الحياة تحت خط الحاشية
الفاصل بين متن الكتاب وحاشيته خط صغير، إلا أن الفرق بين أهميتهما كبير نسبياً؛ فعيون القراء وأذهانهم تلتقي كلمات المتن وتحتفي بها، بينما القليل من كلمات الحواشي هو ما يحظى بذلك. والنظرية تشير إلى أن ما يحظى باهتمام الناس يساهم في التأثير فيهم. والحياة بوصفها كتاباً تزاحم كثيرٌ من الناس تحت خط حاشيته، بينما القليل من استطاع أن يضع نفسه - بعد قدرة الله - كلمة في المتن فحظي بالاهتمام ونال القدرة على التأثير. إن الحياة فوق خط الحاشية هي تلك الحياة التي تجاوز صاحبها - بعد توفيق الله - حظوظ نفسه، وحدود ذاته، وانعتق من التركيز على شخصه إلى الاهتمام بالآخرين والانشغال بالشؤون العامة.وقد تختلف مساحات التأثير بين الفاعلين من الناس وتتباين آثارهم، فتتقلَّص عند بعضهم إلى حدود عائلته، بينما تتسع لدى آخرين لتشمل أنــاساً لا يعرفهم ولم يعاصرهم، إلا أن الشيء الذي يتفقون فيه هو القدرة على التأثير. وليس للمؤثرين مكانة اجتماعية معينة، ولا مرتبة وظيفية محددة؛ فهم تارة أبناء في حضور الآباء، وتارة موظفون صغار في منظمات كبيرة، يتجاوز تأثيرهم المراسيم الرسمية ويتخطى الهياكل والتنظيمات الإدارية. ولا شك أن للتأثير متطلباته وأدواته، إلا أن البذرة التي يمتلكها المؤثرون ويفقدها عوام الناس هي رغبة متوهجة في التغيير: تغيير الخطأ إلى صواب، والمائل إلى مستقيم، والظلم إلى عدل، والحاجة إلــى كفــاية، والأحسن إلــى ما هو أحسن منه. وتتطور هذه الرغبة في حياة المؤثرين لتكوِّن فيهم شعوراً عميقاً بالمسؤولية يقودهم نحو المبادرة بأعمال يتقنون صنعتها وأفعال يدركون أثرها. وبعض أفعالهم ناطقة ذات أصوات واضحة يسمعها الآخرون، وبعضها الآخر صامت، وفي كلٍّ خير وأثر. وعندما تختلط «الرغبة في التغيير» بنيَّة خالصة لله - تعالى - تنتج إنساناً مباركاً أينما كان، ومؤثراً حيثما حلَّ وارتحل، يؤثر بالفعل والقول والنظرة بل حتى في وجوده فقط. وعندما حثَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه الكرام - رضي الله عنهم - ونحن من بعدهم على السعي في حاجة الآخرين في أكثر من موضع؛ كان ذلك إشارة كريمة إلى النظر خارج نطاق دوائرنا الضيقة إلى توقيع أثر في حياة الآخرين. إن الرغبة في التغيير تُعدُّ من أقوى الحوافز التي تحرك المتطوعين حول العالم ليقدِّموا من مالهم وجهدهم ووقتهم ما يغيرون به حياة الآخرين ويؤثرون فيها، متجاوزين مع ذلك حدود الدول واللغات والمجتمعات، ومتجاوزين قبل ذلك الحد الفاصل بين حاشية كتاب الحياة ومتنه. هذا المقال للكاتب / إبراهيم بن سليمان الحيدري
ماجستير في الإدارة، وباحث في إدارة العمل الخيري.
هناك 3 تعليقات:
جزاكم الله خيراً استاذنا الغالي على هذا الموضوع الرائع الذي اسأل الله ان يكون في ميزان حسناتكم
وبارك الله فيكم ابنكم محمد عناني
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
هو توفيق الله سبحانه وتعالى اولا
وثانيا اؤكد كلام استاذي النية الخالصة لله سبحانه وتعالى
وثالثا الهدف والمثابرة والثبات من اهم ما يميزون اي انسان عن الاخر
وهذا هو السبب الاختلاف بين الناس
الهدف والنية
ونسأل الله ان يستعملنا ولايستبدلنا
ايضا تحديد الخطوات لتحقيق الهدف
نظرية الـ 10 سنتيمترات:
وهي تلك النظرية التي صاغها الدكتور إبراهيم الفقي، ومفادها أنه عليك أن تسير يوميا ولو 10 سنتيمترات نحو هدفك، فلا يكفي أن يحدد الواحد منا هدفه بدقة ووضوح، ويتوكل على الله تبارك وتعالى، ثم لا يضع هذا الهدف محل التنفيذ، بل يجب أن يتحرك الواحد منا كل يوم نحو هدفه.
وبهذا نكون قد كشفنا اللثام عن السر الأول من أسرار النجاح والتميز.
وجزاكم الله خيرا استاذي الحبيب
وسلا ا ا ا ا م م م م م م م
قبل ما انسى
استاذنا لا تنسانا في خالص دعائك
ان ينور الله قلوبنا بنور الايمان
وان يرزقنا الشهادة في سبيله
امين يارب
إرسال تعليق