الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وبعد ..
لما
كان الإسلام وقيمه السامية ومنهجه المستقيم الصافي يتأصل في نفوس حملة الدعوة
والذين يتربون عليها ؛ فإنهم لا يطيقون الصبر عن الانطلاق بهذا المنهج ، وهم يرون
الفسق والضلال في كل مجالات الحياة من حولهم ، ومن ثم يسعون لتحقيق المنهج في واقع الحياة .
ولكنهم
يصطدمون مع أرباب الجاهلية وأصحاب الشهوات المبغضين لشرع الله ، الشانئين للمؤمنين
؛ فإنهما لا يلتقيان في هدف ولا غاية .
ولكن
الدعاة يأخذون من جسم هذا المجتمع ، ويضمونه إلى تجمعهم الإسلامي ، حيث تتكون
طلائع البعث الجديد ، ولكن شانئيهم لا يتركونهم هكذا بلا إيذاء ؛ فهي سنة الدعوات
في كل زمان .
حتى
إذا عظم الصف المؤمن وأراد الله تعالى أن يغير بهم الواقع المخالف لشرعه ، وكانت
المواجهة لإزاحته عن مسرح الحكم وتسلم القيادة منه ، حينئذ ترى صداما واضحا بين من
يغتصب الحكم لنفسه من دون الله ؛ ليشرع على هواه ، وترى كل منحرف لا يرى له حياة
إلا في البعد عن منهج الله كل هؤلاء سيستعملون كل وسيلة لحرب أهل الدعوة سواء كانت
الوسيلة قبيحة ووضيعة ، أو ذات تمويه وتعمية على الشعوب ، أو قلب الحقائق ، وإراقة
الدماء ، والكذب والخداع ، حيث لا وسيلة شريفة لغاية وضيعة !
ومن
هنا يكون الاستعانة بالصبر والصلاة ، والتحلي بتقوى الله ، وقوة الإرادة وطول
النفس ، ومتانة اليقين بالله عز وجل ، والثقة بنصره ، واليقين في تحقيق وعده ،
والعمل المتواصل ، مع سلامة الوسيلة وتعددها والاستبشار بالنصر ، واستشراف التمكين
.
إن
الداعية – اليوم – بتجمعه وصفه الإيماني لا يستطيعون أن يصبروا على قيمهم ومنهج
دينهم حبيسا في الصدور ، مستورا في الضمائر ، بل يعملون على نشره وتربية من حولهم
على هذا المنهج وتلك القيم ، كما أنه لا يجوز لهم أن يذوبوا ويندمجوا في هذا
المجتمع بما فيه من حلو ومر .
وهذا
ما ينبغي أن يكون واضحا لدى الدعاة اليوم ، وهو واجب على القائمين على أمر الدعوة
أن يوضحوه لجمهور الدعاة وصفوف المربين .
إن
تميز الدعاة بسمتهم ودعوتهم ، وتميزهم بمنهجهم وقيم دينهم من الأهمية بمكان ليرى
الناس صورة حية واقعية لما يدعون إليه ، ومن جهة أخرى لا يجوز أن يخلو مكان ولا
زمان من هؤلاء الدعاة لا لنقيم الحجة على الناس ، بل لنأخذ بأيديهم إلى سبيل النجاة
وطريق الفلاح في الدنيا والآخرة .
وإذا
كان الدعاة المجاهدون قد نالتهم سياط الباطل بالأمس ، فقتل من قتل وأوذي من أوذي
بأبشع وأقسى أنواع النكال ، فإن دعاة اليوم بعد ثورة الربيع العربي لن ينالهم أذي
من هذا النوع ، ولكن المطلوب منهم نوع آخر من التضحيات ، وأشكال أخر من الأعمال .
المطلوب
منهم جهد مضاعف ، وعمل متواصل ووصل الليل بالنهار في خدمة الجماهير ، والصبر على
الشعب المستعجل لجني ثمرات إزاحة الباطل الغشوم ؛ فإن كثيرا منهم لا يدرك حجم
الإرث البغيض الذي خلفه النظام البائد ، من منظومة فاسدة في كل أجهزة الدولة ، وهو
أمر يحتاج إصلاحه إلى سنين وليس أسابيع كما يتخيلون .
مطلوب
من الداعية أن يجيب عن أسئلة الناس واستفساراتهم ، ويقنعهم بالحلول الآجلة ،
والحلول العاجلة .
ويصبر
على الشانئين والحاقدين ، ويتقي الله في كل مرحلة وفي كل خطوة ، حتى تنمو البذرة
وتنضج الثمرة ، ولن يفوتنا إحدى الحسنيين إما النصروالتمكين ، أو الموت ونحن
ثابتون على هذا الطريق قد نلنا غايتنا ، وليجن الثمار من بعدنا ، وموعدنا وإياهم
جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ، والأمل في الله وحده أن يجنبنا الانحراف
والزلل والميل ، وهذا منطلق حسن ظننا بالله تبارك وتعالى .
ومطلوب
منهم عمل متواصل في مجال الدعوة فقد فتحت لهم أبواب المساجد وأعمال البر والرحلات
والمعسكرات ، وقنوات فضائية ومدارس خاصة ومعاهد ومراكز الشباب ... الخ .
وزالت
عن الناس عوامل كانت تحجزهم عن الدعوة كداوعي الأمن والمخابرات والتضييق من الأهل
والأقارب والخوف على لقمة العيش وغير ذلك ؛ فأصبح الناس مقبلين على الدعوة ،
يحتاجون من يحسن تربيتهم ويضمهم للصف .
نسأل
الله أن يستخدمنا – برحمته – في طريق دعوته ورفع رايته
وتمكين شرعه ، وإقامة الدولة الإسلامية والخلافة
العالمية ، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله . والحمد لله رب العالمين .
شعبان
شحاته
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق