ومما ورد في حب الله

ومما ورد في حب الله تعالى :

قال هرم بن حيان: المؤمن إذا عرف ربه عز وجل أحبه وإذا أحبه أقبل إليه، وإذا وجد حلاوة الإقبال إليه لم ينظر إلى الدنيا بعين الشهوة ولم ينظر إلى الآخرة بعين الفترة وهي تحسره في الدنيا وتروحه في الآخرة.

وقال يحيى بن معاذ: عفوه يستغرق الذنوب فكيف رضوانه؟ ورضوانه يستغرق الآمال فكيف حبه؟ وحبه يدهش العقول فكيف وده؟ ووده ينسى ما دونه فكيف لطفه؟.

وفي بعض الكتب: عبدي أنا -وحقك - لك محب فبحقي عليك كن لي محباً.وقال يحيى بن معاذ: مثقال خردلة من الحب أحب إلي من عبادة سبعين سنة بلا حب.

وقال يحيى بن معاذ:

إلهي إني مقيم بفنائك مشغول بثنائك، صغيراً أخذتني إليك وسربلتني بمعرفتك وأمكنتني من لطفك ونقلتني وقلبتني في الأعمال ستراً وتوبةً وزهداً وشوقاً ورضاً وحباً تسقيني من حياضك وتَهملني في رياضك ملازماً لأمرك ومشغوفاً بقولك، ولما طر شاربي ولاح طائري فكيف أنصرف اليوم عنك كبيراً وقد اعتدت هذا منك وأنا صغير، فلي ما بقيت حولك دندنة وبالضراعة إليك همهمة لأني محب وكل محب بحبيبه مشغوف وعن غير حبيبه مصروف.

وقد ورد في حب الله تعالى من الأخبار والآثار ما لا يدخل في حصر حاصر وذلك أمر ظاهر، وإنما الغموض في تحقيق معناه فلنشتغل به.


أحب الأعمال إلى الله

( أحب الأعمال إلى الله }
1 - أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل .
2- أحب الأعمال إلى الله الصلاة لوقتها ثم بر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله .
3 - أحب الأعمال إلى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله .
4 - أحب الأعمال إلى الله إيمان بالله ثم صلة الرحم ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأبغض الأعمال إلى الله الإشراك بالله ثم قطيعة الرحم .
5- أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور ٌ تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينًا أو تطرد عنه جوعًا ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في المسجد شهرًا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظًا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضيً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزول الأقدام وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل .
6- يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل .
{ هذه الأحاديث من تخريج السيوطي وتحقيق الألباني }

الاثنين، 3 ديسمبر 2012

الأمل سلاح الأقوياء وطريق العظماء

بقلم: خميس النقيب على طريق الحق يتصل العظماء من الأنبياء والمرسلين والتابعين بربهم؛ أملاً وعملاً، وعلى طريق الدعوة والدعاة تتكاثر أسباب العمل، وتتسع بوارق الأمل؛ لكشف الظلم ونهوض الأمم وبلوغ القمم عندما تتلبد الأجواء بالغيوم، وتتكاثر في الأرض الهموم، وتخبو الأنوار في الحياة، وتتراكم الظلمات بعضها فوق بعض، هنا يتجلى في الأفاق شعاع نافذ، علاج شافٍ، درس عظيم هو درس الأمل ، أعداء يتربصون بالإسلام يومًا بعد يوم، بل ساعة بعد ساعة، بل لحظة بعد لحظة، يبثون سمومهم، وينشرون أمراضهم، ويمررون حقدهم، لماذا؟!! يريدون أن يلحدوا هذا الشعب ويحطموا أخلاقه، يودون أن يذهبوا قيمه ويدمروا مبادئه ويطمسوا هويته ويعلمنوا دستوره . أحمال ثقيلة على أصحاب الدعوات، عقبات كبيرة في طريق المصلحين والمصلحات، هنا يبزغ فجر الأمل، الأمل الذي كان يصحب النبي صلى الله عليه وسلم عندما ادلهمت حوله الخطوب وتكاثرت عليه الشدائد وترادفت أمامه النوازل، وأحاطت به الضوائق فلجأ إلى ربه مؤملاً فيما عنده يعلمنا أنه لا سبيل لانتظار الفرج إلا بالتوجه إلى الله ولا سبيل لمقارعة الباطل إلا بالاستعانة بالله ولا سبيل لمواجهة الهموم إلا بالتوكل على الله، والله عز وجل يداول الأيام بين الناس (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) (آل عمران: 140 ويعلمنا أن القوي لا يظل قويًّا أبد الدهر، والضعيف لا يظل ضعيفًا طول العمر وإنما يجعل الله من بعد الضعف قوة ومن بعد المرض صحة، ومن بعد العسر يسرًا، ومن بعد الخوف أمنًا ويجعل الله من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم فرجًا فالمؤمن يجب أن يتوجه إلى ربه عز وجل، يؤمل فيما عند الله عز وجل يجب ألا ييأس المؤمن؛ لأن اليأس شيمة الكافرين، وطريق المنافقين (إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف: 87)، إن اليأس قاهر للرجال، محطم للأجيال، مضيع للأعمال، مدمر للآمال، أما الأمل فهو قوة دافعة تشرح الصدور، وتشرق الوجوه، وتبعث النشاط، الأمل إكسير الحياة، وصانع السرور، إنه حلو المذاق، جميل المحيا، عالي القيمة، والمؤمن أوسع الناس أملاً وأصفاهم نفسًا وأطهرهم قلبًا وأرحبهم صدرًا، وأكثرهم تفاؤلاً واستبشارًا لماذا؟!! لأنه يؤمن بأن هناك قوة تدبر هذا الكون لا يخفى عليه شيء ولا يعجز عن شيء، قوة غير محدودة وغير محصورة وغير منتهية، هي قوة الله الذي يحي ويميت، يغني ويفقر، يعطي ويمنع، يعز ويذل (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران: 26)، يجيب المطر، ويكشف السوء، أرحم بعباده من الوالدة بولدها، وأبر بخلقه من أنفسهم . المؤمن يجد في ربه الملاذ في الشدة، والأنيس في الوحشة، والنصير في القلة، والمغيث في الكربة، والنور في الظلمة.. إذا حارب كان واثقًا في النصر؛ لأنه مع الله ، فالله معه (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ* وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) (الصافات- 173:172) وإذا رأى الباطل ينتفش في غفلة أهل الحق أيقن أن الباطل في اندثار، وأن الحق في انتشار (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (الأنبياء: 18) يتجه إليه المكروب يسأله الصبر والرضا، ويتجه إليه المظلوم يؤمل في عونه ونصره، ويتجه إليه المحروم يسأله أن يرزقه ويُعطيه، ويتجه إليه المكلوم راجيًا الأجر والثواب: (إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) (النساء: 104).. إنه طريق العظماء.. كيف؟! إبراهيم عليه السلام طلب الولد وهو شيخ كبير (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) (الصافات: 100)، {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ }الصافات101 ويعقوب عليه السلام بعد أن طالت غيبة يوسف ، وزاد على ذلك غياب أخويه فصاروا ثلاثة غائبين عنه فكان جديرًا أن يفقد الأمل في لقائهم، إلا أنه لم يتسرب إليه اليأس بل قال: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (يوسف: 83) أيوب عليه السلام أصابه مرض عضال فأمل فيما عند الله من شفاء في أدب جم صبر جميل (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ 83 فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) (الأنبياء:83 – 84 . يونس عليه السلام ابتلعه الحوت وكان محاصرًا بظلمات ثلاث ولكنه لم يفقد الأمل (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ 87 فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) (الأنباء- 88:87). موسى عليه السلام يسري بقومه؛ لينجو بهم من فرعون وجنوده فكان العدو من خلفه والبحر من أمامه (فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ 60 فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) (الشعراء: 60، 61)، لكن موسى لم يفزع ولم ييأس وتحلى بالأمل قائلاً: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء: 62)، ونُجي موسى وأصحابه ولم يذهب أمله سدى .. محمد صلى الله عليه وسلم في الهجرة يطمئن أبو بكر في الغار ما ظنك باثنين الله ثالثهما (لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا) (التوبة: 40)، وهو الذي قال لابنته فاطمة رضي الله عنها: "إن الله مانع أباك وقال لزيد بن حارثة عندما أراد أن يعود إلى مكة بعد أحداث الطائف إن الله جاعل لما ترى فرجًا ومخرجًا إن الله ناصر دينه ومظهر نبيه . ويتكالب الأعداء على الدعوة ويتألم الشرك الوثني بكل عناصره، والغدر اليهودي بكل تاريخه، ويشتد الأمر على النبي وأصحابه.. قريش وغطفان من خارج المدينة، اليهود والمنافقون من الداخل، والقران يصور هذا الموقف: (إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا 10 هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا) (الأحزاب- 11:10). في هذه الساعات العصيبة التي يتلاشى فيها عود الأمل، ويخبو فيها شعاع الرجاء، ولا يفكر المرء إلا في الخلاص والنجاة، تجد النبي يشارك مع أصحابه في حفر الخندق لصد الغزاة وتعويق الطغاة، يحدث النبي أصحابه عن الغد المأمول والمستقبل المرجوحين يفتح الله عليهم بلاد كسرى بفارس، وبلاد قيصر بالشام، وبلاد اليمن بالجزيرة حديث الواثق المطمئن المؤمل فيما عند الله حتى أثار المنافقين: إن محمدًا يعدنا كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يأمن أن يذهب إلى الخلاء وحده (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) (الأحزاب: 12)، ومنافقو اليوم يرددون نفس المنطق في الإعلام، ويثيرون حفيظة الناس أنه لن يتحقق شيء مع الإسلاميين ولكن الله سيخذلهم ويوفق المصلحين إلى النهوض والانطلاق والإشراق بإذنه تعالى . في الهجرة من مكة والنبي خارج من بلده خروج المطارد المضطهد الذي يغير الطريق، ويأوي إلى الغار، ويسير بالليل، ويختفي بالنهار، يقول لسراقة: "يا سراقة؛ كيف بك إذا ألبسك الله سواري كسري؟ فيعجب الرجل ويبهت ويقول: كسري بن هرمز؟ فيقول: (نعم)، فيتحول قلب سراقة من طالب لمحمد صلي الله عليه وسلم إلى حارس له يعمي القوم عنه . إن أشد ساعات الليل ظلمة تسبق بزوغ الفجر، وأشد لحظات السماء تلبدًا بالغيوم تسبق هطول المطر، وأشد أوقات المرأة إيلامًا تلك التي تسبق نزول الولد!! وإلا ماذا تسمي الشعاع الذي يبزغ في دياجير الأحداث من القلوب الكبيرة فينير لها الطريق، ويبدد أمامها الظلام، وينزل عليها الغيث؟ الأمل للمصلحين ينير دربهم ويقوي عزمهم ويشد أزرهم ويجمع أمرهم ويبدد اليأس في طريقهم، مهما تكاثرت العقبات وكانت الصعوبات، مهما ترادفت الضوائق وكانت الشدائد، إنه الأمل في نصر الله (بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ 5 وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (الروم- 6:5) من كان يظن أن أهل غزة رغم قلة عددهم وعتادهم سينتصرون على أعتى قوة عسكرية في الشرق الأوسط ؟! إنه الإيمان والأمل والعمل . من كان يظن أن شعوب الربيع العربي ستطيح بكل الطغاة في فترة لا تساوي في عمر الزمن شيئًا؟ أليس الأمل والصمود والعمل . من كان يظن أن المُعتقل المُشاكس في برلمان 2005 (الاحتياطي) دكتور مرسي سيخرج من سجنه إلى رأس الدولة رغم التعويق والتشويه والتشتيت؟! أليس الأمل والثبات والعمل ؟ ! الأمل لا بد منه لدعم الرسالات وإقامة النهضات ونجاح البطولات، وإذا فقد المصلح أمله فقد دخل المعركة بلا سلاح، بل بلا يد تمسك بالسلاح، فأني يرتجي له نجاح؟ أو يأتي إليه فلاح؟ أما إذا استصحب الأمل فإن الصعب سيهون، والضر سينكشف، والبعيد سيدنو، والأيام تقرب البعيد، والزمن جزء من العلاج . وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }يوسف21

ليست هناك تعليقات: