ومما ورد في حب الله

ومما ورد في حب الله تعالى :

قال هرم بن حيان: المؤمن إذا عرف ربه عز وجل أحبه وإذا أحبه أقبل إليه، وإذا وجد حلاوة الإقبال إليه لم ينظر إلى الدنيا بعين الشهوة ولم ينظر إلى الآخرة بعين الفترة وهي تحسره في الدنيا وتروحه في الآخرة.

وقال يحيى بن معاذ: عفوه يستغرق الذنوب فكيف رضوانه؟ ورضوانه يستغرق الآمال فكيف حبه؟ وحبه يدهش العقول فكيف وده؟ ووده ينسى ما دونه فكيف لطفه؟.

وفي بعض الكتب: عبدي أنا -وحقك - لك محب فبحقي عليك كن لي محباً.وقال يحيى بن معاذ: مثقال خردلة من الحب أحب إلي من عبادة سبعين سنة بلا حب.

وقال يحيى بن معاذ:

إلهي إني مقيم بفنائك مشغول بثنائك، صغيراً أخذتني إليك وسربلتني بمعرفتك وأمكنتني من لطفك ونقلتني وقلبتني في الأعمال ستراً وتوبةً وزهداً وشوقاً ورضاً وحباً تسقيني من حياضك وتَهملني في رياضك ملازماً لأمرك ومشغوفاً بقولك، ولما طر شاربي ولاح طائري فكيف أنصرف اليوم عنك كبيراً وقد اعتدت هذا منك وأنا صغير، فلي ما بقيت حولك دندنة وبالضراعة إليك همهمة لأني محب وكل محب بحبيبه مشغوف وعن غير حبيبه مصروف.

وقد ورد في حب الله تعالى من الأخبار والآثار ما لا يدخل في حصر حاصر وذلك أمر ظاهر، وإنما الغموض في تحقيق معناه فلنشتغل به.


أحب الأعمال إلى الله

( أحب الأعمال إلى الله }
1 - أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل .
2- أحب الأعمال إلى الله الصلاة لوقتها ثم بر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله .
3 - أحب الأعمال إلى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله .
4 - أحب الأعمال إلى الله إيمان بالله ثم صلة الرحم ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأبغض الأعمال إلى الله الإشراك بالله ثم قطيعة الرحم .
5- أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور ٌ تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينًا أو تطرد عنه جوعًا ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في المسجد شهرًا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظًا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضيً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزول الأقدام وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل .
6- يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل .
{ هذه الأحاديث من تخريج السيوطي وتحقيق الألباني }

الأربعاء، 15 يوليو 2009

استقبال شهر رمضان

استقبال رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على سيد الأولين والآخرين وخير داعٍ إلى الصراط المستقيم .
وبعد :
إن الزمن يجري بسرعة عجيبة، فهو دائب الحركة ليلا ونهارا، يتساءل المرء عن تلك الأيام التي عاشها، والليالي التي قضاها، فلا ينفك يراها ماضيا تركه خلفه، لن يعود إليه مرة أخرى .
ومن رحمة الله عز وجل بعباده، أن جعل لهم مواسم للخير، يكثر أجرها ويعظم فضلها، حتى تتحفز الهمم للعمل فيها، فتنال رضي الله وفضله .
ورمضان أحد أعظم هذه المواسم ، فهو شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن .
ينتظر قدومه المسلمون بكل لهف ، ويتأمله المؤمنون بكل شغف ، وكأني ألمحه على الأبواب ، فمرحبًا بشهر رمضان
والناس إزاءه قسمان ، قسم قضى نحبه ، مرتهن بعمله ، حسابه على ربه ، وقسم ينتظر ، فإذا بلغ الكتاب أجله ، فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ، فطوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً ، وطوبى لمن صدقت نيته ، وطابت سجيته ، وحسنت طويته ، فكم من الناس من ينتظر شهر رمضان بلهفة وشوق ، لينهل من بركاته ، ويغترف من خيراته ، فهو المعين الدافق ، والنهر الخافق ، وعندما يقترب الشهر من زواره ، ويحل برواده ، تنقطع آجال أناس منهم ، ويبقى آخرون ، إن بلوغ رمضان لنعمة كبرى ، ومنة عظمى ، يقدرها حق قدرها ، الصالحون المشمرون ، فواجب على كل مسلم ومسلمة منَّ الله عليه ببلوغ شهر رمضان ، أن يغتنم الفرصة ، ويقطف الثمرة قبل أن تكو ن عليه حسرة .
وإليك هذا البرنامج المقترح :
فإليك --أخي الكريم-- هذه الجملة من المقترحات المختصرة والتي تساعد على تهيئة النفس والبيت والمسجد في استقبال شهر رمضان المبارك والذي نسأل الله أن يبلغنا وجميع المسلمين صيامه وقيامه إنه على كل شيء قدير :-
أولاَ / النفس :-
1- إخلاص العمل لله عز وجل .
2- استشعار نعمة الله علينا بهذه المواسم .
3- العلم بأنه ميدان منافسة على العتق من النار .
4- التهيئة النفسية لمصاحبة المصحف والانقطاع عن الشواغل .
5- اختيار كتاب من كتب التفسير الميسرة مثل تفسير الجلالين , تفسير السعدي .
6- أن يتدبر القرآن ولا يكتفي بمجرد التلاوة وعد الصفحات .
7- إعداد جدول للقراءة يوفق فيه الإنسان بين قدراته وأعماله .
8- تعويد النفس على الدعاء ورفع اليدين .
9- تعويد النفس على الجلوس في المسجد أدبار الصلوات وخاصة صلاتي الفجر والعصر كلما تيسر ذلك .
10- تعويد النفس على الصدقة والبذل والعطاء.
11- الحرص على تحفيز النفس ومضاعفة دورها في العمل الصالح مثل قراءة حياة السلف وحالهم في رمضان .
12- تعويد النفس على قيام الليل وذلك بالزيادة في الوتر والتهجد .
ثانياَ / البيت :-
1- تخصيص مصلى في المنزل للنساء بغرض التهجد والصلاة .
2- شراء الأشرطة و المطويات والإمساكيات وعمل مسابقات عائلية خاصة برمضان .
3- عقد جلسة مع أفراد الأسرة والتحدث عن رمضان وفضله وأحكامه .
4- تجهيز المنزل بما يتطلبه من مأكولات مشروبات بشرط عدم الإسراف .
تزيين المنزل بالفوانيس وزينة رمضان ذات القيم
5- اتخاذ قرار مجمع عليه في الأسرة تجاه وسائل الإعلام وما تبثه في رمضان .
6- تنسيق وتوزيع الأدوار بين أهل البيت في الخدمة حتى تجد المرأة حظها في برامج العبادة .
7- تنسيق برامج الزيارات والاستضافات الرمضانية مع الأهل والجيران والأصدقاء .
8- إعداد برنامج للعمرة والاعتكاف إذا تيسر ذلك .
9- المشاركة في إعداد الطبق اليومي ولو كان شيئاً يسيراً يهدى لوجبة تفطير الصائمين في المسجد.
10- مسابقة في حفظ أحاديث كتاب الصيام مثل كتاب بلوغ المرام أو رياض الصالحين .
11 - استغلال الطاقات والقدرات لأفراد الأسرة والاستفادة منها في الشهر الكريم مثل : التجويد , والأناشيد والرسم .
ثالثا / المسجد أو ( الحي ) :-
1- أن يتهيأ الإمام في المواظبة بالقيام بجميع الفروض في مسجده طيلة أيام الشهر .
2- إعداد إنارة المسجد وتنظيم أثاثه ، والعناية بالسماعات والصوتيات .
3- الاهتمام بدورات المياة والقيام على تجهيزها وتنظيفها .
4- العمل على حث جماعة المسجد في جمع تبرعات لسد احتياجات المسجد .
5- استضافة بعض العلماء وطلبة العلم في المسجد لإلقاء الكلمات والمواعظ قبل رمضان وأثناءه .
6- اختيار الإمام للكتاب المناسب وقراءته على جماعة المسجد بعد إحدى الصلوات .
7- إعداد المسابقات اليومية والأسبوعية لجماعة المسجد .
8- تخصيص لجنة تقوم بإعداد وجبة إفطار الصائم والإشراف عليها .
9- تخصيص ليلتين أو ثلاث من الشهر يجتمع فيها جماعة المسجد لإفطار جماعي يأتي كل واحد منهم باليسير من زاده ويجتمعون عليه في المسجد تحت إشراف الإمام وتنسيقه .
10- إعداد برنامج ترفيهي لشباب الحي .
11- الحرص على أن يختم الإمام ولو ختمة واحدة في صلاة التراويح .
12- إعداد برنامج لجمع الزكاة وتوزيعها على فقراء الحي .
13 – استدعاء لجنة الصلح بالحي لجمع الشمل وائتلاف القلوب .
14- إعداد برنامج لعيد رمضان مثل اجتماع الجيران بعد صلاة العيد في المسجد .
جمع المادة / شعبان شحاته .
Hudahuda2007@yahoo.com
وعلى الله قصد السبيل


الاثنين، 6 يوليو 2009

مروة الشربيني

مروة الشربيني
لماذا تقتل طبيبة مسلمة مصرية في ألمانيا الأوربية قلعة العلم والتقدم ؟ .
تقتل لأنها تلبس غطاء على رأسها !
لأنها مسلمة !
هذا مواطن في سن الرشد وفرد من الناس , والأسبوع الماضي وصف الرئيس الفرنسي زي المسلمات ومن يرتدينه بأقبح النعوت والأوصاف , وألمح إلى الإسلام بهذه النعوت الشنيعة .
وهم الذين يمنعون المسلمات أن يدخلن دور العلم بزيهن الإسلامي بقوانين مسنونة
في مجالسهم التشريعية المجنونة .
تلك المجالس التي شرعت الزواج المثلي , التي تأباه طبيعة الحيوان !
أعود لأقول ما الذي أطمعهم فينا , وجرأهم علينا ؟ .
إن الثقافة السائدة في المجتمع الأوربي – معظمه - تجاه العالم الإسلامي هي : لا مبالاة , استهتار , استقذار .
فما السبب ؟ .
السبب هو عدم الدفاع عن قيمنا ومبادئنا من قبل المسؤولين , والرسميين , والذين يملكون القرار السياسي , ويستطيعون طرح احتجاجهم على الحكومات والمجامع الأوربية , ولا يخشون أن يلاموا بسبب ذودهم عن دينهم وأوطانهم وشعوبهم .
إنهم لا يتورعون عن الافتخار بثقافتهم وطريقة معيشتهم , بل ويفرضونها علينا طوعا وكرها , بالبرامج الثقافية , وبالقوات العسكرية على السواء .
ونحن لا نريد أن نظهر الاعتزاز بديننا وقيمنا الإسلامية ومبادئنا الربانية !
ليعلم هؤلاء
أن نور الله لن يطفئه شرذمة من القطعان الضالة في شوارع أوربا , أو في أزقة أمريكا ... أرباب الخمور والسكر والعربدة , الهاتكون لأعراض أرحامهم , الذين أعادوا سيرة قوم لوط فخالفوا الفطرة الإنسانية , وانتكسوا بقتل الفضيلة , الناهبون لثروات الشعوب , فأزهقوا أرواحهم بالملايين , وسلبوا ثرواتهم طوال السنين .
أين دليل الحضارة والتقدم ؟ وأين عنوان الإنسانية والتعلم ؟ .
أين الحرية الشخصية ؟ وأين القيم الدينية ؟ .
انحدرت لديكم قيمة الإنسان , وضيعتم كرامته ,
تنكبتم طريق الإيمان , وسلبتم استقامته .
أين أنتم من قول عمر الفاروق – يا جهلة التاريخ – للأمير المسلم الفاتح وابنه عندما اعتدى الابن على مسيحي : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ؟.
فلا فلاح لكم , ولا نجاح لكم , ولا مستقبل لكم ؛ حتى تفيئوا إلى الموازين الربانية , وتعودوا إلى القيم الأخلاقية .

في رحاب القبلة والإسراء

في رحاب القبلة والإسراء
كان الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى .
وكان تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام .
والمسجد الأقصى قد بارك الله حوله , والمسجد الحرام مبارك بنص القرآن كذلك :
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الإسراء1 .
{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ }آل عمران96 {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }آل عمران97.
هذا الربط بين المسجدين - وهما أول مابني للعبادة على وجه الأرض - في حادثة الإسراء والمعراج , وتحويل القبلة ؛ يدل على قوامة أمة الإسلام على هذا الدين , و أنها أمينة على رسالة التوحيد .
كما يدل بناء إبراهيم وإسماعيل للبيت الحرام ورفع قواعده , وبناء يعقوب للمسجد الأقصى بعده بأربعين عاما – يدل كل ذلك على أنه لا يجوز أن يبسط نفوذه على هذه الأماكن المقدسة إلا الموحدون
الذين أخلصوا دينهم لله رب العالمين .
ولا يجوز بأي حال أن يسيطر على المسجدين أو أحدهما إنسان ولو كان من ذرية إبراهيم ويعقوب ؛ إلا إذا كان دينه الإسلام .
{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }البقرة124
{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }البقرة127
{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }البقرة128
{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ }البقرة 129
{وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ .... ) 130
{أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }البقرة133 .
وإبراهيم أبو الأنبياء , وهو أبو إسماعيل , ومحمد صلى الله عليهم وسلم , خاتم الأنبياء والمرسلين .
ويعقوب قد أخذ الميثاق على بنيه ألا يعبدوا إلا الله الواحد الأحد .
فلا قوامة إذن لأحد على هذه الأماكن المقدسة إلا للمسلمين , ولتخرص كل الألسنة , وينقطع القول , ويقر الجميع بهذه الحقيقة الناصعة وبتلك البينة الواضحة .
وإذا كان مو ضوع تحويل القبلة قد شغل المسلمين , واستغله اليهود لزرع الفتنة , وإيقاد الشرور , وإثارة زوابع الشك والريبة ؛ فإن القرآن قد رد عليهم بما فيه الكفاية وزيادة , واستغرق ذلك الكثير من الآيات في سورة البقرة , فأفحمهم وأبطل حجتهم , ودحض باطلهم , وألقى بحقه على باطلهم فأزاحه عن مسرح الحياة .
ولكن الإسلام دين الجوهر , وليس دين المظهر , يهتم بحقيقة الأشياء لا بظاهرها .
ومن هنا يقرر القرآن الكريم بعد آيات القبلة الهامة جدا بأنه :
{لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ }البقرة177 .
فالبر في هذه الآية الكريمة يشمل العقائد والأخلاق والعبادات والمعاملات , وليس مجرد الاتجاه إلى القبلة .
وهذا ما ينبغي أن نركز عليه في دعوتنا لنظهر شمول ديننا لكل هذه الجوانب وغيرها , فالإسلام يدعو إلى إصلاح الحكم , والحياة الاجتماعية , والاقتصادية والتجارية , والعلمية والثقافية , وعلاقة دولة الإسلا بغيرها ... إلخ .
والقرآن قد جعل من يدع اليتيم ولم يحض على طعام المسكين اعتبره مكذبا بالدين , وإن كان يصلي ويظهر هدي الإسلام .
كما توعد بالويل والثبور لمن يمنع أشكال العون عن المجتمع من حوله .
ثم نلاحظ أن موضوع الإسراء والمعراج وفرض الصلاة فوق سبع سموات , وتحويل المسلمين إلى المسجد الحرام , حيث التسبيح في الليل الساجي , ورقي الروح والنفس في الصلاة إلى أعلى عليين , في حضرة الرب الكريم , والاجتماع بالأنبياء والمرسلين , ورؤية آيات الله , واستشعار الرحلة المباركة ,
كل أولئك مقدمة لنعيش هذه المعاني مع القرآن الكريم في شهر رمضان , شهر الصوم والقرآن .
نسأل الله تعالى أن يبلغنا الشهر الكريم وأن يعيننا على صيامه والانتفاع بأجره وثوابه والفوز بنفحاته .
آمين .
نتعلم من الإسراء والعراج :
سبحان الذي أسرى : نتعلم
• الذكر والتسبيح في كل أوقاتنا وقد شرع لنا القرآن والسنة الذكر عند الطعام والشراب والنوم والاستيقاظ ..... إلخ .
• من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى : إشارة إلى أهمية المساجد التى يتربى فيها الرجال : العلماء والمجاهدون والأفذاذ والمصلحون . يتربون على الإيمان والتعلق بربهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة ...
• أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم .
• مكانة الصلاة العالية العظيمة حيث فرضت فوق سبع سموات .
• كرم الله للأمة حيث جعل الصلوات خمسا في الأداء وخمسين في الأجر .
• جعل الله لكل مؤمن إسراء من بيته إلى مسجد حيه , ومعراجا بقلبه إلى ربه الكريم . وذلك في اليوم خمس مرات .
• فما أعظم الشرف أن يقف إنسان بين يدي ربه يناجيه ويسأله من فضله , ويبثه شكواه , ويثني عليه ويحمده , على نعمه التي لا تحصى , وآلائه التي لا تستقصى .
والحمد لله رب العالمين .

من مدونة الطريق إلى محبة الله / شعبان شحاته
Hudahuda2007@yahoo.com

السبت، 4 يوليو 2009

أحداث شهر شعبان

أحداث شهر شعبان
شهر شعبان من الأشهر التي لها مكانةٌ عظيمةٌ في الإسلام؛ حيث تُرفع فيه الأعمال لله عز وجل.. وكلمة شعبان تعني كما جاء في كتاب (مختار الصحاح): ش ع ب الشَّعْب بوزْن الكَعْب ما تَشعَّب مِن قَبائِل العَرَب والعَجَم والجمع شُعُوب، وهو أيضًا القَبِيلة العَظِيمة، وقيل أكْبَرُها الشَّعْب ثم القَبِيلة ثم الفَصِيلة ثم العِمارة بالكسر ثم البَطْن ثم الفَخِذ، وشَعبَ الشَّيْءَ فَرَّقه، وشَعَبَه أيضًا جَمَعه من باب قَطَع وهو من الأضْداد، وفي الحديث "ما هَذِه الفُتْيَا التي شَعَبْتَ بها النَّاسَ" أي فَرَّقْتَهم، والشُّعْبة واحدةُ الشُّعَب وهي الأَغْصَان، وجمع شَعْبان شَعْبانات.

الغزوات والمعارك
* في 9 من شعبان 932هـ= 21 من مايو 1526م: السلطان المسلم بابر شاه ينتصر على جيش هندي ضخم، يضمُّ 100 ألف جندي وألف فيل في معركة "بانيبات" التي استمرت 7 ساعات فقط، وينتمي بابر شاه إلى سلالة تيمور التي أقامت حكمًا إسلاميًّا في الهند استمر 3 قرون.

* معركة الحُصَيْد: بين المسلمين بقيادة "القَعْقَاع بن عمرو"، والفُرس بقيادة "رُوزَبَه"، وكانت في 10 من شعبان 12 هـ= 20 من أكتوبر 633م، وانتصر المسلمون، وفرَّ الجيش الفارسي بعد مقتل قائدهم.

* 15 من شعبان 1294هـ= 25 من أغسطس 1877م: القائد العثماني أحمد مختار باشا ينتصر على الجيش الروسي في معركة "كدكلر"، ويحصل من السلطان العثماني "عبد الحميد الثاني" على لقب "غازي" لانتصاراته المتعددة على الجيوش الروسية.

* في 18 من شعبان 967هـ= 14 من مايو 1560م الأسطول العثماني بقيادة طرغد باشا ينتصر على الأسطول الأسباني الصليبي في معركة "جربا" قرب تونس، في واحدةٍ من كبرى المعارك البحرية في التاريخ العالمي في تلك الفترة، ويقتل أكثر من ثلثي بحَّارة الأسطول الأسباني، في حين لم يسقط من العثمانيين سوى ألف شهيد فقط.

* 20 من شعبان 852هـ= 19 من أكتوبر 1448م، السلطان العثماني مراد الثاني ينتصر على جيوش أوروبا المسيحية المؤلَّفة من مائة ألف مقاتل في معركة كوسوفا بعد 3 أيام من القتال الشرس الذي قُتِل فيه 17 ألف أوروبي، وتُعدُّ هذه الحملة الأوروبية هي الحملة السادسة التي تجهِّزها أوروبا لطرد العثمانيين من أوروبا لكنها فشلت في تحقيق الهدف.

* في 23 من شعبان 13هـ= 22 من أكتوبر 634هـ، نشوب معركة الجسر بين المسلمين بقيادة "أبي عبيد" والفرس بقيادة ذي الحاجب "بهمن بن جاذويه"، وكانت معركةً هائلةً استُشهد فيها أبو عبيد، وتولَّى القيادة المثنى بن حارثة، ولم يوفَّق المسلمون في تحقيق النصر، وإن أبلَوا بلاءً حسنًا في المعركة.

* نشوب معركة "أُلَّيْس الصغرى" بين المسلمين بقيادة "المثنَّى بن حارثة" والفرس في 24 من شعبان 13هـ= 23 أكتوبر 634م، وكان النصر فيها حليفًا للمسلمين.

مواليد
* مولد الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير، أول مولود في الإسلام، في 2 من شعبان 2هـ= 29 من يناير 624م، نشأ في بيت نُبل وشرف، وعلم وحكمة، فأبُوه الصحابي الجليل الزبير بن العوام، وأمُّه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وخالتُه أم المؤمنين عائشة، وُصف بالشجاعة والإقدام، ودعا لنفسه بالخلافة بعد وفاة معاوية بن يزيد سنة 64هـ.

* في 3 من شعبان 4هـ= 9 من يناير 626م، مولد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وُلد في المدينة المنورة، وكان حِبَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- هو والحسن، دعا لنفسه بالخلافة بعد وفاة معاوية بن أبي سفيان وتولِّي ابنِه الخلافة؛ حيث لم يرضَه الحسين خليفةً للمسلمين، استُشهد في واقعة كربلاء الشهيرة.

* في 15 من شعبان 476هـ= 28 من ديسمبر 1083م، مولد العالم الكبير أبي الفضل عياض بن موسى اليحصبي السبتي، المعروف بالقاضي عياض، حافظ المغرب، وأحد أئمة العلم في القرنين الخامس والسادس الهجريَّين، وصاحب المؤلفات المعروفة في الحديث والفقه والتاريخ، ومن أشهرها: مشارق الأنوار، والإلماع.

* 15 من شعبان 1217هـ= 11 من ديسمبر 1803م مولد العالم الجليل أبي الثناء شهاب الدين محمود الآلوسي، أحد أئمة العلم في القرن الثالث عشر الهجري، وصاحب التفسير المعروف بـ(روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني).

* مولد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني في 16 من شعبان 1258هـ= 22 سبتمبر 1842م، ويُعدُّ من السلاطين العظام في تاريخ الدولة العثمانية قبيل غروب شمسها، وزوال خلافتها، وحفل حكمُه الذي امتدَّ أكثر من 31 عامًا بكثير من الأحداث، استخدم فيها السلطان دهاءَه السياسيَّ للمحافظة على إمبراطوريته المترامية الأطراف من التفكك والضياع.

* في 25 من شعبان 625هـ= 31 من يوليو 1227م، مولد الفقيه الشافعي الكبير تقيّ الدين محمد بن علي بن وهب، المعروف بابن دقيق العيد، أحد أعلام القرن السابع الهجري، له مؤلفات كثيرة، ومواقف محمودة.

* مولد الإمام حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، كبرى الحركات الإسلامية المعاصرة في 25 من شعبان 1324هـ= 14 من أكتوبر 1906م.

وفيـات
* في 1 شعبان 1409هـ= 9 مارس 1989م، وفاة العالم الجليل سعيد حوَّى مراقب جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، وصاحب المؤلفات المعروفة من أشهرها: الأساس في التفسير والأساس في السيرة.

* وفاة الخليفة أبي عبد الله المعتزّ بن المتوكل بن المعتصم، في 2 من شعبان 255هـ= 16 من يوليو 868م، وهو الخليفة الثالث عشر في سلسلة خلفاء الدول العباسية، تولَّى الحكم سنة 252هـ، وظل في منصبه ثلاث سنوات ونصف السنة، وخلفه المهتدي بالله.

* في 6 من شعبان 1398هـ= 7 من يوليو 1978م، وفاة الفقيه الكبير الشيخ علي الخفيف، أحد أئمة الفقه المعروفين في القرن الرابع عشر الهجري، وصاحب المؤلفات العميقة في الفقه والتشريع، تخرَّج في مدرسة "القضاء الشرعي"، وعمل بالقضاء فترةَ، ثم عمل بجامعة القاهرة في كلية الحقوق أستاذًا للشريعة الإسلامية.

* 19 من شعبان 1413هـ= 12 من فبراير 1993م، وفاة المحدِّث الكبير "عبد الله بن محمد الغماري"، أحد كبار المحدثِّين في القرن الرابع عشر الهجري، وصاحب المؤلفات المتعددة في الحديث.

* في 21 من شعبان 1208هـ= 25 من مارس 1793م وفاة الإمام الأكبر "أحمد العروسي"- شيخ الجامع الأزهر- وهو الشيخ الحادي عشر في سلسلة شيوخ الجامع الأزهر، اشتُهر العروسي بمواقفه الشجاعة، ووقوفه مع الحق، ومؤازرته للشعب ضد عسف بعض المماليك في مصر، له مؤلفاتٌ وآثارٌ علمية، منها: "مختصر العروسي في الفقه".

* 28 من شعبان 456هـ= 15 من يوليو 1064م، وفاة الإمام الكبير محمد بن علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، المعروف بابن حزم، أحد أعلام المسلمين في القرن الخامس الهجري، وصاحب المؤلفات المعروفة في الفقه والتاريخ ومقارنة الأديان، ومن أشهرها المحلَّى، والفصل في الملل والأهواء والنحل، وإحكام الأحكام، وجمهرة أنساب العرب.

* في 30 من شعبان 415هـ= 10 من نوفمبر 1024م، وفاة أبي القاسم عبيد الله بن عبد الله بن الحسين الخفاف المعروف بابن النقيب، أحد أئمة السنَّة في القرن الخامس الهجري، وُلد سنة 305هـ، وعاصَر من الخلفاء العباسيين: المقتدر والقاهر والراضي والمتقي والمستكفي والمطيع والطائع والقادر والغالب بالله، ومات عن عمر يناهز 110 سنوات.

أحداث متنوعة
* في 3 من شعبان 646هـ= 21 من نوفمبر 1248م.. سقوط مدينة إشبيلية، كبرى الحواضر الأندلسية في أيدي "فرناندو الثالث" ملك قشتالة، وكان سقوطها تاليًا لسقوط عدد من المدن الإسلامية الأندلسية، مثل: قرطبة، وبلنسية، وجيان، وأصبح الوجود الإسلامي في الأندلس محصورًا في مملكة غرناطة في الجنوب.

* 4 شعبان 1367هـ= 11 يونيو 1948م.. بدء الهدنة الأولى في فلسطين بين الجيوش العربية والعصابات اليهودية، وكان الوسيط الدولي في هذه الهدنة الكونت "فولك برنادوت"، الذي اغتاله اليهود بسبب اقتراحه وضْعَ حدٍّ للهجرة اليهودية في فلسطين، ووضْع القدس كلها تحت السيادة الفلسطينية!!

* في 7 من شعبان 12هـ= 17 من أكتوبر 633م.. خروج أبي عبيدة بن الجراح- رضي الله عنه- قائدًا على أحد الجيوش الأربعة التي أرسلها الخليفة أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- لفتح الشام، وأبو عبيدة من السابقين في الإسلام، وشارك مع النبي- صلى الله عليه وسلم- في غزواته وسراياه، وشارك في الفتوحات الإسلامية في عهد أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم جميعًا.

* 13 من شعبان 1339هـ= 24 مارس 1920م.. وضْع فلسطين تحت الانتداب البريطاني بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، وقد مكَّن هذا الوضع من ازدياد الهجرة اليهودية إلى فلسطين في موجات متتابعة، والتمكين لهم، وطرد السكان العرب، وانتهى هذا الوضع المأساوي بقرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين سنة 1947م.

* في 13 من شعبان 1425هـ= 27 من سبتمبر 2004م.. فوز مسلمتَين من أصل مغربي في انتخابات مجلس الشيوخ الفرنسي، في سابقةٍ هي الأولى من نوعها لمسلمي فرنسا، وكانت المسلمتان قد ترشَّحتا ضمن قائمتَين تابعتَين لحزبَين يساريَّين.

* 14 من شعبان 1402هـ= 6 يونيو 1982م.. القوات "الإسرائيلية" بقيادة وزير الدفاع
"شارون" تغزو لبنان، وترتكب مذبحة "صابرا وشاتيلا" ضد الفلسطينيين، وكان من نتائج هذا الغزو تأسيس حزب الله اللبناني تحت زعامة الشيخ "محمد حسين فضل الله"؛ حيث قاد هذا الحزب المقاومة حتى تحرير أغلب الجنوب اللبناني، وخَسِرت "إسرائيل" في هذا الغزو أكثر من 900 جندي قتيل.

* 21 من شعبان 489هـ= 15 من أغسطس 1096م.. إعلان البابا أوربان الثاني هذا التاريخ موعدًا لتجمُّع الحملة الصليبية في القسطنطينية، والتأهُّب لبدء الحملة على المشرق الإسلامي، والاستيلاء على بيت المقدس وتخليصه من أيدي المسلمين.

* في 21 من شعبان 559هـ= 19 من يوليو 1164م.. صلاح الدين الأيوبي يستعيد حمص من يد الصليبيين بعد أن حاصرها، وبفتحها صار أكثر الشام تحت يده.

* 22 من شعبان 588هـ= 2 من سبتمبر 1192م.. قيام كلٍّ من صلاح الدين الأيوبي، وريتشارد قلب الأسد بعقْد صلح عُرِف بـ"صلح الرملة" بعد أن فشلت الحملة الصليبية الثالثة في تحقيق أهدافها، واتفق الطرفان على أن يُسمَح للمسيحيين بالحجِّ إلى بيت المقدس في أمن وأمان، وأن يحكم الصليبيون الساحل الشامي من صور إلى يافا.

* 23 من شعبان 492هـ= 15 من يوليو 1099م.. سقوط بيت المقدس- ردَّ الله غربتها- في أيدي الصليبيين في حملتهم الأولى على المشرق الإسلامي، وقد دام حصارُهم للمدينة أكثر من أربعين يومًا سقطت بعدها، وحين دخلوا المدينة أقاموا بها المذابح، وقتَّلوا الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال!!
طارق عبد الرحمن / إخوان أون لاين

الخميس، 2 يوليو 2009

من دروس الإسراء والمعراج

من دروس الإسراء والمعراج (خطبة الجمعة )

الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله العظيم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا إنه من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدًا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير يقول تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)﴾ (الإسراء)، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله يقول النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "كلكم يدخل الجنة إلا من أبى قالوا ومَن يأبى يا رسول الله قال مَن أطاعني دخل الجنة ومَن عصاني فقد أبى"، اللهم صلِّ وبارك على هذا النبي وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا أما بعد؛؛؛

أيها المسلمون: كانت الأحداث التي أحاطت بالنبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- مقدمةً لمعجزة الإسراء والمعراج فكانت هذه المعجزة تسرية وتسلية لرسول الله واحتفاء به في ملكوت السموات بعدما لاقى من عنت القوم ووفاة زوجته وعمه ولجوئه إلى الله مناجيًا لما يلقاه من أهل الأرض فيقول له ربه: ﴿وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)﴾ (النحل)، وهذه إشارة لرسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- أنَّ ربَّه الذي كلَّفه بهذه الرسالة السامية بلا شك سينصره رغم هذه الشدائد فهل تعلمت الأمة من رسولها ؟ .

أيها المسلمون :إن الحديث عن الإسراء لا نريد به القصة بقدر ما نريد منه الدروس والعبر فالأحداث العظيمة تتم وتقع لنتعلم منها ونخرج منها بالدروس والعبر التي نسير عليها
أولاً : جعل الله لهذه الحادثة العظيمة والمعجزة الكبرى سورة في القرآن ا لكريم تسمى سورة الإسراء.
ذكر الله :
ثانيًا: تبدأ السورة بكلمة سبحان فيها التنزيه والتعظيم والإجلال والانبهار بهذه المعجزة من ألفها إلى يائها فكانت كلها بقدر الله وبقدرة الله عز وجل .
والأمةَ تتعلم درس التسبيح والتعظيم والتمجيد لله عز وجل فتعيش مسبحة موصولة بربها .
تعيش و لسان كل فرد فيها رطب بذكر الله .
ولم لا والكون كله مسبح لله يقول تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ (الإسراء: من الآية 44)

وكل عبادة في هذا الدين الحنيف لها حد ووقت إلا الذكر ليس له حد ولا وقت ولا حال يقول تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)﴾
فينبغي أن تعيش الأمة مسبحة لله وذاكرة لله، فهذا الرجل الذي سأل النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- عن عباده يسهل تطبيقها وترفع درجته عند ربه فقال له المعصوم- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: " لا يزال لسانك رطبا بذكر الله".

أيها المسلمون : أن تعيش الأمة مسبحة فهذه كانت وصية خليل الله إبراهيم للمعصوم- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- فقال: يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنةَ طيبة التربة وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله".. فهل تعلَّمت الأمة كيف تغرس لنفسها في جنة الله؟
أيها المسلمون: إن الأمة الذاكرة لربها أمة منصورة لأنها أمة موصولة بالله، وأما الأمة الناسية لربها المعرضة عن هديه ومنهاجه فهي التي تعيش في الضنك والشقاء: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126)﴾ (طه).
وهذا نبي الله سليمان الذي آتاه الله ملكا لم يعطه لأحد قبله ولم يعطه لأحد بعده يعلم الرجل الذي تعجب من ملك آل داود فقال سبحان الله لقد آتى الله آل داود ملكًا عظيمًا فقال له يا رجل :ز إن قولك سبحان الله هي أعظم عند الله من ملك آل داود.
أيها المسلمون: من هنا نقول إن الدرس الأول هو التسبيح والذكر لله وليكن درسا عمليا بمعنى أن يكون للمرء ورد ذكر في يومه وليلته، فما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرًا إلا وعلمنا فيه ذكرًا ودعاءً، ذكر الاستيقاظ من النوم، دخول الخلاء والخروج من الخلاء، لبس الثياب، الطعام، الخروج من المنزل، ركوب الدابة.. كل شيء حتى تعود إلى بيتك وفراشك .. فهل شغلنا أنفسنا بذلك وكانت ألسنتنا رطبةً بذكر الله عبيدًا وعبادًا؟
أيها المسلمون: الدرس الثاني من هذه الرحلة المباركة هو قول الحق﴿أسرى بعيده﴾ ولم يقل برسوله أو نبيه أو حبيبه أو خليله، فلله عز وجل في كونه عبيد وعباد، فكلنا عبيد الله الطائع فينا والعاصي والمؤمن من الناس والكافر ، ولكن عباد الله هم الذين أخلصوا له فاتحد اختيارهم مع منهج الله سبحانه وتعالى ما قال لهم افعلوه فعلوه وما نهاهم عنه انتهوا؛ ولذلك عندما يتحدث القرآن عن المخلصين بين خلق الله لا يسميهم عبيدا ولكن يسميهم عبادًا يقول تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا (63)﴾ (الفرقان)، والحق قد استخدم كلمة عبده ليلفت نظرنا إلى حقيقتين هامتين؛ الأولى أن الإسراء بالروح والجسد ولم يكن منامًا، والثانية والأهم أن الله جل جلاله يريد أن يثبت لنا أن العبوديةَ له هي أسمى المراتب التي يصل إليها الإنسان، فالعبودية لله ثمرتها العزة والعطاء: ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65)﴾.
شرف العبودية
أيها المسلمون: إن العبودية لله شرف والعبودية للبشرية نقيصة وذلة؛ لأن السيدَ يريد أن يأخذ خير عبده وأن يجرده من كل حقوقه وماله، ولكن العبودية لله عطاءٌ كريم من رب ودود .

ولله در القائل:
كفى نفسي عزًا بأني عبد يحتفي بي بلا مواعيد رب
هو في قدسه الأعز ولكن أنا ألقى متى وأين أحب

فكفى بالمرء عزًا أن يكون عبدًا وكفى به فخرًا أن يكون الله له ربًا، ويقول الحق في حقِّ نبيه نوح: ﴿ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3)﴾ (الإسراء)، ويقول أيضًا في حق الفئة الغالبة: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولاً (5)﴾ (الإسراء: من الآية 5)؛ بل خُيِّر رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- بين أن يكون نبيَّا ملكًا أو عبدًا رسولاً فاختار أن يكون عبدًا رسولاً.. وبهذه العبودية وصل رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- إلى مكانٍ لم يصل إليه ملكٌ مقربٌ ولا نبي مرسل، بل كان رسول الله يجتهد أن يصل إلى هذه العبودية الحقة بقيامِ الليل حتى تورمت أقدامه فلما أشفقت عليه زوجه عائشة- رضي الله عنها- وقالت: يا رسول الله هون على نفسك فأنت الذي غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر.. فقال المعصوم- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "يا عائشة، أفلا أكون عبدًا شكورًا"، بل طلبَ من أمته ذلك؛ فقال- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم، ولكن قولوا عبد الله ورسوله".
أيها المسلون : اعلموا أن التمكين والنصر والتأييد والأمن لا يكون إلا لعباد الله عز وجل المخلصين قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ (النور: من الآية 55).
الخطبة الثانية :
مكانة الليل
أيها المسلمون: الدرس الثالث : لماذا كانت الرحلة والمعجزة ليلاً؟.. أراد الله أن يوجه الأمة إلى قيمة الليل ومكانته حين يقسم بالليل في أكثر من موضع، والله لا يقسم إلا على عظيم، وعلى هذه الأمة التي رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولاً وبالقرآن حكمًا ومنهاجًا وشريعةً ودستورًا أن تُعظِّم ما عظَّم الله تعالى فتدرك خير الليل وتستفيد من بركات الليل؛ لأن الليل له رجاله إذا نامت العيون وهدأت النفوس وخلا كل حبيب بحبيبه.. فكان رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- يكره السهر بعد العشاء إلا لضرورةٍ، وكان أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- فرسانًا بالنهار رهبانًا بالليل إذا جنَّ الليل سمعت لهم دويًّا كدوي النحل.
أيها المسلمون: لا بد أن تدرك قيمة الليل وتعرض نفسه لرحمات الله وبركات الله وخاصةً عندما تنزل الحق تبارك وتعالى في الثلث الأخير من الليل ويقول: هل من سائل فأعطيه إلا من داع فأجيبه هل من كذاهل من كذا حتى يؤذن الفجر.
. أحباب رسول الله الليل له رجاله يقل الحق فيهم ﴿كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)﴾ (الذاريات)، ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16)﴾ (السجدة)، ولقد فطن أعداء هذه الأمة لهذا فحاربوا الأمة في ليلها فاسهروها الليل فيما لا يفيد وأناموها بالنهار فضاعت البركة من الأمة في بكورها وضاع منها دعوة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الذي قال: "بارك الله لأمتي في بكورها".
وثقول أحدهم :
يا رجال الليل جدوا رب صوت لا يرد
ولا شك أن الليل هو الظرف المناسب للإسراء بهدوئه وسكينته , وهو المناسب للتسبيح أيضا .

مكانة المسجد
أيها المسلمون: درس آخر وهو ربط الرحلة في بدايتها ونهايتها بالمسجد، فالخروج من مسجد وإلى مسجد لتعلم الأمة قيمة المساجد ومكانتها في الإسلام، فهو بيت الأمة الذي اهتمَّ به رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- في بداية بناء دولة الإسلام، فالمسجد له مكانته وله دوره في الإسلام الذي لا بد أن يعود حتى يتخرج فيه الرجال الذين يحملون دعوة الله ويبلغون رسالة الله الذين قال الحق فيهم: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)﴾.. والنبي يقول في الحديث القدسي الذي يرويه عن رب العزة: "بيوتي في الأرض المساجد، وزوارها عُمَّارها، فطوبى لعبدٍ تطَّهر في بيته ثم زارني في بيتي فكان حق على المزور أن يُكرم زائره".
وحديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "المسجد بيت كل مؤمن" . الحديث في صحيح الجامع عن سلمان رضي الله عنه .
نسأل الله عز وجل أن يردَّ المسلمين إلى إسلامهم ردًا جميلاً < , وأن يرد إليهم المسجد الأقصى الأسير , وأن يطهره من دنس اليهود الغاصبين المعتدين . كما نسأل الله تعالى أن يحرر المسلمين وهم يعيشون في بلادهم مستعبدين , لا يملكون أن يقولوا كلمة حق , أو يكونوا أعزة كراما أحرارا ؛ لأن في ذلك خطرا على عروش الأنظمة المتحكمة في مصائر البلاد والعباد . وكلنا أمل في نصر الله لدينه وعباده المؤمنين , ( ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا )

( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) .