الشعب المصري يقع اليوم بين هذين الفكين وذين النابين .
فهناك من السياسيين الحانقين ، والإعلاميين الحاقدين ، والأحزاب القائمة على عقيدة حددتها لأنفسها ، هذه العقيدة تبتعد بها عن خط منهج الله ، وتعتبر أن هذا هو ما يميزها ، وتبحث لهذا المذهب عن الأنصار والمؤيدين ، من خلال القصف الإعلامي ، والشتم والاتهام بالباطل لكل من ينتسب إلى الفكرة الإسلامية .
ووسائلهم تنحصر في بعض وسائل الإعلام المرئية والمقروءة ، والمؤتمرات التي يعقدونها هنا وهناك .
فحزب البرادعي وأتباعه يبحث عن ثغرة ينفذ بها إلى المواطنين من خلال خطأ للحكومة أو زلل من الرئاسة ، لعله يكسب أنصارا ، أو يجد له مكانا .
ويغمزون بألسنة حداد على الجمعية التأسيسية للدستور ، وعلى الرئاسة ، ومن قبل على مجلس الشعب ...
وعمرو حمزاوي ، يقول : لماذا لا تتزوج المسلمة بمسيحي ؟ !!
والرجل يقول – وهو حر – إنه لا يمنع زوجته من (القبلات) مع الممثلين في أفلامها وأعمالها الفنية .
ومنال الطيبي : تطالب بتدويل قضية النوبة ، وتريد فصلها عن مصر كدولة مستقلة !!
والأحزاب الليبرالية والعلمانية واليسارية تتجمع في تكتلات ضد العدو القادم والخطر الداهم ألا وهو الإسلاميون !!
فهم يحتكرون الديمقراطية لهم وحدهم ، أما غيرهم فليسوا ديمقراطيين ، مع أنك لو دققت النظر قليلا ستجد أن الإسلاميين أرقى من تعامل مع مبادئ الديمقراطية في الواقع العملي .
ومع قليل من النظر ويسير من التدبر تري أن المقصود هو إبعاد منهج الإسلام عن حكم مصر .
فالحرب إذن حرب هوية وليست ضد أفراد بأعيانهم .
فمصرلو حكمت بالإسلام ستكون قوة مخيفة لليهود والأمريكان والمستعمرين من كل لون وجنس ، وستكون عصا غليظة تلهب ظهور الطامعين ، وترد كيد الحالمين في موطئ قدم لهم في بلادنا والمنطقة العربية والإسلامية .
وحين يتوافق هوى المستعمر مع إرادة بعض المصريين في الداخل ، فذاك خطر ينبغي للمواطن أن ينتبه له ؛ لأن الخيوط أصبحت في يده والكل يراهن عليه .
وأظن أنه من الحق أن أقول : إن هذه الشعوب العربية والإسلامية عندها مناعة قوية ضد هؤلاء المتلاعبين بمصير البلاد وشؤون العباد .
وعندي على ذلك أدلة عملية أسوقها إليك :
فالحرب في ليبيا واليمن وسوريا على الشعوب لم تنجح رغم ضراوتها وحجم التضحيات الجسام التي قدمتها الجماهير الثائرة .
لكن النجاح كان حليف الشعوب ؛ لأن الله ينصر من ينصره ، ويخذل من يظلم ويعتدي .
وعندما فتح النظام السياسي في مصر عام 2005 الباب بعض الشيء أثناء الانتخابات التشريعية في مرحلتها الأولى فاز الإخوان المسلمون بمقاعد كثيرة ، فلما ضيق عليهم في المرحلتين التاليتين كانت الجماهير مصممة على انتخابهم رغم محاولات إغلاق اللجان الانتخابية ، وضرب القنايل المسيلة للدموع ، وانتظر الناس في بعض البلاد من السابعة صباحا إلى الخامسة مساء لكي يدلوا بأصواتهم ، حدث هذا في أماكن كثيرة منها محافظة الفيوم وخاصة مركز سنورس وفي محافظات أخرى .
وبعد الثورة وفي انتخابات نزيهة نيابية نجح التيار الإسلامي وعلى رأسه الإخوان بأغلية المجلس بغرفتيه .
وغم القصف الإعلامي غير المسبوق الذي مورس بإيعاز من المجلس العسكري .
وأظن أن المجلس العسكري أخر النتيجة أسبوعا كاملا ليتلاعب فيها ولولا خوفه من ثورة الشعب عليه لأعلن فوز زعيم الفلول الجديد وعنوان النظام العتيد أحمد شفيق .
- يعاون هؤلاء السياسيين الحانقين والإعلاميين الحاقدين في تلك المهمة
أصحاب المصالح من المفسدين الذين يستغلون مناصبهم في الإضرار باقتصاد البلاد ، فيساهمون في المطالب الفئوية ، وفي تهريب الوقود والبوتجاز ، ويملؤون جيوبهم من قوت الشعب المطحون الذي ضحى بأبنائه وأغلى ما يملك من أجل هذه الثورة ، وينتظر ما يجنيه منها فيقف هؤلاء حائلا دون حلم شعوبهم .
ومن منطق عدل الله المطلق ، ترى المفسدين يفضح أمرهم ويقبض عليهم متلبسين ، ويقدمون للمحاكمة في ذلة ومهانة وخزي وندامة ، غير مأسوف عليهم .
وهؤلاء السياسيون لن ينجحوا والسبب ببساطة أنهم دخلوا معركة بغير عتاد
أويخوضون الهيجا بغير سلاح .
فلم يعلنوا عن خطة لإنقاذ البلاد من الفساد والبلطجية ، ولا طريقة لتحسين الاقتصاد ولا مشاركة لدفع الحالة الأمنية إلى الأمام ، وليس عندهم من الكوادر معشار ما تجمع حول الرئيس وحزب الحرية والعدالة مثلا ..
وليس لديهم قاعدة شعبية ، ولا تواصل مع الجماهير ، فهم لا يجيدون سوى الكلام والنقد ،وليس لديهم عدد البناء والتعمير ، وأنى لهؤلاء أن يسودوا على شعب حر رفض الطغيان والظلم وثار على الفساد والمفسدين ؟ .
إن مناعة الشعوب أقوى من تدليس المنتفعين ، ومن يريدون طمس هوية هذا الشعب المسلم .
إن مصر بالذات يدخرها ربنا – سبحانه وتعالى – لصالح الإسلام والمسلمين ولمساندة شعوب المنطقة في نيل حريتها ، واستقلال قرارها .
ولا يكون إلا ما يريد الله عز وجل ، فليفهم هؤلاء طبيعة القضية ، وليريحوا أنفسهم ، وكيدهم لن يحرك جبال الحقيقة الراسخة ، ولا يزحزح تلال القضية الثابتة .
{{وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ إبراهيم 46 . أي وما مكرهم لتزول منه الجبال .
(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }يوسف 21 .
والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق