بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد ..
إن الله عز وجل يعد ووعده حق ، ويتحقق الوعد ولو بعد حين ، ويقص علينا القصص بالحق فتكون فيه العبرة والموعظة للأمة على مدار الأيام فتستنير بكتاب ربها وهدي نبيها وسيرة سلفها الصالح .
وكلما وقع ما وعد الله به يزيد المؤمن ثقة بربه وتصديقا بوعده ، (وَعْدَ الله حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ الله قِيلاً }النساء122 .
{ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ الله حَدِيثاً }النساء87) ( وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ الله ) التوبة111.
فعندما انتخب الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيسا لمجلس الشعب وهو من الإخوان المسلمين الخارجين من السجون وقد صاروا ممكنين في الأرض ، وتذكرتُ الطاغية حسني مبارك وجنوده في السجن خطرت على قلبي هذه الآية الكريمة من سورة القصص وما بعدها من الآيات .
هؤلاء الإخوان الذين سجنوا حينا من الدهر وأوذوا عقودا من الزمان ولم تلن قناتهم ، ولم تفتر عزيمتهم ، وتنوع الإيذاء الواقع بهم من قتل ، وفصل من الوظائف ، وإبعاد من وظائف أخرى ، وتشويه ، وتضييق ، واستدعاء لأمن الدولة شبه يومي على مستوى الجمهورية .
ومع ذلك ظلوا ثابتين على دعوتهم رابضين لدينهم حارسين لمنهجه حتى صدقهم الله وعده وأنجز لهم نصره.
وصدق الله العظيم إذ يقول {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ الله وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ }الأنعام34 .
هذا النصر اتسعت به رقعة الثقة في قلوبنا ، وزادت مساحة الأمل في نفوسنا ، وأصبحنا نتنسم عبير الدولة الإسلامية ونستشرف عطر الخلافة العالمية .
ويحضرني قصة سيدنا زكريا عليه السلام – وكان يرجو الولد – وقد يكون الذي قعد به وأسكته وهن عظمه وتقدم سنه ، لكنه لما رأى الرزق يأتي مريم – عليها السلام – بغير حساب ؛ بعث ذلك الموقف الأمل في نفسه فابتهل داعيا {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء }آل عمران38 .
والله عز وجل – وهو على كل شيءقدير – لا يخيب ظن عبده ، فجاء الجواب سريعًا :
{فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ الله يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ الله وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ }آل عمران39 .
ومع أنه يعلم أن الله على كل شيء قدير إلا أنه أظهر عجبه وأبان دهشته : {قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ }آل عمران40
ولما أصاب الناس الدهشة في مصر والعالم بإزاحة الطغاة الذين أراهم الله ما كانوا يحذرون وأشهدهم ما كانوا يخافون
كان الرد من الله سبحانه ، حيث أراد أن يهلك المتجبرين ويقضي على المفسدين ويمكن للمؤمنين ويورث المستضعفين ولا رادّ لقضائه ؛ لأنه فعال لما يريد .
{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ }القصص6 .
صدق الله العظيم
والحمد لله رب العالمين . وعلى الله قصد السبيل .