ياقومنا...
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين وعليه أتوكل وأصلي وأسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد
اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين .
إن الله – سبحانه وتعالى – اختار المسلمين لتحقيق قدره , وإقامة شرعه في الحياة .
اختار هذه الأمة لتعبد الله , وتحمل راية التوحيد للعالمين , تدعوهم لعبادة الله وحده , فلا يجوز أن يعبد في هذه الأرض إلا الله ؛ فهو الذي خلق , وهو الذي يرزق ,وهو الذي يحيي ويميت , وإليه المرجع والمصير .
وهذا الاختيار بكل تكاليفه ,شرف كبير , وفضل عظيم , لايستطيع المسلم أن يشكر الله عليه حق شكره .
والنكول عن هذه المهمة بمثابة تضييع لشرف الاختيار.
بل تضييع لرسالة الإسلام نفسها .
والمسلمون مكلفون بأن يكون ولاؤهم لله ورسوله وللمؤمنين .
ولابد أن يعرفوا طبيعة المعركة بينهم وبين معسكر الكافرين .وإلا كيف يخوضون معركة هم عن طبيعتها غافلون !
ثم إن الذين يتصدون للمسلمين لعرقلة مهمتهم من المشركين وأهل الكتاب والمنافقين يخوضون معركة شرسة لا يخبو أوارها , ولا يجف مدادها .
فهل يجوز – بعد ذلك - أن نغفل عن طبيعة هذا العدو , ومايدبره لنا من كيد , وما ما يعده لنا من حرب؟ .
بل هل يجوز موالاة هذا العدو ؟
أليس هذا العدو هو من حارب النبي – صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ؟ .
أليس هو من قام بحملاته الصليبية على بلادنا في مئتي عام ؟ .
ألم يسقطوا الخلافة الإسلامية في تركيا , وقسموا تركتها , واحتلوا بلادها , واستعمروا أرضها , ونهبوا ثرواتها , وأذلوا أهلها , وغيروا ثقافتهم , وبدلوا لغتهم ؟.
أليس هو من جمع اليهود وأقام دولتهم على أرض فلسطين ؟ .
وبالتالي هجروا ملايين الفلسطيين مشردين في أصقاع الأرض !
أليسوا هم من يحاربون الديمقراطية في بلادنا ويضعون العقبات في طريقها ؟ .
( إن المسلم مطالب بالسماحة مع أهل الكتاب ، ولكنه منهي عن الولاء لهم بمعنى التناصر والتحالف معهم . وإن طريقه لتمكين دينه وتحقيق نظامه المتفرد لا يمكن أن يلتقي مع طريق أهل الكتاب ، ومهما أبدى لهم من السماحة والمودة فإن هذا لن يبلغ أن يرضوا له البقاء على دينه وتحقيق نظامه ، ولن يكفهم عن موالاة بعضهم لبعض في حربه والكيد له . .
وسذاجة أية سذاجة وغفلة أية غفلة ، أن نظن أن لنا وإياهم طريقاً واحداً نسلكه للتمكين للدين! أمام الكفار والملحدين! فهم مع الكفار والملحدين ، إذا كانت المعركة مع المسلمين!!!
وهذه الحقائق الواعية يغفل عنها السذج منا في هذا الزمان وفي كل زمان؛ حين يفهمون أننا نستطيع أن نضع أيدينا في أيدي أهل الكتاب في الأرض للوقوف في وجه المادية والإلحاد - بوصفنا جميعاً أهل دين! - ناسين تعليم القرآن كله ) وناسين تعليم التاريخ الذي أشرنا إليه .
وهم أنفسهم الذين ينشرون الفساد والمادية , بل بعملون على فرضها على الشعوب باسم العولمة وتحت مسميات كثيرة .
إنهم لن يرضوا أن تقوم لنا خلافة ولا أن تتحد أمتنا , ولا أن تنتشر قيم الله وموازينه في الأرض : قيم الحق والخير والبر .
ولن يرضوا أن تتقدم أمتنا ويكون لها شأن في هذه الحياة وسوف يستعينون علينا بالكافرين والملحدين من كل نوع , ويجتمعون علينا مهما كان بينهم من شحناء وإحن وبغضاء .
وسوف يحبسون الدعاة ويعملون على تشويه صورتهم , وتلويث سمعتهم أملا في صدهم عن إقامة رسالة الله المنوطة بالمسلمين في الأرض .
فهل يعقل أن يوجد من المسلمين من يعينهم على هكذا مهمة ؟ .
أو بمعنى آخر هل تجوز موالاتهم والوقوف في صفهم والمسارعة إليهم؟ .
لقد بين القرآن الكريم عاقبة من يفعل ذلك بكل وضوح لا لبس فيه ولا غموض .
كما بين وجوب مولاة الله ورسوله والمؤمنين , ووجوب لزوم هذا الصف وعدم الخروج منه , وبذلك يكون المسلم قد تجرد لإقامة شرع الله في الأرض والتمكين لدين الله في الحياة , وهذا هو الهدف الحقيقي , وإذا كانت الغلبة من نصيبه ؛ فإنها ليست غاية , فقد يتأخر النصر , ويطول الطريق بعض الشيء .
المهم هو أن يؤدي الواجب ويتحرى الحق , ويقيم الرسالة , وحسبه ذلك .ولله عاقبة الأمور .
وما أوقف أهل الكتاب هذا الموقف إلا لأنهم فاسقون , وقلوبهم قاسية لنقضهم ميثاق الله .
فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ...) المائدة 13 .
وكيف يرضى الفاسقون عن المؤمنين المستقيمين على شرع الله ؟ .
وهل يستقيم أن يبغضوا المسلمين لأننا آمنا بالله , وما أنزل إلينا , وما أنزل أليهم هم من قبل ؟ .
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) المائدة .
يا قومنا
عودوا إلى رشدكم , عودوا إلى رسالتكم ، ابحثوا عن العزة لشعوبكم من خلال المنهج الإسلامي الذي شرفكم الله به .
فاستعصموا بالله وحده , وارفعوا راية القرآن , وطبقوا تعاليمه , (َفمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى }طه123.
واتبعوا هدي النبي – صلى الله عليه وسلم - {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31 .
يا قومنا
اتقوا الله ولا تؤذوا الدعاة إلى الله , بلا ذنب ولا جريرة إلا أن قالوا ربنا الله .
إن هؤلاء الدعاة حبيب إليهم أن تذهب نفوسهم وما يملكون فداء لدينهم وبلادهم وشعوبهم , يحتسبون أجرهم عند الله وحده .
إن الدعاة يبتغون إقامة شرع الله والتمكين له , ويريدون التقدم والخير والرخاء لبلادهم .
وأنتم تمنعونهم من ذلك .
والكل يعلم أن عدونا لن يرضى بإقامة شرع الإسلام الحنيف , ولن يرضى بتقدم بلادنا ورقيها , ولن يحقق رغبتنا في هذه ولا في تلك .
فلماذا نسير خلفه , ولماذا نقفو أثره , والله تعالى يبين لنا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ }آل عمران118.
وما زالوا واقفين ضد إقامة حكومة إسلامية أو نظام ديمقراطي , أو إقامة دولة فلسطينية , أو عودة ملايين الفلسطينيين , أو اتحاد وتقارب البلاد العربية والإسلامية , في تطبيق علني لسياسة فرق تسد .
وفي عهد بوش الابن الذي أعلن عن حربه الصليبية الجديدة – وكان صادقا فيما أعلن – في عهده شن حروبا على بلاد المسلمين :
في أفغانستان , والعراق , والصومال , ولبنان , وفلسطين ( حرب غزة ) .
يا قومنا
اجعلوا وجهتكم إلى الله , تستمدون منه العون , وتستلهمون منه التوفيق .
استعينوا بشعوبكم واجعلوهم في صفكم , واجعلوا شباب الأمة عدتكم .
فتقوى شوكتكم , وتعظم شكيمتكم .
وحينئذ تنالون رضا الله وعونه وعزته , وتصطف خلفكم شعوبكم فيهابكم عدوكم , ويعمل لكم ألف حساب .
وإلا فسيحل غضب الله عليكم , وينزل بكم من الهم والغم ما لا طاقة لكم به في الدنيا والآخرة .
وتتبعكم لعنات قومكم , وخذلانهم لكم , ودعاؤهم عليكم ليلا ونهارًا , ثم لا تفلحون .
ومتى كان الأذى يقضى على الدعوات ؟ .
وهل سمع أحد أن طول عهد الظلم كان في صالحه ؟ .
وإذا كان عمر الظلم سنوات طويلة فنحن نوقن أنه لم يبق منه إلا أيام قليلة .
وهل يتخلى الله تعالى عن أوليائه , والدعاة إلى دينه ؟ .
ثم إن الدعاة إلى الله لن يثنيهم أذاكم , ولن ينفد صبرهم بكيدكم , ولن ينكلوا عن مهمة قد اختارهم الله لها , والله مولاهم وهو نعم المولى ونعم النصير .
شعبان شحاته .
Hudahuda2007@yahoo.com
مدونة الطريق إلى محبة الله : http://tareek2008.blogspot.com
هناك تعليقان (2):
استاذي الحبيب
سلام الله عليك ورحمته وبركاته
هذه كلمات أنشودة رائعة( يوم كنا خير امة )
يومـ كنا خير أمة كان للحق مكانـا
كان للأقوال فعل فاسمعوا للترجمانـا
يومـ كان الناس فيهمـ شرعة الله منار
كا ن للناس سرور هديه يؤتىـ جهارا
يومـ أن كنا جميعا لمـ تشتتنا دروبا
كانـ فينا من ينادي هذهـ الدنيا هروبا
يومـ أن كنا أسودا دربنا درب الجهاد
يومها كنا جنودا لا نبالي بالأعادي
كانـ في القلب يقين أن نصر الله آت
أن نصر الله فتح إن حيينا بالثبات
استاذي اقترح مدونة اخرى للقضايا الفقهية المعاصرة
تكون فيها ادلة الفريقيق
في كل المواضيع المطروحة اليوم
والتي كثر فيها الكلام الجدال
مثل موضوع
اللحية
والسبحة
وتقصير الثوب
وفقه الميت من تغسيل وتكفين ودفن
وماذا يفعل على القبور اثناء الدقن
الاجتماع في حلقة للذكر
.........
وكثير من المواضيع الاخرى
وعلى فكره انا بحثت على موضوع اللحية في المدونة خاصتك
فلم اعثر عليها
ولكم جزيل الشكر
ونفع الله بك وبعلمك
امين
لا تنسانا من صالح دعائك
إرسال تعليق