{فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ }
2009م
الحمد لله رب العالمين ..
الحمد لله الذي أعزنا بنعمة الإسلام واصطفانا بدعوة الناس إليه ..
نحمد الله على ما نعلم , ونشكره – سبحانه – على مالا نعلم ..
له الحمد في الأولى والآخرة , عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ..
اللهم صل وسلم وبارك عليه , كما صليت وسلمت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم .
وبعد ..
يقول وحيد الدين خان في كتابه : ( الدين الكامل ) ص / 167 - تحت عنوان : من نحن :
( يقول الرئيس الأمريكي الثلاثون ( الذي حكم من 1923 إلى 1929: إن مهمة أمريكا هي التجارة .
ويعقب المؤلف قائلا : فجعلت أمريكا موضوع التجارة هدفها المنشود في حياتها , كما انصب جُل اهتمامها على التجارة , وكان النجاح حليفها إلى أبعد حد فقد سيطرت على عالم الاقتصاد حوالي خمس وعشرين سنة منذ الحرب العالمية الثانية .. .إلى أن قال : إلا أن بوادر التحول بدأت تلوح في سماء أمريكا بعد 1970, وأخذت الأزمة تتفاقم شيئا فشيئا إلى أن قرعت أبواب أمريكا سنة 1988 م .
وخلاصة القول أن خللا حدث في ميزان التجارة الأمريكية حيث قدر العجز المالي الأمريكي سنة 1988 م بنحو / 30 بليون دولار .) انتهي .
فلما ظلموا , وانتكست أخلاقهم , وارتكست جبلتهم , وساندوا العنصرية الإسرائيلية وغيرها من ألوان الاستعمار على مستوى العالم , وأذلوا الكثير من ا لشعوب , وأفسدوا عليهم معيشتهم , وعكروا صفوهم ؛ انتقم الله منهم شر انتقام , وأتى بنيانهم من القواعد , وأزال صرحهم من أساسه .
وأصبح في أمريكا وأوروبا جيوش من العاطلين , وأسراب من الناقمين , وآلاف من المصانع المعطلة , والشركات ذوات الفروع المتعددة في أنحاء العالم توصد أبوابها , وتندب أحوالها .
وأصبحنا نسمع عن جياع من الناس , وخيام تنصب في الشوارع , بعد أن باع بعضهم أثاث بيته ليقتات هو وأولاده , ولله في خلقه شؤون { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } آل عمران26.
( فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ) من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون ( ثم يوم القيامة يخزيهم )والخزي الأكبر يمثله دخول النار ( ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته )آل عمران 192.( ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم ) وفي قراءة ( تشاقوني ) كما قال الزمخشري في الكشاف .
وهذا يعني أن الله عز وجل يعتبر إيذاء المؤمنين مشاقة لله نفسه !
وذلك عين الشرف والتكريم للدعاة والمصلحين من المؤمنين .
ويقول صاحب الظلال :
{ قد مكر الذين من قبلهم } والتعبير يصور هذا المكر في صورة بناء ذي قواعد وأركان وسقف إشارة إلى دقته وإحكامه ومتانته وضخامتة . ولكن هذا كله لم يقف أمام قوة الله وتدبيره : { فأتى الله بنيانهم من القواعد ، فَخَرَّ عليهم السقف من فوقهم } وهو مشهد للتدمير الكامل الشامل ، يطبق عليهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، فالقواعد التي تحمل البناء تحطمت وتهدمت من أساسها ، والسقف يخر عليهم من فوقهم فيطبق عليهم ويدفنهم { وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون } فإذا البناء الذي بنوه وأحكموه واعتمدوا على الاحتماء فيه . إذا هو مقبرتهم التي تحتويهم ، ومهلكتهم التي تأخذهم من فوقهم ومن أسفل منهم . وهو الذي اتخذوه للحماية ولم يفكروا أن يأتيهم الخطر من جهته!
إنه مشهد كامل للدمار والهلاك ، وللسخرية من مكر الماكرين وتدبير المدبرين ، الذين يقفون لدعوة الله ، ويحسبون مكرهم لا يرد ، وتدبيرهم لا يخيب ، والله من ورائهم محيط!
وهو مشهد مكرر في الزمان قبل قريش وبعدها . ودعوة الله ماضية في طريقها مهما يمكر الماكرون ، ومهما يدبر المدبرون . وبين الحين والحين يتلفت الناس فيذكرون ذلك المشهد المؤثر الذي رسمه القرآن الكريم : {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ }النحل26.
فإذا تكلمنا عن الذين هم عون للمستعمر على مر التاريخ فسوف تجد أن الشعوب المقهورة المظلومة هي سندهم يقفون على رؤوسهم بأحذيتهم ويحكمونهم كما يريدون , ويجب عليهم أن يسبحوا بحمدهم ويهتفوا باسمهم في الغدو والرواح , والمساء والصباح .
وإذا حدث أن تكلم الحاكم عن الديمقراطية والحرية فعلى الشعوب الذكية أن تعلم أن المقصود بهذه الشعارات الذهبية , أن يكثروا من التصفيق , ويعلوا الصوت بالزعيق , ليطمئن الزعيم بالبقاء والتمكين .... حتى يأتيه اليقين .
ولكن ......
أتى الله بنيانهم من القواعد
هذه الشعوب التي ظنوا أنها غبية , وأنها ستظل مستنعجة ورضية ..
انتفضت وستواصل انتفاضتها حتى لا يصبح للزعيم ساق يقف عليها , ولا قاعدة يرتكن إليها .
وفي التاريخ أعظم شاهد لكل متأمل وفاهم .
هل سمعت عن الملك فاروق وحاشيته ؟ .
وعن رئيس الصومال محمد سياد بري وعترته ؟ .
وهل سمعت عن رئيس رومانيا / نيكولاي شاوشسكو / وزوجته ؟ .
ورئيس أندونيسيا سوهارتو , الذي اضطُر للتنحي بعد مظاهرات حاشدة ومستمرة من الجماهير , وكان ثمار ذلك أن نـُظمت في البلاد انتخابات ديمقراطية لأول مرة منذ خمسة وأربعين عامًا .
ومازال الشعب ينعم بحريته وكرامته .
.أما الظالمون فذهبوا إلى جزائهم المحتوم الذي لا يفرون منه ولا يهربون .
{ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ } يس31.
(قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل ) الروم42 .
إنها قضية يفهمها أدنى الناس عقلا , وأبسط الناس فكرًا .
ولكن ماذا تملك للذين طبع الله على قلوبهم وختم على حواسهم ؟ .
وصدق الله العظيم إذ يقول : (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ }الفرقان20.
والصبر نصف الإيمان , والصبر ضياء , والصابرون لهم معية الله : ( إن الله مع الصابرين ) .
والعاقبة للمتقين .
والحمد لله رب العالمين .
شعبان شحاته
Hudahuda2007@yahoo.com
مدونة : الطريق إلى محبة الله: http://tareek2008.blogspot.com
2009م
الحمد لله رب العالمين ..
الحمد لله الذي أعزنا بنعمة الإسلام واصطفانا بدعوة الناس إليه ..
نحمد الله على ما نعلم , ونشكره – سبحانه – على مالا نعلم ..
له الحمد في الأولى والآخرة , عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ..
اللهم صل وسلم وبارك عليه , كما صليت وسلمت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم .
وبعد ..
يقول وحيد الدين خان في كتابه : ( الدين الكامل ) ص / 167 - تحت عنوان : من نحن :
( يقول الرئيس الأمريكي الثلاثون ( الذي حكم من 1923 إلى 1929: إن مهمة أمريكا هي التجارة .
ويعقب المؤلف قائلا : فجعلت أمريكا موضوع التجارة هدفها المنشود في حياتها , كما انصب جُل اهتمامها على التجارة , وكان النجاح حليفها إلى أبعد حد فقد سيطرت على عالم الاقتصاد حوالي خمس وعشرين سنة منذ الحرب العالمية الثانية .. .إلى أن قال : إلا أن بوادر التحول بدأت تلوح في سماء أمريكا بعد 1970, وأخذت الأزمة تتفاقم شيئا فشيئا إلى أن قرعت أبواب أمريكا سنة 1988 م .
وخلاصة القول أن خللا حدث في ميزان التجارة الأمريكية حيث قدر العجز المالي الأمريكي سنة 1988 م بنحو / 30 بليون دولار .) انتهي .
فلما ظلموا , وانتكست أخلاقهم , وارتكست جبلتهم , وساندوا العنصرية الإسرائيلية وغيرها من ألوان الاستعمار على مستوى العالم , وأذلوا الكثير من ا لشعوب , وأفسدوا عليهم معيشتهم , وعكروا صفوهم ؛ انتقم الله منهم شر انتقام , وأتى بنيانهم من القواعد , وأزال صرحهم من أساسه .
وأصبح في أمريكا وأوروبا جيوش من العاطلين , وأسراب من الناقمين , وآلاف من المصانع المعطلة , والشركات ذوات الفروع المتعددة في أنحاء العالم توصد أبوابها , وتندب أحوالها .
وأصبحنا نسمع عن جياع من الناس , وخيام تنصب في الشوارع , بعد أن باع بعضهم أثاث بيته ليقتات هو وأولاده , ولله في خلقه شؤون { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } آل عمران26.
( فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ) من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون ( ثم يوم القيامة يخزيهم )والخزي الأكبر يمثله دخول النار ( ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته )آل عمران 192.( ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم ) وفي قراءة ( تشاقوني ) كما قال الزمخشري في الكشاف .
وهذا يعني أن الله عز وجل يعتبر إيذاء المؤمنين مشاقة لله نفسه !
وذلك عين الشرف والتكريم للدعاة والمصلحين من المؤمنين .
ويقول صاحب الظلال :
{ قد مكر الذين من قبلهم } والتعبير يصور هذا المكر في صورة بناء ذي قواعد وأركان وسقف إشارة إلى دقته وإحكامه ومتانته وضخامتة . ولكن هذا كله لم يقف أمام قوة الله وتدبيره : { فأتى الله بنيانهم من القواعد ، فَخَرَّ عليهم السقف من فوقهم } وهو مشهد للتدمير الكامل الشامل ، يطبق عليهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، فالقواعد التي تحمل البناء تحطمت وتهدمت من أساسها ، والسقف يخر عليهم من فوقهم فيطبق عليهم ويدفنهم { وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون } فإذا البناء الذي بنوه وأحكموه واعتمدوا على الاحتماء فيه . إذا هو مقبرتهم التي تحتويهم ، ومهلكتهم التي تأخذهم من فوقهم ومن أسفل منهم . وهو الذي اتخذوه للحماية ولم يفكروا أن يأتيهم الخطر من جهته!
إنه مشهد كامل للدمار والهلاك ، وللسخرية من مكر الماكرين وتدبير المدبرين ، الذين يقفون لدعوة الله ، ويحسبون مكرهم لا يرد ، وتدبيرهم لا يخيب ، والله من ورائهم محيط!
وهو مشهد مكرر في الزمان قبل قريش وبعدها . ودعوة الله ماضية في طريقها مهما يمكر الماكرون ، ومهما يدبر المدبرون . وبين الحين والحين يتلفت الناس فيذكرون ذلك المشهد المؤثر الذي رسمه القرآن الكريم : {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ }النحل26.
فإذا تكلمنا عن الذين هم عون للمستعمر على مر التاريخ فسوف تجد أن الشعوب المقهورة المظلومة هي سندهم يقفون على رؤوسهم بأحذيتهم ويحكمونهم كما يريدون , ويجب عليهم أن يسبحوا بحمدهم ويهتفوا باسمهم في الغدو والرواح , والمساء والصباح .
وإذا حدث أن تكلم الحاكم عن الديمقراطية والحرية فعلى الشعوب الذكية أن تعلم أن المقصود بهذه الشعارات الذهبية , أن يكثروا من التصفيق , ويعلوا الصوت بالزعيق , ليطمئن الزعيم بالبقاء والتمكين .... حتى يأتيه اليقين .
ولكن ......
أتى الله بنيانهم من القواعد
هذه الشعوب التي ظنوا أنها غبية , وأنها ستظل مستنعجة ورضية ..
انتفضت وستواصل انتفاضتها حتى لا يصبح للزعيم ساق يقف عليها , ولا قاعدة يرتكن إليها .
وفي التاريخ أعظم شاهد لكل متأمل وفاهم .
هل سمعت عن الملك فاروق وحاشيته ؟ .
وعن رئيس الصومال محمد سياد بري وعترته ؟ .
وهل سمعت عن رئيس رومانيا / نيكولاي شاوشسكو / وزوجته ؟ .
ورئيس أندونيسيا سوهارتو , الذي اضطُر للتنحي بعد مظاهرات حاشدة ومستمرة من الجماهير , وكان ثمار ذلك أن نـُظمت في البلاد انتخابات ديمقراطية لأول مرة منذ خمسة وأربعين عامًا .
ومازال الشعب ينعم بحريته وكرامته .
.أما الظالمون فذهبوا إلى جزائهم المحتوم الذي لا يفرون منه ولا يهربون .
{ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ } يس31.
(قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل ) الروم42 .
إنها قضية يفهمها أدنى الناس عقلا , وأبسط الناس فكرًا .
ولكن ماذا تملك للذين طبع الله على قلوبهم وختم على حواسهم ؟ .
وصدق الله العظيم إذ يقول : (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ }الفرقان20.
والصبر نصف الإيمان , والصبر ضياء , والصابرون لهم معية الله : ( إن الله مع الصابرين ) .
والعاقبة للمتقين .
والحمد لله رب العالمين .
شعبان شحاته
Hudahuda2007@yahoo.com
مدونة : الطريق إلى محبة الله: http://tareek2008.blogspot.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق