. قال الشاطر: أريد زيارة حبيب العادلي.

ردَّ المأمور: ألا تعتقد أن هذا الأمر خارج عن صلاحياتي؟! أجابه الشاطر: يمكنك أن ترسل للعادلي في زنزانته من يستأذنه.

قبل المأمور الفكرة، واستدعى أحد ضباطه، وطلب منه أن يذهب للعادلي، وكانت المفاجأة أن هذا الضابط عاد على الفور يحمل الموافقة التي أدهشت الجميع.

فُتحت الزنزانة، وسُمح للشاطر بالدخول على العادلي، ودار بينهما الحوار التالي:

الشاطر: السلام عليكم.

العادلي (يحدق في الشاطر): رغم كل هذه السنوات لم تتغير ملامحك كثيرًا، فقط ازداد الشيب في شعرك، كنت أنظر إليك من خلال كاميرات لاظوغلي أثناء تحقيقات أمن الدولة معك، (يضحك بأسى) وبعد هذه الزيارة لن أراك إلا من خلال التليفزيون المصري، أنت تذكِّرني بيوسف الصديق.

الشاطر: أنا جئت..

العادلي: (مقاطعًا) أعرف أنك تريد أن تشمت بي، ولهذا السبب سمحت لك بزيارتي.

الشاطر: أولاً: الشماتة ليست من أخلاقنا، فهذه ليست أول مرة يدخل معنا السجن من قام بسجننا، ولعلك تذكر صلاح نصر ورفاقه الذين لم نشمت فيهم، ثانيًا: لماذا سمحت لي بالزيارة وأنت تظن أنني سأشمت بك؟!

العادلي: لأن ما حدث لي كان بسببكم.

الشاطر: نحن؟!

العادلي: لقد كنت أقوى وزير داخلية في العالم كله قديمًا وحديثًا، أكثر من مليون ونصف المليون رجل شرطة ينتظرون إشارة من أصبعي في أية لحظة، لم يكن يُعيَّن خفير أو مدير أو وزير، معيد أو عميد، إلا بإذن كتابي صريح من رجالي.. الرئيس لا يثق إلا في تقاريري حتى لو كانت ملفَّقةً، وما مَدْحُه لنا قبل الأحداث الأخيرة بيومين فقط إلا دليل على ذلك، ثم يحدث لي ما حدث، أنا على يقين أنها لم تكن قوة عادية أبدًا أبدًا.

الشاطر: ماذا تقصد؟!

العادلي: إنها السهام التي لا تخطئ.. إنها دعواتكم التي لم أستطع منعها أو التصدي لها، ولهذا سمحت لك برؤيتي على هذه الحال، لتشمت بي لعل هذا يرضيك ويجعلك تكف عن الدعاء عليّ.
الشاطر: ولماذا تظن أن دعائي هو الذي سبب لك هذا؟!

العادلي (يضحك بأسى): ألا تعرف التهمة التي أدخلتني هنا؟! إنها نفس التهمة التي لفقتها لك وأدخلتك بها هذا السجن: غسيل الأموال، على الرغم من أن هناك تهمًا أفظع يُحقق معي فيها كقتل المتظاهرين، لكنني لم أدخل في البداية إلى هنا إلا بتهمة غسيل الأموال، هل تريد دليلاً أكثر من هذا؟

الشاطر: هذه حكمة الله تعالى التي يجب أن نتعلم منها.

العادلي: لكنني لم أتعلم، لم أتعلم مما حدث للوزراء من قبلي: النبوي إسماعيل، زكي بدر، عبد الحليم موسى، وصولاً إلى هامان.

الشاطر: ما عليك الآن إلا التوبة.

العادلي: أظن أن توبتي غير مقبولة، فهي كالتوبة التي أعلنها فرعون حين أدركه الغرق.

الشاطر: أكثر من الاستغفار، فرحمة الله واسعة.

العادلي: أحس كأن الملائكة تضع طينًا في فمي، فأعجز عن النطق بكلمات الاستغفار.

الشاطر: من داوم قرع الباب فُتح له.

العادلي: أعطني مصحفك، لعلي أفهمه كما فهمتموه أنتم.

الشاطر (يخرجه من جيبه ويعطيه له): تفضل، لكنك لم تعرف حتى الآن لماذا جئتُ إليك.

العادلي: لماذا؟!

الشاطر: جئت لأخبرك أنني سامحتك، وليت الأمر بيدي، كنتُ طلبت من الشعب المصري كله أن يسامحك.

العادلي: بعد 12 سنة قضيتها في السجون، تأتي وتقول لي هذا الكلام.. الوداع يا أنبل الناس.. الوداع.. (يمد العادلي يده مصافحًا ثم يحتضن الشاطر، فيغلبهما البكاء، العادلي يبكي ندمًا، والشاطر يبكي تأثرًا).

تعليق : نعم التذكرة ، سبحان الله .. ما أطيب قلوب الصالحين !!