: بقلم / هشام حمادة
أعتقد أن حزب الحرية والعدالة هو المؤهل حاليًّا للقيام بمهمة إنقاذ عاجلة لأمة في مفترق الطرق، ولظني هذا عدة أسباب :
- أن حزب الحرية والعدالة يعبر عن مشروع نهضة للأمة، بدأ منذ أكثر من 80 عامًا برؤية واضحة لم تتغير ولم تتبدل بتغير العهود والظروف السياسية، فمنذ أن أسس الشيخ حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين في عام 1928 وهو يعلي للنهضة رايةً، ولبناء الفرد الناجح وسائل، ولتأسيس المجتمع الصحيح النامي قواعد، ولإصلاح الحكم وتحرير الأوطان خططًا ومنهجًا .
وقد تشبثت الجماعة بمنهج الإصلاح والتحرر والنهوض لم يثنها عن عزمها حائل ولم تقعد أو تلِن في إنفاذه، ولم تهادن حاكمًا أو نظامًا حال بينها وبينه، وقدمت في سبيل ذلك التضحيات النفيسة ما بين اغتيال قادتها أو إعدامهم واعتقال عشرات الآلاف من أبنائها ومصادرة الأرزاق والتضييق على الأسر وترويع الأبناء والأهل، وما زادتها المحن إلا ثباتًا على المنهج الواضح وإلا التصاقًا بمصالح أبنائها وشعوبها، ولم تكن هذه المحن يومًا ذريعةً لمهادنة نظام أو نكوصًا عن طريق التحرر والإصلاح، ويبقى تاريخ الجماعة شاهدًا فاصلاً بينها وبين غيره .
أن حزب الحرية والعدالة قد مارست كوادره وخبرت كل الوسائل السياسية والاجتماعية على مدى هذه العقود الممتدة من السنوات في سبيل إعلاء شأن هذه الأمة، فأسسوا النوادي والجمعيات، وشاركوا في الانتخابات والنقابات والمجالس المحلية والنيابية، كما خاضت الجماعة من قبل معارك التحرر الوطني ضد المحتل البريطاني، بل تجاوزت بمشروعها الوطني حدود مصر، فروت بدماء شبابها أرض فلسطين وعيًا بأمن مصر القومي وانتماءً لأمة تسعى لتحريرها وتعمل على وحدتها .
وبقي واضحًا أن هذا المشروع الوطني على امتداد العهود المختلفة وبتغير الظروف السياسية المتعددة والمناخات السياسية العاصفة بقي ثابت الملامح لم يتبدل في عهد ولم يستكن في أزمة، وبقي يستهدف سلامة الأمة وقوتها، داعيًا لحرية أبنائها وكرامتهم، مؤكدًا دينها السمح وثوابتها وقيمها الوطنية الأصيلة، ومعتبرًا بالأهمية البالغة قضية الوحدة الوطنية حتى كان من الإخوة المسيحيين مستشارون لمؤسس الجماعة الأستاذ حسن البنا، وحديثًا يتولى منصب نائب الحزب مسيحي كريم؛ هو الأستاذ رفيق حبيب .
لذلك فإن حزب الحرية والعدالة لا يتميز فقط بأصالة مشروعه وعراقته أو بالقدرة على الاحتفاظ بهويته الوطنية والإسلامية على مختلف العهود والظروف (لم يحاول الإخوان المسلمون مثلاً التخلي عن عنوان المرجعية الإسلامية ليتسنَّى لهم الترخيص لحزب في عهد كما فعل حزب الوسط ) . ) مبارك
بل يتميز أيضًا بالخبرات المتراكمة لأبنائه، سواء من خلال المجالس المحلية والنيابية والجمعيات والنقابات، أو من خلال المشاريع الأهلية والشعبية داخل كل أحياء وقرى مصر، بدايةً من قوائم الفقراء والمحتاجين الذين حملوا إليهم مساهمات القادرين وأنشأوا الجسور المتواصلة بين طبقات المجتمع، مرورًا بقوافل العلاج والمشاريع الخدمية ولن يكون آخرها تلك الأسواق الشعبية المخفضة والمدعمة بجهد الإخوان ووقتهم دون استهداف لأي ربحية والتي حققوا من خلالها خدمة مشهودًا لها من كل المواطنين .
- إن عقودًا طويلة من الأداء الجدي لجماعة الإخوان المسلمين ليمد حزب الحرية والعدالة بذخائر ثرية من الخبرات والإمكانات البشرية والفنية والإدارية في كل المجالات والفنون، فقد قدمت الجماعة لكل ميادين المجتمع رموزًا ورجالات؛ فمن المستشار عبد القادر عودة، الفقيه الدستوري وعلامة التشريع الجنائي إلى الشيخ محمد الغزالي علم الدعاة، والشيخ سيد سابق الفقيه العلاَّمة، واضع أشمل وأحدث موسوعات الفقه، إلى عمر شاهين، رمز شهداء مصر وعلم شبابها في معارك القناة ضد المحتل البريطاني إلى نجيب الكيلاني، أحد رموز الرواية العربية، كما أخرجت الجماعة الشيخ يوسف القرضاوي، علامة الأمة، والشيخ صلاح أبو إسماعيل، أحد أعلام البرلمانيين في تاريخ مصر، والأستاذ الدكتور محمد بديع، مرشد الجماعة وأحد أهم مائة عالم عربي في الموسوعة العربية، وكذلك الدكتور زغلول النجار، أحد أهم علماء الجيولوجيا في العالم والحائز على العديد من الجوائز العالمية، ولن يكون آخرهم الدكتور العالم خالد عبد القادر عودة، أحد أهم أساتذة وخبراء الجيولوجيا في العالم، والذي كانت أحدث اكتشافاته هدية غير مسبوقة لمصر؛ حيث اكتشف ما يقرب من ثلاثة ملايين ونصف المليون فدان في قلب الصحراء الغربية قابلة للزراعة، وتحتها ما يكفيها من مستودعات مياه متجددة يمكن أن تغير وجه الحياه في مصر.
فقد تشعبت خبرات الإخوان في جميع مناحي الحياة؛ حتى لم يكن غريبًا أن العديد من مسارح قصور الثقافة مؤخرًا لم تشهد نشاطًا فنيًّا وإقبالاً جماهيريًّا إلا من خلال فرق الإخوان المسرحية، كما لا تزال المشاريع والدراسات التي قدمها أعضاء الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين في برلمان 2005 مثالاً على توافر الكوادر الصالحة المؤهلة التي ورثت ذخيرة تاريخية وخبرات متراكمة .
- وأخيرًا.. حزب الحرية والعدالة بثقله الجماهيري وقدرته التنظيمية يمثل كتلةً صلبةً في المشهد الوطني الحائر والذي تتخلله حالة سيولة وتفكك؛ مما يدفع بخيار الحزب ذي القاعدة الصلبة أن يتترس من ورائه المصريون حتى يجتازوا هذ المرحلة الحرجة التي باتت تكتنفها كثير من الشكوك والمخاطر .
ولم يعد غريبًا أن تنال هذه الجماعة وحزبها ثقة جماهير مصر العريقة التي أعرضت دومًا بوعيها الصادق عن محاولات التشويه والتشويش، وبقي أن تترجم هذه الثقة في الانتخابات الحالية من أجل خصم قوي وعنيد لا تنقصه الشجاعة ولا العزيمة في مواجهة جسد الفساد الباقي بصلفه وموارده متآمرًا على مستقبل هذه الأمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق