مكائد الأعداء ومناعة الشعوب :
ويقول صاحب الظلال - رحمه الله- معقبًا على الآية الكريمة : { يا أ يها الذين ءامنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون } :
وما يهادنها أعداؤها قط في أي زمان أو في أي مكان وفي مقابل ذلك لا تستغني عن المرابطة للجهاد ، حيثما كانت إلى آخر الزمان!
إن هذه الدعوة تواجه الناس بمنهج حياة واقعي . منهج يتحكم في ضمائرهم ، كما يتحكم في أموالهم ، كما يتحكم في نظام حياتهم ومعايشهم .
منهج ينظم شؤون كل هذه التفاصيل :
منهج خير عادل مستقيم . ولكن الشر لا يستريح للمنهج الخير العادل المستقيم؛ والباطل لا يحب الخير والعدل والاستقامة؛ والطغيان لا يسلم للعدل والمساواة والكرامة . . ومن ثم ينهد ( ينهضم ويبرز ويتطاول ويصمد ) لهذه الدعوة أعداء من أصحاب الشر والباطل والطغيان . ينهد لحربها المستنفعون المستغلون الذين لا يريدون أن يتخلوا عن الاستنفاع والاستغلال . وينهد لحربها الطغاة المستكبرون الذين لا يريدون أن يتخلوا عن الطغيان والاستكبار . وينهد لحربها المستهترون المنحلون ، لأنهم لا يريدون أن يتخلوا عن الانحلال والشهوات . . ولا بد من مجاهدتهم جميعاً . ولا بد من الصبر والمصابرة . ولا بد من المرابطة والحراسة . كي لا تؤخذ الأمة المسلمة على غرة من أعدائها الطبيعيين ، الدائمين في كل أرض وفي كل جيل .
هذه طبيعة هذه الدعوة ، وهذا طريقها . . إنها لا تريد أن تعتدي ؛ ولكن تريد أن تقيم في الأرض منهجها القويم ونظامها السليم . . وهي واجدة أبداً من يكره ذلك المنهج وهذا النظام . ومن يقف في طريقها بالقوة والكيد . ومن يتربص بها الدوائر . ومن يحاربها باليد والقلب واللسان . . ولا بد لها أن تواجه المعركة بكل تكاليفها ، ولا بد لها أن ترابط وتحرس ولا تغفل لحظة ولا تنام!!
والتقوى . . التقوى تصاحب هذا كله . فهي الحارس اليقظ في الضمير يحرسه أن يغفل؛ ويحرسه أن يضعف؛ ويحرسه أن يعتدي؛ ويحرسه أن يحيد عن الطريق من هنا ومن هناك .
ولا يدرك الحاجة إلى هذا الحارس اليقظ ، إلا من يعاني مشاق هذا الطريق؛ ويعالج الانفعالات المتناقضة المتكاثرة المتواكبة في شتى الحالات وشتى اللحظات . .
إنه الإيقاع الأخير في السورة التي حوت ذلك الحشد من الإيقاعات . وهو جماعها كلها ، وجماع التكاليف التي تفرضها هذه الدعوة في عمومها . . ومن ثم يعلق الله بها عاقبة الشوط الطويل وينوط بها الفلاح في هذا المضمار :
{ لعلكم تفلحون } صدق الله العظيم .
بعض ألوان الكيد الذي تعرض له الرسول – صلى الله عليه وسلم – من قريش المشركين ومن أهل الكتاب الكافرين :
من سورة الأنبياء :
اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ {1} مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ{2} لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ{3} قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{4} بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ{5} .
وما حق الهلاك على قوم من قبل إلا بسبب إصرارهم على الكفر وعدم استقبال منهج ربهم بالإيمان والتسليم :
{مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ}6 .
وقالوا إنما يسمع القرآن من فتى أعجمي في مكة ، ويرد القرآن عليهم :
{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ }النحل103 .
{- {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ }فصلت26
وقال الذين كفروا) عند قراءة النبي صلى الله عليه وسلم (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) إيتوا باللغط ونحوه وصيحوا في زمن قراءته (لعلكم تغلبون) فيسكت عن القراءة ( الجلالين ) .
- وكان أحدهم يجمع الناس فيحكي لهم قصص الفرس وملوكهم وغير ذلك ليشغلهم عن سماع القرآن .
- وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يغشى مجالس الناس فيعرض عليهم دعوة الله فيمر عليهم أبو لهب – وهو عمه – فيقول لا تصدقوه إنه كذاب !!
وحذروا الوفود الآتية إلى مكة من سماع محمد ، وكان منهم الطفيل بن عمرو الدوسي الذي وضع قطنا في أذنيه حتى لا يسمع النبي ، ثم سأل نفسه لماذا لا أسمع منه وأنا رجل شاعر أعرف الشعر والنظم من غيره ، فلما ذهب إلى النبي وسمع القرآن قال : ما هذا بشعر ولا هو بقول بشر ، وانطلق إلى الكعبة ونطق بالشهادتين على رءوس الناس
-أغروا به السفهاء وحرضوا على قتله وإيذاء أصحابه :
أرسلوا إليه رجلا كان يسمى شيطان العرب ، وهي قصة طرفاها سهيل بن عمرو ، وعمير بن وهب الجمحي ... وأسلم في النهاية سيدنا عمير بن وهب رضي الله عنه .
- وقصة الهجرة وسببها كان الإصرار على قتل النبي صلى الله عليه وسلم وغزوة الأحزاب ، وأحد وحمراء الأسد ، ويوم الرجيع ، وبئر معونة .....
- واليوم أمامنا مجتمع مسلم أعمل فيه الاستعمار منذ قرنين من الزمان وسائله التغريبية ، حيث فرض عليه ثقافة معينة وبرامج تعليم معينة وأسلوب حياة معين واستمر ذلك سنين عددا ، ولكن المجتمع المسلم ثار عليه وأخرجه مذموما مدحورا .
ولكنه خلف مكانه من يقوم بدوره ليضمن المستعمر مصالحه التي احتل بلادنا من أجلها ، وهم أولئك الطغاة من الحكام الذين يمدون أيديهم إليه بطلب البقاء ويبسطونها إلى شعوبهم بالتنكيل والإساءة .
وأغلق الطغاة أبواب الحرية ، وأهدروا كرامة الشعوب ، وضللوا الكثير من أفراد الشعب ، وصنعوا طبقة من المنتفعين ، المنتفعين بالمناصب والمستفيدين من الشركات والمصانع والأموال ، وصنعوا طبقة من أصحاب الشهوات وأرباب الملذات ، وأشاعوا الانحلال والتفسخ والميوعة ، وعمت البطالة بين أفراد الشعب والشباب خاصة .
فلما أردوا أن يخيروا الشعب بين منهج الإسلام ومناهج أخرى إذا بالشعب ينحاز إلى الإسلام وقيمه ، فالشعب لم يتغير بطول أيام الظلم ولم يتغير بطول أيام القهر .
ويقف الشعب ضد رغبة الحكام وضد من يمثلهم في كل أنحاء البلاد .
السبب الجوهري في هذا الأمر : إن هذا الشعب لديه مناعة تتمثل في الإسلام المتجذر في قلوب الناس ، المتوطن في قلوبهم .
ومن قبل فعل التتار الأفاعيل بالمسلمين ، وغلبوا المسلمين عسكريا ، وغلبهم المسلمون دينينا فأسلموا وعادوا إلى بلادهم مسلمين ، وأسسوا دولة تترستان الإسلامية .
والصليبيون مكثوا في فلسطين 94 أربعا وتسعين سنة ، منعوا فيها الأذان في فلسطين وجعلوا المساجد لخيولهم وركائبهم ، وطردوا في النهاية على يد صلاح الدين شر طردة ؛ لأن هذه الشعوب لديها مناعة اكتسبتها من الإسلام .
وستظل هذه المناعة ما بقي القرآن ، وستبقى ما بقيت سنة وسوله صلى الله عليه وسلم .
خطر خارجي وخطر داخلي :
والذين يؤذون النبي اليوم يريدون إقصاء الإسلام من الوجود ، والذين يمزقون المصحف ويتبولون عليه – وهو كتاب الله – يريدون بهذه الأفعال أن يقضوا على الإسلام في ظنهم .
إنها أفعال صبيانية تصدر من شياطين يدفعهم الحقد الدفين ، على الإسلام والمسلمين .
ذلك لما رأوا عدم إقدام الشباب على الكنائس ، بل يباع 10 عشرة في المئة منها لتتحول إلى مساجد ومشاريع ثقافية إسلامية ، مكتبات ، وقاعات للدروس ومدارس .
لما رأوا إعلان الإسلام يوميا في كل مدن أوربا بلا استثناء .
يسلم في ألمانيا 12 اثنا عشر ألفا سنويا ومثلها أو يزيد في فرنسا وأمريكا والبرازيل .
-والذين يريدون إقصاء الإسلام من الحياة اليوم في بلادنا ، تحت مسمى العلمانية .. اللبرالية ..اليسارية و الاشتراكية ..
كل هذه المسميات مقصودها واحد ألا وهو إبعاد الإسلام عن شؤون الحياة ، وإقصاء القرآن عن المال وعن التعليم وعن الشؤون الاجتماعية ، ليصير الإسلام مسألة شخصية .
ونسوا أن الذي اختار الإسلام هو الشعب ، ولو أعطي حق الاختيار في عهد النظام البائد لاختار الإسلام أيضا ، وكان الإسلاميون يفوزون في معمعة القهر والاضطهاد .
إنهم دخلوا الهيجا بغير سلاح فليس عندهم أفكار تخدم الوطن ، ولا خطة تنقذ الوطن ،ولا كوادر مخلصة مؤهلة لإصلاح شأن البلاد ، إنما يريدون الكاريزما !!
وماذا يقصدون بالكاريزما ؟ .
يقصدون البدلة الأنيقة والوقفة الرشيقة ، والصور الوضيئة ، والحرية المطلقة التي تدوس على الأدب والعفة والأخلاق النبيلة ولا تحسب للفضيلة أي حساب .
وتناسوا أن الإسلاميين هم أكثر من دفعوا فاتورة هذه الحرية :
حيث أعدم منهم رجال وسجنوا وشردوا ، وعمل الإعلام ضدهم عدة عقود من الزمان ، حتى تحققت ، فبرز إلينا هؤلاء المتفسخون المنحلون يريدونها حرية بلا قيم ، وحرية بلا دين ، يريدون أن يعيشوا بعيدا عن الله .
فلماذا كانت الثورة إذن ؟ .
أكانت الثورة ليسرقها هؤلاء اللصوص ، ويقع المجتمع تحت الضلال والتحلل مرة أخرى ، وما أسهل أن يأتي الاستعمار من قبل هؤلاء !
لن يختار الشعب هؤلاء الغوغائيين ، وسينحاز إلى شرع ربه المبين وسنة نبيه الأمين .
وسيعود الناس إلى فطرتهم التي فطرهم الله عليها ، وإن غدا لناظره قريب ،
{ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً }الإسراء 51
{ ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم ءامنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إل الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ..... فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) من 60 – 65 النساء .
والحمد لله رب العالمين .
ويقول صاحب الظلال - رحمه الله- معقبًا على الآية الكريمة : { يا أ يها الذين ءامنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون } :
وما يهادنها أعداؤها قط في أي زمان أو في أي مكان وفي مقابل ذلك لا تستغني عن المرابطة للجهاد ، حيثما كانت إلى آخر الزمان!
إن هذه الدعوة تواجه الناس بمنهج حياة واقعي . منهج يتحكم في ضمائرهم ، كما يتحكم في أموالهم ، كما يتحكم في نظام حياتهم ومعايشهم .
منهج ينظم شؤون كل هذه التفاصيل :
منهج خير عادل مستقيم . ولكن الشر لا يستريح للمنهج الخير العادل المستقيم؛ والباطل لا يحب الخير والعدل والاستقامة؛ والطغيان لا يسلم للعدل والمساواة والكرامة . . ومن ثم ينهد ( ينهضم ويبرز ويتطاول ويصمد ) لهذه الدعوة أعداء من أصحاب الشر والباطل والطغيان . ينهد لحربها المستنفعون المستغلون الذين لا يريدون أن يتخلوا عن الاستنفاع والاستغلال . وينهد لحربها الطغاة المستكبرون الذين لا يريدون أن يتخلوا عن الطغيان والاستكبار . وينهد لحربها المستهترون المنحلون ، لأنهم لا يريدون أن يتخلوا عن الانحلال والشهوات . . ولا بد من مجاهدتهم جميعاً . ولا بد من الصبر والمصابرة . ولا بد من المرابطة والحراسة . كي لا تؤخذ الأمة المسلمة على غرة من أعدائها الطبيعيين ، الدائمين في كل أرض وفي كل جيل .
هذه طبيعة هذه الدعوة ، وهذا طريقها . . إنها لا تريد أن تعتدي ؛ ولكن تريد أن تقيم في الأرض منهجها القويم ونظامها السليم . . وهي واجدة أبداً من يكره ذلك المنهج وهذا النظام . ومن يقف في طريقها بالقوة والكيد . ومن يتربص بها الدوائر . ومن يحاربها باليد والقلب واللسان . . ولا بد لها أن تواجه المعركة بكل تكاليفها ، ولا بد لها أن ترابط وتحرس ولا تغفل لحظة ولا تنام!!
والتقوى . . التقوى تصاحب هذا كله . فهي الحارس اليقظ في الضمير يحرسه أن يغفل؛ ويحرسه أن يضعف؛ ويحرسه أن يعتدي؛ ويحرسه أن يحيد عن الطريق من هنا ومن هناك .
ولا يدرك الحاجة إلى هذا الحارس اليقظ ، إلا من يعاني مشاق هذا الطريق؛ ويعالج الانفعالات المتناقضة المتكاثرة المتواكبة في شتى الحالات وشتى اللحظات . .
إنه الإيقاع الأخير في السورة التي حوت ذلك الحشد من الإيقاعات . وهو جماعها كلها ، وجماع التكاليف التي تفرضها هذه الدعوة في عمومها . . ومن ثم يعلق الله بها عاقبة الشوط الطويل وينوط بها الفلاح في هذا المضمار :
{ لعلكم تفلحون } صدق الله العظيم .
بعض ألوان الكيد الذي تعرض له الرسول – صلى الله عليه وسلم – من قريش المشركين ومن أهل الكتاب الكافرين :
من سورة الأنبياء :
اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ {1} مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ{2} لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ{3} قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{4} بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ{5} .
وما حق الهلاك على قوم من قبل إلا بسبب إصرارهم على الكفر وعدم استقبال منهج ربهم بالإيمان والتسليم :
{مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ}6 .
وقالوا إنما يسمع القرآن من فتى أعجمي في مكة ، ويرد القرآن عليهم :
{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ }النحل103 .
{- {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ }فصلت26
وقال الذين كفروا) عند قراءة النبي صلى الله عليه وسلم (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) إيتوا باللغط ونحوه وصيحوا في زمن قراءته (لعلكم تغلبون) فيسكت عن القراءة ( الجلالين ) .
- وكان أحدهم يجمع الناس فيحكي لهم قصص الفرس وملوكهم وغير ذلك ليشغلهم عن سماع القرآن .
- وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يغشى مجالس الناس فيعرض عليهم دعوة الله فيمر عليهم أبو لهب – وهو عمه – فيقول لا تصدقوه إنه كذاب !!
وحذروا الوفود الآتية إلى مكة من سماع محمد ، وكان منهم الطفيل بن عمرو الدوسي الذي وضع قطنا في أذنيه حتى لا يسمع النبي ، ثم سأل نفسه لماذا لا أسمع منه وأنا رجل شاعر أعرف الشعر والنظم من غيره ، فلما ذهب إلى النبي وسمع القرآن قال : ما هذا بشعر ولا هو بقول بشر ، وانطلق إلى الكعبة ونطق بالشهادتين على رءوس الناس
-أغروا به السفهاء وحرضوا على قتله وإيذاء أصحابه :
أرسلوا إليه رجلا كان يسمى شيطان العرب ، وهي قصة طرفاها سهيل بن عمرو ، وعمير بن وهب الجمحي ... وأسلم في النهاية سيدنا عمير بن وهب رضي الله عنه .
- وقصة الهجرة وسببها كان الإصرار على قتل النبي صلى الله عليه وسلم وغزوة الأحزاب ، وأحد وحمراء الأسد ، ويوم الرجيع ، وبئر معونة .....
- واليوم أمامنا مجتمع مسلم أعمل فيه الاستعمار منذ قرنين من الزمان وسائله التغريبية ، حيث فرض عليه ثقافة معينة وبرامج تعليم معينة وأسلوب حياة معين واستمر ذلك سنين عددا ، ولكن المجتمع المسلم ثار عليه وأخرجه مذموما مدحورا .
ولكنه خلف مكانه من يقوم بدوره ليضمن المستعمر مصالحه التي احتل بلادنا من أجلها ، وهم أولئك الطغاة من الحكام الذين يمدون أيديهم إليه بطلب البقاء ويبسطونها إلى شعوبهم بالتنكيل والإساءة .
وأغلق الطغاة أبواب الحرية ، وأهدروا كرامة الشعوب ، وضللوا الكثير من أفراد الشعب ، وصنعوا طبقة من المنتفعين ، المنتفعين بالمناصب والمستفيدين من الشركات والمصانع والأموال ، وصنعوا طبقة من أصحاب الشهوات وأرباب الملذات ، وأشاعوا الانحلال والتفسخ والميوعة ، وعمت البطالة بين أفراد الشعب والشباب خاصة .
فلما أردوا أن يخيروا الشعب بين منهج الإسلام ومناهج أخرى إذا بالشعب ينحاز إلى الإسلام وقيمه ، فالشعب لم يتغير بطول أيام الظلم ولم يتغير بطول أيام القهر .
ويقف الشعب ضد رغبة الحكام وضد من يمثلهم في كل أنحاء البلاد .
السبب الجوهري في هذا الأمر : إن هذا الشعب لديه مناعة تتمثل في الإسلام المتجذر في قلوب الناس ، المتوطن في قلوبهم .
ومن قبل فعل التتار الأفاعيل بالمسلمين ، وغلبوا المسلمين عسكريا ، وغلبهم المسلمون دينينا فأسلموا وعادوا إلى بلادهم مسلمين ، وأسسوا دولة تترستان الإسلامية .
والصليبيون مكثوا في فلسطين 94 أربعا وتسعين سنة ، منعوا فيها الأذان في فلسطين وجعلوا المساجد لخيولهم وركائبهم ، وطردوا في النهاية على يد صلاح الدين شر طردة ؛ لأن هذه الشعوب لديها مناعة اكتسبتها من الإسلام .
وستظل هذه المناعة ما بقي القرآن ، وستبقى ما بقيت سنة وسوله صلى الله عليه وسلم .
خطر خارجي وخطر داخلي :
والذين يؤذون النبي اليوم يريدون إقصاء الإسلام من الوجود ، والذين يمزقون المصحف ويتبولون عليه – وهو كتاب الله – يريدون بهذه الأفعال أن يقضوا على الإسلام في ظنهم .
إنها أفعال صبيانية تصدر من شياطين يدفعهم الحقد الدفين ، على الإسلام والمسلمين .
ذلك لما رأوا عدم إقدام الشباب على الكنائس ، بل يباع 10 عشرة في المئة منها لتتحول إلى مساجد ومشاريع ثقافية إسلامية ، مكتبات ، وقاعات للدروس ومدارس .
لما رأوا إعلان الإسلام يوميا في كل مدن أوربا بلا استثناء .
يسلم في ألمانيا 12 اثنا عشر ألفا سنويا ومثلها أو يزيد في فرنسا وأمريكا والبرازيل .
-والذين يريدون إقصاء الإسلام من الحياة اليوم في بلادنا ، تحت مسمى العلمانية .. اللبرالية ..اليسارية و الاشتراكية ..
كل هذه المسميات مقصودها واحد ألا وهو إبعاد الإسلام عن شؤون الحياة ، وإقصاء القرآن عن المال وعن التعليم وعن الشؤون الاجتماعية ، ليصير الإسلام مسألة شخصية .
ونسوا أن الذي اختار الإسلام هو الشعب ، ولو أعطي حق الاختيار في عهد النظام البائد لاختار الإسلام أيضا ، وكان الإسلاميون يفوزون في معمعة القهر والاضطهاد .
إنهم دخلوا الهيجا بغير سلاح فليس عندهم أفكار تخدم الوطن ، ولا خطة تنقذ الوطن ،ولا كوادر مخلصة مؤهلة لإصلاح شأن البلاد ، إنما يريدون الكاريزما !!
وماذا يقصدون بالكاريزما ؟ .
يقصدون البدلة الأنيقة والوقفة الرشيقة ، والصور الوضيئة ، والحرية المطلقة التي تدوس على الأدب والعفة والأخلاق النبيلة ولا تحسب للفضيلة أي حساب .
وتناسوا أن الإسلاميين هم أكثر من دفعوا فاتورة هذه الحرية :
حيث أعدم منهم رجال وسجنوا وشردوا ، وعمل الإعلام ضدهم عدة عقود من الزمان ، حتى تحققت ، فبرز إلينا هؤلاء المتفسخون المنحلون يريدونها حرية بلا قيم ، وحرية بلا دين ، يريدون أن يعيشوا بعيدا عن الله .
فلماذا كانت الثورة إذن ؟ .
أكانت الثورة ليسرقها هؤلاء اللصوص ، ويقع المجتمع تحت الضلال والتحلل مرة أخرى ، وما أسهل أن يأتي الاستعمار من قبل هؤلاء !
لن يختار الشعب هؤلاء الغوغائيين ، وسينحاز إلى شرع ربه المبين وسنة نبيه الأمين .
وسيعود الناس إلى فطرتهم التي فطرهم الله عليها ، وإن غدا لناظره قريب ،
{ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً }الإسراء 51
{ ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم ءامنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إل الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ..... فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) من 60 – 65 النساء .
والحمد لله رب العالمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق