( إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , نحمدك اللهم حمد الشاكرين , ونصلي ونسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه وسلك طريقه إلى يوم الدين .
وبعد
لقد شرفنا الله عز وجل بالانتساب لهذا الدين وجعلنا به خير أمة أخرجت للناس . هذه الخيرية تكمن في إرشاد البشرية والأخذ بأيديها إلى المعروف وتحذيرها من الفساد والظلم ؛ لكي يعيش الناس عبيدا لله وحده , إلى منهجه يفيئون وعلى شريعته يستقيمون , وبذلك يحرزون خير الدنيا ونعيم الآخرة .
والله عز وجل قد بين لنا مهمتنا في أكثر من موضع في القرآن الكريم : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) البقرة 143 .
(وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) الحج (78) .
ولكن أعداء الله وأعدء الإنسانية , أعداء القيم والحضارة يقفون حجر عثرة أمام مهمتنا السامية ؛ يحاربون من يعبد الله ويسير على منهجه القويم , يسفكون الدماء ويهلكون الحرث والنسل , فكم من أرامل وأيتام أظلمت حياتهم بغياب عائلهم , وكم من أعراض انتهكت وأموال نهبت وثروات سلبت . ثم إذا دافعوا عن دينهم وأوطانهم وأعراضهم فهم إرهابيون !! .
وهم يحتلون بلادنا منذ القرن الرابع قبل الميلاد حتى القرن السابع الميلادي فهذه جملتها أحد عشر قرنا , واستمرت الحملات الصليبية حوالي مائتي سنة , ثم أضف إلى ذلك احتلال البلاد الإسلامية والعربية في القرنين الماضيين .
فانظر كم قرنا عاشه المسلمون أو عاشته هذه المنطقة بدون احتلال؟ . ثم بعد ذلك ينعت المسلمون بأنهم إرهابيون !! .
إن مهمتنا تكمن في تعبيد الناس ,كل الناس لله رب العالمين , وأن يُعبد الله وحده لا شريك له , وأن يكون منهجه هو المتبع على هذه الأرض .
ولكن ما العقبات التي تعترض هذه المهمة ؟ .
إن هذا يحملنا أن نصف الوضع الراهن لبلادنا :
حال الأمة : التفرق والتشرذم , دول مقطعة يسهل ابتلاعها : ضعف الاقتصاد ( التجارة والإنتاج,والزراعة والصناعة ) ضعف الحالة السياسية المتمثلة في حكم الفرد , واستبعاد الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة المخلصة وأي قوى معارضة ,أو بمعنى آخر استبعاد الشعوب من محاسبة الحكام, و احتلال بعض الدول الإسلامية ونهب ثرواتنا من البترول وغيره , تخريب الإعلام والتعليم والثقافة لتنشأ أجيالنا بعيدة عن مصدر النور الإلهي , وبعيدة عن تاريخها المجيد ؛ ولكي يسهل السيطرة عليهم مستقبلا .
الهجمة الاستعمارية الشرسة على الإسلام واستغلال طغاة الحكام هذه الهجمة في شل حركة الدعاة وسجنهم والبطش بهم ويساعدهم مايملكون من وسائل الإعلام وأجهزة الشرطة وغيرها .
وكلما برز حملة الإسلام واقتربوا من الحكم قامت أمريكا و أوربا ولم تقعد , وتذكرجبهة الإنقاذ في الجزائر والمحاكم الإسلامية في الصومال.
وحال الدعاة : وما يتعرضون له من محاكم عسكرية وتضييق وفصل من الوظائف أو تحويلهم إلى أعمال إدارية , أو استبعادهم من الوظيفة أصلا , وتشويه إعلامي , والأدهى من ذلك هو سن قوانين أو مواد فى الدستور لمحاربتهم وهذا السلوك يتفاوت من بلد لآخر .
إلا أن :
إلا أن الناظر إلى الأمور بعين البصيرة يرى أن هذا الأسلوب المستمر من أيام عبد الناصر ومن بعده في مصر وغيرها حتى الآن لم يثن أجيال الدعاة المتتالية عن دعوتهم بل إنهم يزدادون أتباعا ,ويكثرون أعدادا وتلتف حولهم الجماهير في كل الدول الإسلامية وشواهد ذلك كثيرة في انتخابات مصر الأخيرة وفي فلسطين وأندونيسيا وغيرها , وما نراه من شواهد أخرى . (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)) . يوسف .
أما ماذا نفعل ؟ .
فإننا نشكو حالنا إلى الله وحده (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ )(86) يوسف .
فهو سبحانه القادر على نصرنا مهما تحزب الشر علينا , وتجمع العدو ضدنا , أو استصغرونا في أعينهم . يقول الله عز وجل : إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)) الأنفال . فإن الله قادر على إعزاز أوليائه وإذلا ل أعدائه وهذا مقتضى حكمته سبحانه .
إلا أننا لنا مهمة لايمكن أن نتخلى عنها بأي حال : يقول الشيخ محمد الغزالي في كتاب هموم داعية :
{ إن المسلمين في المشارق والمغارب مهيأون ليقظة عامة تحمي كيانهم وتستبقي إسلامهم..
أطلب من عباد الله الصالحين أن يصيخوا السمع للنذير العريان..قبل أن يأخذنا الطوفان، فإن الأقدار تقتص من المستضعفين المفرطين، كما تقتص من المجرمين المعتدين . } !!.
وعلينا أن نتقي الله ونحسن التقرب إليه , ونصبر على الإيذاء (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)) يوسف .
ولنا في الله أعظم الأمل , و اليأس ليس من أخلاق المؤمنين (وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)) يوسف .
وكل الحادثات- وإن تناهت - فموصولٌ بها الفرجُ القريبُ
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)) الشرح .
ودرس الأمل عند نبي الله يعقوب لما أخذوا ولده الثاني وتضاعف الخطب لم يهن ولم يضعف بل ربط أمله بالله وحده فقال (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83)) يوسف.
وانظر في غزوة الأحزاب كيف علم النبي – صلى الله عليه وسلم - أصحابه الأمل , وفي حادثة الهجرة مع سراقة , وفي حديثه الشريف مع خباب بن الأرت : عندما قال : يا رسول الله ألا تدعو الله لنا ألا تستنصر لنا فبادره النبي – صلى الله عليه وسلم : ( والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ) .
فإذا استحكمت حلقات الأذى على أهل الحق وظنوا أنهم قدكذبوا فاجأهم الله بالنصر المبين (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا ) , ويشفي الله صدور المؤمنين يالانتقام من أعدائهم : ( فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين ) 110 يوسف .
ومن المعلوم أن سورة يوسف نزلت أيام حصارالمسلمين في شعب أبي طالب , وهي السورة التي من مفاهيمها النصر والتمكين بعد الصبر الشاق والسجن الطويل , وقلة الناصرين ؛ وكأنها جاءت لتثبت القلوب وتبث الأمل في نفس الرسول – صلى الله عليه وسلم - وأصحابه . تماما كما نزلت قصة طالوت وجالوت قبل غزوة بدر لتبين كيف انتصر الجيش القليل على العدد الكبير بإذن الله والله مع الصابرين .
إن النصر آت ٍ لامحالة والتمكين قادم بلا شك وسيعز الله الدعاة أهل الحق ويعلي قدرهم ويرفع شأنهم .
وكأنني أنظر إلى بلال وعمار وخباب عند باب الخليفة عمر ويحضر أبو سفيان وسهيل فيسمح بالدخول للأولين ويؤخر أباسفيان وسهيلا ؛ فيغضب أبو سفيان ويحمر وجهه – رضي الله عنه – فيبادره سهيل مستدركا عليه : يا أبا سفيان إنهم دعوا إلى الله فأسرعوا وأبطأنا فكيف بنا يوم القيامة إذا دعينا فأسرعوا وأبطأنا !! .
واليوم وقد تحكمت أمريكا ومن شايعها من الأوربيين والمستعمرين والطغاة المتحكمين وأصحاب المصالح الآخرين , وفصلت القوانين وغيرت المناهج التعليمية وعولمت الثقافة , وضيق على أصحاب الأقلام الحرة والأراء الفذة , وأفسح المجال لحملة المباخر ومن يبيعون دينهم بدنيا غيرهم – في كل هذه الظروف نجد الأمل يملأ قلوبنا وتستشرف النصرَ نفوسُنا وحينئذ نتمثل قول الرجل الصالح (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) يوسف.
فنحن إذن ليس لنا إلا طريق واحد : أن ندعوإلى الله ونعمل على إصلاح المجتمعات ومؤسساتها , ونأخذ بالأسباب المتاحة , ونتقي الله ونحسن صلتنا به سبحانه , ونصبر ونثق في وعد الله ومراده (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) القصص .
ونثق في نصر الله وإنه لات , ونؤمن بأنه غير بعيد بل إنه قريب جد ٌ قريب ( ألا إن نصر الله قريب ) 214 البقرة .
(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ) النساء (87) .
(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ) النساء(122)
(وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)) التوبة .
(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (6) الروم .
وعلى الله قصد السبيل .
شعبان شحاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , نحمدك اللهم حمد الشاكرين , ونصلي ونسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه وسلك طريقه إلى يوم الدين .
وبعد
لقد شرفنا الله عز وجل بالانتساب لهذا الدين وجعلنا به خير أمة أخرجت للناس . هذه الخيرية تكمن في إرشاد البشرية والأخذ بأيديها إلى المعروف وتحذيرها من الفساد والظلم ؛ لكي يعيش الناس عبيدا لله وحده , إلى منهجه يفيئون وعلى شريعته يستقيمون , وبذلك يحرزون خير الدنيا ونعيم الآخرة .
والله عز وجل قد بين لنا مهمتنا في أكثر من موضع في القرآن الكريم : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) البقرة 143 .
(وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) الحج (78) .
ولكن أعداء الله وأعدء الإنسانية , أعداء القيم والحضارة يقفون حجر عثرة أمام مهمتنا السامية ؛ يحاربون من يعبد الله ويسير على منهجه القويم , يسفكون الدماء ويهلكون الحرث والنسل , فكم من أرامل وأيتام أظلمت حياتهم بغياب عائلهم , وكم من أعراض انتهكت وأموال نهبت وثروات سلبت . ثم إذا دافعوا عن دينهم وأوطانهم وأعراضهم فهم إرهابيون !! .
وهم يحتلون بلادنا منذ القرن الرابع قبل الميلاد حتى القرن السابع الميلادي فهذه جملتها أحد عشر قرنا , واستمرت الحملات الصليبية حوالي مائتي سنة , ثم أضف إلى ذلك احتلال البلاد الإسلامية والعربية في القرنين الماضيين .
فانظر كم قرنا عاشه المسلمون أو عاشته هذه المنطقة بدون احتلال؟ . ثم بعد ذلك ينعت المسلمون بأنهم إرهابيون !! .
إن مهمتنا تكمن في تعبيد الناس ,كل الناس لله رب العالمين , وأن يُعبد الله وحده لا شريك له , وأن يكون منهجه هو المتبع على هذه الأرض .
ولكن ما العقبات التي تعترض هذه المهمة ؟ .
إن هذا يحملنا أن نصف الوضع الراهن لبلادنا :
حال الأمة : التفرق والتشرذم , دول مقطعة يسهل ابتلاعها : ضعف الاقتصاد ( التجارة والإنتاج,والزراعة والصناعة ) ضعف الحالة السياسية المتمثلة في حكم الفرد , واستبعاد الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة المخلصة وأي قوى معارضة ,أو بمعنى آخر استبعاد الشعوب من محاسبة الحكام, و احتلال بعض الدول الإسلامية ونهب ثرواتنا من البترول وغيره , تخريب الإعلام والتعليم والثقافة لتنشأ أجيالنا بعيدة عن مصدر النور الإلهي , وبعيدة عن تاريخها المجيد ؛ ولكي يسهل السيطرة عليهم مستقبلا .
الهجمة الاستعمارية الشرسة على الإسلام واستغلال طغاة الحكام هذه الهجمة في شل حركة الدعاة وسجنهم والبطش بهم ويساعدهم مايملكون من وسائل الإعلام وأجهزة الشرطة وغيرها .
وكلما برز حملة الإسلام واقتربوا من الحكم قامت أمريكا و أوربا ولم تقعد , وتذكرجبهة الإنقاذ في الجزائر والمحاكم الإسلامية في الصومال.
وحال الدعاة : وما يتعرضون له من محاكم عسكرية وتضييق وفصل من الوظائف أو تحويلهم إلى أعمال إدارية , أو استبعادهم من الوظيفة أصلا , وتشويه إعلامي , والأدهى من ذلك هو سن قوانين أو مواد فى الدستور لمحاربتهم وهذا السلوك يتفاوت من بلد لآخر .
إلا أن :
إلا أن الناظر إلى الأمور بعين البصيرة يرى أن هذا الأسلوب المستمر من أيام عبد الناصر ومن بعده في مصر وغيرها حتى الآن لم يثن أجيال الدعاة المتتالية عن دعوتهم بل إنهم يزدادون أتباعا ,ويكثرون أعدادا وتلتف حولهم الجماهير في كل الدول الإسلامية وشواهد ذلك كثيرة في انتخابات مصر الأخيرة وفي فلسطين وأندونيسيا وغيرها , وما نراه من شواهد أخرى . (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)) . يوسف .
أما ماذا نفعل ؟ .
فإننا نشكو حالنا إلى الله وحده (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ )(86) يوسف .
فهو سبحانه القادر على نصرنا مهما تحزب الشر علينا , وتجمع العدو ضدنا , أو استصغرونا في أعينهم . يقول الله عز وجل : إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)) الأنفال . فإن الله قادر على إعزاز أوليائه وإذلا ل أعدائه وهذا مقتضى حكمته سبحانه .
إلا أننا لنا مهمة لايمكن أن نتخلى عنها بأي حال : يقول الشيخ محمد الغزالي في كتاب هموم داعية :
{ إن المسلمين في المشارق والمغارب مهيأون ليقظة عامة تحمي كيانهم وتستبقي إسلامهم..
أطلب من عباد الله الصالحين أن يصيخوا السمع للنذير العريان..قبل أن يأخذنا الطوفان، فإن الأقدار تقتص من المستضعفين المفرطين، كما تقتص من المجرمين المعتدين . } !!.
وعلينا أن نتقي الله ونحسن التقرب إليه , ونصبر على الإيذاء (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)) يوسف .
ولنا في الله أعظم الأمل , و اليأس ليس من أخلاق المؤمنين (وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)) يوسف .
وكل الحادثات- وإن تناهت - فموصولٌ بها الفرجُ القريبُ
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)) الشرح .
ودرس الأمل عند نبي الله يعقوب لما أخذوا ولده الثاني وتضاعف الخطب لم يهن ولم يضعف بل ربط أمله بالله وحده فقال (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83)) يوسف.
وانظر في غزوة الأحزاب كيف علم النبي – صلى الله عليه وسلم - أصحابه الأمل , وفي حادثة الهجرة مع سراقة , وفي حديثه الشريف مع خباب بن الأرت : عندما قال : يا رسول الله ألا تدعو الله لنا ألا تستنصر لنا فبادره النبي – صلى الله عليه وسلم : ( والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ) .
فإذا استحكمت حلقات الأذى على أهل الحق وظنوا أنهم قدكذبوا فاجأهم الله بالنصر المبين (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا ) , ويشفي الله صدور المؤمنين يالانتقام من أعدائهم : ( فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين ) 110 يوسف .
ومن المعلوم أن سورة يوسف نزلت أيام حصارالمسلمين في شعب أبي طالب , وهي السورة التي من مفاهيمها النصر والتمكين بعد الصبر الشاق والسجن الطويل , وقلة الناصرين ؛ وكأنها جاءت لتثبت القلوب وتبث الأمل في نفس الرسول – صلى الله عليه وسلم - وأصحابه . تماما كما نزلت قصة طالوت وجالوت قبل غزوة بدر لتبين كيف انتصر الجيش القليل على العدد الكبير بإذن الله والله مع الصابرين .
إن النصر آت ٍ لامحالة والتمكين قادم بلا شك وسيعز الله الدعاة أهل الحق ويعلي قدرهم ويرفع شأنهم .
وكأنني أنظر إلى بلال وعمار وخباب عند باب الخليفة عمر ويحضر أبو سفيان وسهيل فيسمح بالدخول للأولين ويؤخر أباسفيان وسهيلا ؛ فيغضب أبو سفيان ويحمر وجهه – رضي الله عنه – فيبادره سهيل مستدركا عليه : يا أبا سفيان إنهم دعوا إلى الله فأسرعوا وأبطأنا فكيف بنا يوم القيامة إذا دعينا فأسرعوا وأبطأنا !! .
واليوم وقد تحكمت أمريكا ومن شايعها من الأوربيين والمستعمرين والطغاة المتحكمين وأصحاب المصالح الآخرين , وفصلت القوانين وغيرت المناهج التعليمية وعولمت الثقافة , وضيق على أصحاب الأقلام الحرة والأراء الفذة , وأفسح المجال لحملة المباخر ومن يبيعون دينهم بدنيا غيرهم – في كل هذه الظروف نجد الأمل يملأ قلوبنا وتستشرف النصرَ نفوسُنا وحينئذ نتمثل قول الرجل الصالح (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) يوسف.
فنحن إذن ليس لنا إلا طريق واحد : أن ندعوإلى الله ونعمل على إصلاح المجتمعات ومؤسساتها , ونأخذ بالأسباب المتاحة , ونتقي الله ونحسن صلتنا به سبحانه , ونصبر ونثق في وعد الله ومراده (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) القصص .
ونثق في نصر الله وإنه لات , ونؤمن بأنه غير بعيد بل إنه قريب جد ٌ قريب ( ألا إن نصر الله قريب ) 214 البقرة .
(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ) النساء (87) .
(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ) النساء(122)
(وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)) التوبة .
(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (6) الروم .
وعلى الله قصد ( إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , نحمدك اللهم حمد الشاكرين , ونصلي ونسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه وسلك طريقه إلى يوم الدين .
وبعد
لقد شرفنا الله عز وجل بالانتساب لهذا الدين وجعلنا به خير أمة أخرجت للناس . هذه الخيرية تكمن في إرشاد البشرية والأخذ بأيديها إلى المعروف وتحذيرها من الفساد والظلم ؛ لكي يعيش الناس عبيدا لله وحده , إلى منهجه يفيئون وعلى شريعته يستقيمون , وبذلك يحرزون خير الدنيا ونعيم الآخرة .
والله عز وجل قد بين لنا مهمتنا في أكثر من موضع في القرآن الكريم : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) البقرة 143 .
(وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) الحج (78) .
ولكن أعداء الله وأعدء الإنسانية , أعداء القيم والحضارة يقفون حجر عثرة أمام مهمتنا السامية ؛ يحاربون من يعبد الله ويسير على منهجه القويم , يسفكون الدماء ويهلكون الحرث والنسل , فكم من أرامل وأيتام أظلمت حياتهم بغياب عائلهم , وكم من أعراض انتهكت وأموال نهبت وثروات سلبت . ثم إذا دافعوا عن دينهم وأوطانهم وأعراضهم فهم إرهابيون !! .
وهم يحتلون بلادنا منذ القرن الرابع قبل الميلاد حتى القرن السابع الميلادي فهذه جملتها أحد عشر قرنا , واستمرت الحملات الصليبية حوالي مائتي سنة , ثم أضف إلى ذلك احتلال البلاد الإسلامية والعربية في القرنين الماضيين .
فانظر كم قرنا عاشه المسلمون أو عاشته هذه المنطقة بدون احتلال؟ . ثم بعد ذلك ينعت المسلمون بأنهم إرهابيون !! .
إن مهمتنا تكمن في تعبيد الناس ,كل الناس لله رب العالمين , وأن يُعبد الله وحده لا شريك له , وأن يكون منهجه هو المتبع على هذه الأرض .
ولكن ما العقبات التي تعترض هذه المهمة ؟ .
إن هذا يحملنا أن نصف الوضع الراهن لبلادنا :
حال الأمة : التفرق والتشرذم , دول مقطعة يسهل ابتلاعها : ضعف الاقتصاد ( التجارة والإنتاج,والزراعة والصناعة ) ضعف الحالة السياسية المتمثلة في حكم الفرد , واستبعاد الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة المخلصة وأي قوى معارضة ,أو بمعنى آخر استبعاد الشعوب من محاسبة الحكام, و احتلال بعض الدول الإسلامية ونهب ثرواتنا من البترول وغيره , تخريب الإعلام والتعليم والثقافة لتنشأ أجيالنا بعيدة عن مصدر النور الإلهي , وبعيدة عن تاريخها المجيد ؛ ولكي يسهل السيطرة عليهم مستقبلا .
الهجمة الاستعمارية الشرسة على الإسلام واستغلال طغاة الحكام هذه الهجمة في شل حركة الدعاة وسجنهم والبطش بهم ويساعدهم مايملكون من وسائل الإعلام وأجهزة الشرطة وغيرها .
وكلما برز حملة الإسلام واقتربوا من الحكم قامت أمريكا و أوربا ولم تقعد , وتذكرجبهة الإنقاذ في الجزائر والمحاكم الإسلامية في الصومال.
وحال الدعاة : وما يتعرضون له من محاكم عسكرية وتضييق وفصل من الوظائف أو تحويلهم إلى أعمال إدارية , أو استبعادهم من الوظيفة أصلا , وتشويه إعلامي , والأدهى من ذلك هو سن قوانين أو مواد فى الدستور لمحاربتهم وهذا السلوك يتفاوت من بلد لآخر .
إلا أن :
إلا أن الناظر إلى الأمور بعين البصيرة يرى أن هذا الأسلوب المستمر من أيام عبد الناصر ومن بعده في مصر وغيرها حتى الآن لم يثن أجيال الدعاة المتتالية عن دعوتهم بل إنهم يزدادون أتباعا ,ويكثرون أعدادا وتلتف حولهم الجماهير في كل الدول الإسلامية وشواهد ذلك كثيرة في انتخابات مصر الأخيرة وفي فلسطين وأندونيسيا وغيرها , وما نراه من شواهد أخرى . (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)) . يوسف .
أما ماذا نفعل ؟ .
فإننا نشكو حالنا إلى الله وحده (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ )(86) يوسف .
فهو سبحانه القادر على نصرنا مهما تحزب الشر علينا , وتجمع العدو ضدنا , أو استصغرونا في أعينهم . يقول الله عز وجل : إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)) الأنفال . فإن الله قادر على إعزاز أوليائه وإذلا ل أعدائه وهذا مقتضى حكمته سبحانه .
إلا أننا لنا مهمة لايمكن أن نتخلى عنها بأي حال : يقول الشيخ محمد الغزالي في كتاب هموم داعية :
{ إن المسلمين في المشارق والمغارب مهيأون ليقظة عامة تحمي كيانهم وتستبقي إسلامهم..
أطلب من عباد الله الصالحين أن يصيخوا السمع للنذير العريان..قبل أن يأخذنا الطوفان، فإن الأقدار تقتص من المستضعفين المفرطين، كما تقتص من المجرمين المعتدين . } !!.
وعلينا أن نتقي الله ونحسن التقرب إليه , ونصبر على الإيذاء (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)) يوسف .
ولنا في الله أعظم الأمل , و اليأس ليس من أخلاق المؤمنين (وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)) يوسف .
وكل الحادثات- وإن تناهت - فموصولٌ بها الفرجُ القريبُ
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)) الشرح .
ودرس الأمل عند نبي الله يعقوب لما أخذوا ولده الثاني وتضاعف الخطب لم يهن ولم يضعف بل ربط أمله بالله وحده فقال (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83)) يوسف.
وانظر في غزوة الأحزاب كيف علم النبي – صلى الله عليه وسلم - أصحابه الأمل , وفي حادثة الهجرة مع سراقة , وفي حديثه الشريف مع خباب بن الأرت : عندما قال : يا رسول الله ألا تدعو الله لنا ألا تستنصر لنا فبادره النبي – صلى الله عليه وسلم : ( والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ) .
فإذا استحكمت حلقات الأذى على أهل الحق وظنوا أنهم قدكذبوا فاجأهم الله بالنصر المبين (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا ) , ويشفي الله صدور المؤمنين يالانتقام من أعدائهم : ( فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين ) 110 يوسف .
ومن المعلوم أن سورة يوسف نزلت أيام حصارالمسلمين في شعب أبي طالب , وهي السورة التي من مفاهيمها النصر والتمكين بعد الصبر الشاق والسجن الطويل , وقلة الناصرين ؛ وكأنها جاءت لتثبت القلوب وتبث الأمل في نفس الرسول – صلى الله عليه وسلم - وأصحابه . تماما كما نزلت قصة طالوت وجالوت قبل غزوة بدر لتبين كيف انتصر الجيش القليل على العدد الكبير بإذن الله والله مع الصابرين .
إن النصر آت ٍ لامحالة والتمكين قادم بلا شك وسيعز الله الدعاة أهل الحق ويعلي قدرهم ويرفع شأنهم .
وكأنني أنظر إلى بلال وعمار وخباب عند باب الخليفة عمر ويحضر أبو سفيان وسهيل فيسمح بالدخول للأولين ويؤخر أباسفيان وسهيلا ؛ فيغضب أبو سفيان ويحمر وجهه – رضي الله عنه – فيبادره سهيل مستدركا عليه : يا أبا سفيان إنهم دعوا إلى الله فأسرعوا وأبطأنا فكيف بنا يوم القيامة إذا دعينا فأسرعوا وأبطأنا !! .
واليوم وقد تحكمت أمريكا ومن شايعها من الأوربيين والمستعمرين والطغاة المتحكمين وأصحاب المصالح الآخرين , وفصلت القوانين وغيرت المناهج التعليمية وعولمت الثقافة , وضيق على أصحاب الأقلام الحرة والأراء الفذة , وأفسح المجال لحملة المباخر ومن يبيعون دينهم بدنيا غيرهم – في كل هذه الظروف نجد الأمل يملأ قلوبنا وتستشرف النصرَ نفوسُنا وحينئذ نتمثل قول الرجل الصالح (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) يوسف.
فنحن إذن ليس لنا إلا طريق واحد : أن ندعوإلى الله ونعمل على إصلاح المجتمعات ومؤسساتها , ونأخذ بالأسباب المتاحة , ونتقي الله ونحسن صلتنا به سبحانه , ونصبر ونثق في وعد الله ومراده (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) القصص .
ونثق في نصر الله وإنه لات , ونؤمن بأنه غير بعيد بل إنه قريب جد ٌ قريب ( ألا إن نصر الله قريب ) 214 البقرة .
(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ) النساء (87) .
(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ) النساء(122)
(وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)) التوبة .
(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (6) الروم .
وعلى الله قصد السبيل .
شعبان شحاته hudahuda2007@yahoo.com
.
شعبان شحاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , نحمدك اللهم حمد الشاكرين , ونصلي ونسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه وسلك طريقه إلى يوم الدين .
وبعد
لقد شرفنا الله عز وجل بالانتساب لهذا الدين وجعلنا به خير أمة أخرجت للناس . هذه الخيرية تكمن في إرشاد البشرية والأخذ بأيديها إلى المعروف وتحذيرها من الفساد والظلم ؛ لكي يعيش الناس عبيدا لله وحده , إلى منهجه يفيئون وعلى شريعته يستقيمون , وبذلك يحرزون خير الدنيا ونعيم الآخرة .
والله عز وجل قد بين لنا مهمتنا في أكثر من موضع في القرآن الكريم : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) البقرة 143 .
(وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) الحج (78) .
ولكن أعداء الله وأعدء الإنسانية , أعداء القيم والحضارة يقفون حجر عثرة أمام مهمتنا السامية ؛ يحاربون من يعبد الله ويسير على منهجه القويم , يسفكون الدماء ويهلكون الحرث والنسل , فكم من أرامل وأيتام أظلمت حياتهم بغياب عائلهم , وكم من أعراض انتهكت وأموال نهبت وثروات سلبت . ثم إذا دافعوا عن دينهم وأوطانهم وأعراضهم فهم إرهابيون !! .
وهم يحتلون بلادنا منذ القرن الرابع قبل الميلاد حتى القرن السابع الميلادي فهذه جملتها أحد عشر قرنا , واستمرت الحملات الصليبية حوالي مائتي سنة , ثم أضف إلى ذلك احتلال البلاد الإسلامية والعربية في القرنين الماضيين .
فانظر كم قرنا عاشه المسلمون أو عاشته هذه المنطقة بدون احتلال؟ . ثم بعد ذلك ينعت المسلمون بأنهم إرهابيون !! .
إن مهمتنا تكمن في تعبيد الناس ,كل الناس لله رب العالمين , وأن يُعبد الله وحده لا شريك له , وأن يكون منهجه هو المتبع على هذه الأرض .
ولكن ما العقبات التي تعترض هذه المهمة ؟ .
إن هذا يحملنا أن نصف الوضع الراهن لبلادنا :
حال الأمة : التفرق والتشرذم , دول مقطعة يسهل ابتلاعها : ضعف الاقتصاد ( التجارة والإنتاج,والزراعة والصناعة ) ضعف الحالة السياسية المتمثلة في حكم الفرد , واستبعاد الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة المخلصة وأي قوى معارضة ,أو بمعنى آخر استبعاد الشعوب من محاسبة الحكام, و احتلال بعض الدول الإسلامية ونهب ثرواتنا من البترول وغيره , تخريب الإعلام والتعليم والثقافة لتنشأ أجيالنا بعيدة عن مصدر النور الإلهي , وبعيدة عن تاريخها المجيد ؛ ولكي يسهل السيطرة عليهم مستقبلا .
الهجمة الاستعمارية الشرسة على الإسلام واستغلال طغاة الحكام هذه الهجمة في شل حركة الدعاة وسجنهم والبطش بهم ويساعدهم مايملكون من وسائل الإعلام وأجهزة الشرطة وغيرها .
وكلما برز حملة الإسلام واقتربوا من الحكم قامت أمريكا و أوربا ولم تقعد , وتذكرجبهة الإنقاذ في الجزائر والمحاكم الإسلامية في الصومال.
وحال الدعاة : وما يتعرضون له من محاكم عسكرية وتضييق وفصل من الوظائف أو تحويلهم إلى أعمال إدارية , أو استبعادهم من الوظيفة أصلا , وتشويه إعلامي , والأدهى من ذلك هو سن قوانين أو مواد فى الدستور لمحاربتهم وهذا السلوك يتفاوت من بلد لآخر .
إلا أن :
إلا أن الناظر إلى الأمور بعين البصيرة يرى أن هذا الأسلوب المستمر من أيام عبد الناصر ومن بعده في مصر وغيرها حتى الآن لم يثن أجيال الدعاة المتتالية عن دعوتهم بل إنهم يزدادون أتباعا ,ويكثرون أعدادا وتلتف حولهم الجماهير في كل الدول الإسلامية وشواهد ذلك كثيرة في انتخابات مصر الأخيرة وفي فلسطين وأندونيسيا وغيرها , وما نراه من شواهد أخرى . (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)) . يوسف .
أما ماذا نفعل ؟ .
فإننا نشكو حالنا إلى الله وحده (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ )(86) يوسف .
فهو سبحانه القادر على نصرنا مهما تحزب الشر علينا , وتجمع العدو ضدنا , أو استصغرونا في أعينهم . يقول الله عز وجل : إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)) الأنفال . فإن الله قادر على إعزاز أوليائه وإذلا ل أعدائه وهذا مقتضى حكمته سبحانه .
إلا أننا لنا مهمة لايمكن أن نتخلى عنها بأي حال : يقول الشيخ محمد الغزالي في كتاب هموم داعية :
{ إن المسلمين في المشارق والمغارب مهيأون ليقظة عامة تحمي كيانهم وتستبقي إسلامهم..
أطلب من عباد الله الصالحين أن يصيخوا السمع للنذير العريان..قبل أن يأخذنا الطوفان، فإن الأقدار تقتص من المستضعفين المفرطين، كما تقتص من المجرمين المعتدين . } !!.
وعلينا أن نتقي الله ونحسن التقرب إليه , ونصبر على الإيذاء (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)) يوسف .
ولنا في الله أعظم الأمل , و اليأس ليس من أخلاق المؤمنين (وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)) يوسف .
وكل الحادثات- وإن تناهت - فموصولٌ بها الفرجُ القريبُ
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)) الشرح .
ودرس الأمل عند نبي الله يعقوب لما أخذوا ولده الثاني وتضاعف الخطب لم يهن ولم يضعف بل ربط أمله بالله وحده فقال (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83)) يوسف.
وانظر في غزوة الأحزاب كيف علم النبي – صلى الله عليه وسلم - أصحابه الأمل , وفي حادثة الهجرة مع سراقة , وفي حديثه الشريف مع خباب بن الأرت : عندما قال : يا رسول الله ألا تدعو الله لنا ألا تستنصر لنا فبادره النبي – صلى الله عليه وسلم : ( والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ) .
فإذا استحكمت حلقات الأذى على أهل الحق وظنوا أنهم قدكذبوا فاجأهم الله بالنصر المبين (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا ) , ويشفي الله صدور المؤمنين يالانتقام من أعدائهم : ( فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين ) 110 يوسف .
ومن المعلوم أن سورة يوسف نزلت أيام حصارالمسلمين في شعب أبي طالب , وهي السورة التي من مفاهيمها النصر والتمكين بعد الصبر الشاق والسجن الطويل , وقلة الناصرين ؛ وكأنها جاءت لتثبت القلوب وتبث الأمل في نفس الرسول – صلى الله عليه وسلم - وأصحابه . تماما كما نزلت قصة طالوت وجالوت قبل غزوة بدر لتبين كيف انتصر الجيش القليل على العدد الكبير بإذن الله والله مع الصابرين .
إن النصر آت ٍ لامحالة والتمكين قادم بلا شك وسيعز الله الدعاة أهل الحق ويعلي قدرهم ويرفع شأنهم .
وكأنني أنظر إلى بلال وعمار وخباب عند باب الخليفة عمر ويحضر أبو سفيان وسهيل فيسمح بالدخول للأولين ويؤخر أباسفيان وسهيلا ؛ فيغضب أبو سفيان ويحمر وجهه – رضي الله عنه – فيبادره سهيل مستدركا عليه : يا أبا سفيان إنهم دعوا إلى الله فأسرعوا وأبطأنا فكيف بنا يوم القيامة إذا دعينا فأسرعوا وأبطأنا !! .
واليوم وقد تحكمت أمريكا ومن شايعها من الأوربيين والمستعمرين والطغاة المتحكمين وأصحاب المصالح الآخرين , وفصلت القوانين وغيرت المناهج التعليمية وعولمت الثقافة , وضيق على أصحاب الأقلام الحرة والأراء الفذة , وأفسح المجال لحملة المباخر ومن يبيعون دينهم بدنيا غيرهم – في كل هذه الظروف نجد الأمل يملأ قلوبنا وتستشرف النصرَ نفوسُنا وحينئذ نتمثل قول الرجل الصالح (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) يوسف.
فنحن إذن ليس لنا إلا طريق واحد : أن ندعوإلى الله ونعمل على إصلاح المجتمعات ومؤسساتها , ونأخذ بالأسباب المتاحة , ونتقي الله ونحسن صلتنا به سبحانه , ونصبر ونثق في وعد الله ومراده (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) القصص .
ونثق في نصر الله وإنه لات , ونؤمن بأنه غير بعيد بل إنه قريب جد ٌ قريب ( ألا إن نصر الله قريب ) 214 البقرة .
(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ) النساء (87) .
(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ) النساء(122)
(وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)) التوبة .
(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (6) الروم .
وعلى الله قصد السبيل .
شعبان شحاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , نحمدك اللهم حمد الشاكرين , ونصلي ونسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه وسلك طريقه إلى يوم الدين .
وبعد
لقد شرفنا الله عز وجل بالانتساب لهذا الدين وجعلنا به خير أمة أخرجت للناس . هذه الخيرية تكمن في إرشاد البشرية والأخذ بأيديها إلى المعروف وتحذيرها من الفساد والظلم ؛ لكي يعيش الناس عبيدا لله وحده , إلى منهجه يفيئون وعلى شريعته يستقيمون , وبذلك يحرزون خير الدنيا ونعيم الآخرة .
والله عز وجل قد بين لنا مهمتنا في أكثر من موضع في القرآن الكريم : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) البقرة 143 .
(وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) الحج (78) .
ولكن أعداء الله وأعدء الإنسانية , أعداء القيم والحضارة يقفون حجر عثرة أمام مهمتنا السامية ؛ يحاربون من يعبد الله ويسير على منهجه القويم , يسفكون الدماء ويهلكون الحرث والنسل , فكم من أرامل وأيتام أظلمت حياتهم بغياب عائلهم , وكم من أعراض انتهكت وأموال نهبت وثروات سلبت . ثم إذا دافعوا عن دينهم وأوطانهم وأعراضهم فهم إرهابيون !! .
وهم يحتلون بلادنا منذ القرن الرابع قبل الميلاد حتى القرن السابع الميلادي فهذه جملتها أحد عشر قرنا , واستمرت الحملات الصليبية حوالي مائتي سنة , ثم أضف إلى ذلك احتلال البلاد الإسلامية والعربية في القرنين الماضيين .
فانظر كم قرنا عاشه المسلمون أو عاشته هذه المنطقة بدون احتلال؟ . ثم بعد ذلك ينعت المسلمون بأنهم إرهابيون !! .
إن مهمتنا تكمن في تعبيد الناس ,كل الناس لله رب العالمين , وأن يُعبد الله وحده لا شريك له , وأن يكون منهجه هو المتبع على هذه الأرض .
ولكن ما العقبات التي تعترض هذه المهمة ؟ .
إن هذا يحملنا أن نصف الوضع الراهن لبلادنا :
حال الأمة : التفرق والتشرذم , دول مقطعة يسهل ابتلاعها : ضعف الاقتصاد ( التجارة والإنتاج,والزراعة والصناعة ) ضعف الحالة السياسية المتمثلة في حكم الفرد , واستبعاد الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة المخلصة وأي قوى معارضة ,أو بمعنى آخر استبعاد الشعوب من محاسبة الحكام, و احتلال بعض الدول الإسلامية ونهب ثرواتنا من البترول وغيره , تخريب الإعلام والتعليم والثقافة لتنشأ أجيالنا بعيدة عن مصدر النور الإلهي , وبعيدة عن تاريخها المجيد ؛ ولكي يسهل السيطرة عليهم مستقبلا .
الهجمة الاستعمارية الشرسة على الإسلام واستغلال طغاة الحكام هذه الهجمة في شل حركة الدعاة وسجنهم والبطش بهم ويساعدهم مايملكون من وسائل الإعلام وأجهزة الشرطة وغيرها .
وكلما برز حملة الإسلام واقتربوا من الحكم قامت أمريكا و أوربا ولم تقعد , وتذكرجبهة الإنقاذ في الجزائر والمحاكم الإسلامية في الصومال.
وحال الدعاة : وما يتعرضون له من محاكم عسكرية وتضييق وفصل من الوظائف أو تحويلهم إلى أعمال إدارية , أو استبعادهم من الوظيفة أصلا , وتشويه إعلامي , والأدهى من ذلك هو سن قوانين أو مواد فى الدستور لمحاربتهم وهذا السلوك يتفاوت من بلد لآخر .
إلا أن :
إلا أن الناظر إلى الأمور بعين البصيرة يرى أن هذا الأسلوب المستمر من أيام عبد الناصر ومن بعده في مصر وغيرها حتى الآن لم يثن أجيال الدعاة المتتالية عن دعوتهم بل إنهم يزدادون أتباعا ,ويكثرون أعدادا وتلتف حولهم الجماهير في كل الدول الإسلامية وشواهد ذلك كثيرة في انتخابات مصر الأخيرة وفي فلسطين وأندونيسيا وغيرها , وما نراه من شواهد أخرى . (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)) . يوسف .
أما ماذا نفعل ؟ .
فإننا نشكو حالنا إلى الله وحده (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ )(86) يوسف .
فهو سبحانه القادر على نصرنا مهما تحزب الشر علينا , وتجمع العدو ضدنا , أو استصغرونا في أعينهم . يقول الله عز وجل : إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)) الأنفال . فإن الله قادر على إعزاز أوليائه وإذلا ل أعدائه وهذا مقتضى حكمته سبحانه .
إلا أننا لنا مهمة لايمكن أن نتخلى عنها بأي حال : يقول الشيخ محمد الغزالي في كتاب هموم داعية :
{ إن المسلمين في المشارق والمغارب مهيأون ليقظة عامة تحمي كيانهم وتستبقي إسلامهم..
أطلب من عباد الله الصالحين أن يصيخوا السمع للنذير العريان..قبل أن يأخذنا الطوفان، فإن الأقدار تقتص من المستضعفين المفرطين، كما تقتص من المجرمين المعتدين . } !!.
وعلينا أن نتقي الله ونحسن التقرب إليه , ونصبر على الإيذاء (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)) يوسف .
ولنا في الله أعظم الأمل , و اليأس ليس من أخلاق المؤمنين (وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)) يوسف .
وكل الحادثات- وإن تناهت - فموصولٌ بها الفرجُ القريبُ
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)) الشرح .
ودرس الأمل عند نبي الله يعقوب لما أخذوا ولده الثاني وتضاعف الخطب لم يهن ولم يضعف بل ربط أمله بالله وحده فقال (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83)) يوسف.
وانظر في غزوة الأحزاب كيف علم النبي – صلى الله عليه وسلم - أصحابه الأمل , وفي حادثة الهجرة مع سراقة , وفي حديثه الشريف مع خباب بن الأرت : عندما قال : يا رسول الله ألا تدعو الله لنا ألا تستنصر لنا فبادره النبي – صلى الله عليه وسلم : ( والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ) .
فإذا استحكمت حلقات الأذى على أهل الحق وظنوا أنهم قدكذبوا فاجأهم الله بالنصر المبين (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا ) , ويشفي الله صدور المؤمنين يالانتقام من أعدائهم : ( فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين ) 110 يوسف .
ومن المعلوم أن سورة يوسف نزلت أيام حصارالمسلمين في شعب أبي طالب , وهي السورة التي من مفاهيمها النصر والتمكين بعد الصبر الشاق والسجن الطويل , وقلة الناصرين ؛ وكأنها جاءت لتثبت القلوب وتبث الأمل في نفس الرسول – صلى الله عليه وسلم - وأصحابه . تماما كما نزلت قصة طالوت وجالوت قبل غزوة بدر لتبين كيف انتصر الجيش القليل على العدد الكبير بإذن الله والله مع الصابرين .
إن النصر آت ٍ لامحالة والتمكين قادم بلا شك وسيعز الله الدعاة أهل الحق ويعلي قدرهم ويرفع شأنهم .
وكأنني أنظر إلى بلال وعمار وخباب عند باب الخليفة عمر ويحضر أبو سفيان وسهيل فيسمح بالدخول للأولين ويؤخر أباسفيان وسهيلا ؛ فيغضب أبو سفيان ويحمر وجهه – رضي الله عنه – فيبادره سهيل مستدركا عليه : يا أبا سفيان إنهم دعوا إلى الله فأسرعوا وأبطأنا فكيف بنا يوم القيامة إذا دعينا فأسرعوا وأبطأنا !! .
واليوم وقد تحكمت أمريكا ومن شايعها من الأوربيين والمستعمرين والطغاة المتحكمين وأصحاب المصالح الآخرين , وفصلت القوانين وغيرت المناهج التعليمية وعولمت الثقافة , وضيق على أصحاب الأقلام الحرة والأراء الفذة , وأفسح المجال لحملة المباخر ومن يبيعون دينهم بدنيا غيرهم – في كل هذه الظروف نجد الأمل يملأ قلوبنا وتستشرف النصرَ نفوسُنا وحينئذ نتمثل قول الرجل الصالح (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) يوسف.
فنحن إذن ليس لنا إلا طريق واحد : أن ندعوإلى الله ونعمل على إصلاح المجتمعات ومؤسساتها , ونأخذ بالأسباب المتاحة , ونتقي الله ونحسن صلتنا به سبحانه , ونصبر ونثق في وعد الله ومراده (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) القصص .
ونثق في نصر الله وإنه لات , ونؤمن بأنه غير بعيد بل إنه قريب جد ٌ قريب ( ألا إن نصر الله قريب ) 214 البقرة .
(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ) النساء (87) .
(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ) النساء(122)
(وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)) التوبة .
(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (6) الروم .
وعلى الله قصد ( إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , نحمدك اللهم حمد الشاكرين , ونصلي ونسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه وسلك طريقه إلى يوم الدين .
وبعد
لقد شرفنا الله عز وجل بالانتساب لهذا الدين وجعلنا به خير أمة أخرجت للناس . هذه الخيرية تكمن في إرشاد البشرية والأخذ بأيديها إلى المعروف وتحذيرها من الفساد والظلم ؛ لكي يعيش الناس عبيدا لله وحده , إلى منهجه يفيئون وعلى شريعته يستقيمون , وبذلك يحرزون خير الدنيا ونعيم الآخرة .
والله عز وجل قد بين لنا مهمتنا في أكثر من موضع في القرآن الكريم : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) البقرة 143 .
(وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) الحج (78) .
ولكن أعداء الله وأعدء الإنسانية , أعداء القيم والحضارة يقفون حجر عثرة أمام مهمتنا السامية ؛ يحاربون من يعبد الله ويسير على منهجه القويم , يسفكون الدماء ويهلكون الحرث والنسل , فكم من أرامل وأيتام أظلمت حياتهم بغياب عائلهم , وكم من أعراض انتهكت وأموال نهبت وثروات سلبت . ثم إذا دافعوا عن دينهم وأوطانهم وأعراضهم فهم إرهابيون !! .
وهم يحتلون بلادنا منذ القرن الرابع قبل الميلاد حتى القرن السابع الميلادي فهذه جملتها أحد عشر قرنا , واستمرت الحملات الصليبية حوالي مائتي سنة , ثم أضف إلى ذلك احتلال البلاد الإسلامية والعربية في القرنين الماضيين .
فانظر كم قرنا عاشه المسلمون أو عاشته هذه المنطقة بدون احتلال؟ . ثم بعد ذلك ينعت المسلمون بأنهم إرهابيون !! .
إن مهمتنا تكمن في تعبيد الناس ,كل الناس لله رب العالمين , وأن يُعبد الله وحده لا شريك له , وأن يكون منهجه هو المتبع على هذه الأرض .
ولكن ما العقبات التي تعترض هذه المهمة ؟ .
إن هذا يحملنا أن نصف الوضع الراهن لبلادنا :
حال الأمة : التفرق والتشرذم , دول مقطعة يسهل ابتلاعها : ضعف الاقتصاد ( التجارة والإنتاج,والزراعة والصناعة ) ضعف الحالة السياسية المتمثلة في حكم الفرد , واستبعاد الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة المخلصة وأي قوى معارضة ,أو بمعنى آخر استبعاد الشعوب من محاسبة الحكام, و احتلال بعض الدول الإسلامية ونهب ثرواتنا من البترول وغيره , تخريب الإعلام والتعليم والثقافة لتنشأ أجيالنا بعيدة عن مصدر النور الإلهي , وبعيدة عن تاريخها المجيد ؛ ولكي يسهل السيطرة عليهم مستقبلا .
الهجمة الاستعمارية الشرسة على الإسلام واستغلال طغاة الحكام هذه الهجمة في شل حركة الدعاة وسجنهم والبطش بهم ويساعدهم مايملكون من وسائل الإعلام وأجهزة الشرطة وغيرها .
وكلما برز حملة الإسلام واقتربوا من الحكم قامت أمريكا و أوربا ولم تقعد , وتذكرجبهة الإنقاذ في الجزائر والمحاكم الإسلامية في الصومال.
وحال الدعاة : وما يتعرضون له من محاكم عسكرية وتضييق وفصل من الوظائف أو تحويلهم إلى أعمال إدارية , أو استبعادهم من الوظيفة أصلا , وتشويه إعلامي , والأدهى من ذلك هو سن قوانين أو مواد فى الدستور لمحاربتهم وهذا السلوك يتفاوت من بلد لآخر .
إلا أن :
إلا أن الناظر إلى الأمور بعين البصيرة يرى أن هذا الأسلوب المستمر من أيام عبد الناصر ومن بعده في مصر وغيرها حتى الآن لم يثن أجيال الدعاة المتتالية عن دعوتهم بل إنهم يزدادون أتباعا ,ويكثرون أعدادا وتلتف حولهم الجماهير في كل الدول الإسلامية وشواهد ذلك كثيرة في انتخابات مصر الأخيرة وفي فلسطين وأندونيسيا وغيرها , وما نراه من شواهد أخرى . (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)) . يوسف .
أما ماذا نفعل ؟ .
فإننا نشكو حالنا إلى الله وحده (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ )(86) يوسف .
فهو سبحانه القادر على نصرنا مهما تحزب الشر علينا , وتجمع العدو ضدنا , أو استصغرونا في أعينهم . يقول الله عز وجل : إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)) الأنفال . فإن الله قادر على إعزاز أوليائه وإذلا ل أعدائه وهذا مقتضى حكمته سبحانه .
إلا أننا لنا مهمة لايمكن أن نتخلى عنها بأي حال : يقول الشيخ محمد الغزالي في كتاب هموم داعية :
{ إن المسلمين في المشارق والمغارب مهيأون ليقظة عامة تحمي كيانهم وتستبقي إسلامهم..
أطلب من عباد الله الصالحين أن يصيخوا السمع للنذير العريان..قبل أن يأخذنا الطوفان، فإن الأقدار تقتص من المستضعفين المفرطين، كما تقتص من المجرمين المعتدين . } !!.
وعلينا أن نتقي الله ونحسن التقرب إليه , ونصبر على الإيذاء (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)) يوسف .
ولنا في الله أعظم الأمل , و اليأس ليس من أخلاق المؤمنين (وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)) يوسف .
وكل الحادثات- وإن تناهت - فموصولٌ بها الفرجُ القريبُ
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)) الشرح .
ودرس الأمل عند نبي الله يعقوب لما أخذوا ولده الثاني وتضاعف الخطب لم يهن ولم يضعف بل ربط أمله بالله وحده فقال (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83)) يوسف.
وانظر في غزوة الأحزاب كيف علم النبي – صلى الله عليه وسلم - أصحابه الأمل , وفي حادثة الهجرة مع سراقة , وفي حديثه الشريف مع خباب بن الأرت : عندما قال : يا رسول الله ألا تدعو الله لنا ألا تستنصر لنا فبادره النبي – صلى الله عليه وسلم : ( والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ) .
فإذا استحكمت حلقات الأذى على أهل الحق وظنوا أنهم قدكذبوا فاجأهم الله بالنصر المبين (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا ) , ويشفي الله صدور المؤمنين يالانتقام من أعدائهم : ( فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين ) 110 يوسف .
ومن المعلوم أن سورة يوسف نزلت أيام حصارالمسلمين في شعب أبي طالب , وهي السورة التي من مفاهيمها النصر والتمكين بعد الصبر الشاق والسجن الطويل , وقلة الناصرين ؛ وكأنها جاءت لتثبت القلوب وتبث الأمل في نفس الرسول – صلى الله عليه وسلم - وأصحابه . تماما كما نزلت قصة طالوت وجالوت قبل غزوة بدر لتبين كيف انتصر الجيش القليل على العدد الكبير بإذن الله والله مع الصابرين .
إن النصر آت ٍ لامحالة والتمكين قادم بلا شك وسيعز الله الدعاة أهل الحق ويعلي قدرهم ويرفع شأنهم .
وكأنني أنظر إلى بلال وعمار وخباب عند باب الخليفة عمر ويحضر أبو سفيان وسهيل فيسمح بالدخول للأولين ويؤخر أباسفيان وسهيلا ؛ فيغضب أبو سفيان ويحمر وجهه – رضي الله عنه – فيبادره سهيل مستدركا عليه : يا أبا سفيان إنهم دعوا إلى الله فأسرعوا وأبطأنا فكيف بنا يوم القيامة إذا دعينا فأسرعوا وأبطأنا !! .
واليوم وقد تحكمت أمريكا ومن شايعها من الأوربيين والمستعمرين والطغاة المتحكمين وأصحاب المصالح الآخرين , وفصلت القوانين وغيرت المناهج التعليمية وعولمت الثقافة , وضيق على أصحاب الأقلام الحرة والأراء الفذة , وأفسح المجال لحملة المباخر ومن يبيعون دينهم بدنيا غيرهم – في كل هذه الظروف نجد الأمل يملأ قلوبنا وتستشرف النصرَ نفوسُنا وحينئذ نتمثل قول الرجل الصالح (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) يوسف.
فنحن إذن ليس لنا إلا طريق واحد : أن ندعوإلى الله ونعمل على إصلاح المجتمعات ومؤسساتها , ونأخذ بالأسباب المتاحة , ونتقي الله ونحسن صلتنا به سبحانه , ونصبر ونثق في وعد الله ومراده (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) القصص .
ونثق في نصر الله وإنه لات , ونؤمن بأنه غير بعيد بل إنه قريب جد ٌ قريب ( ألا إن نصر الله قريب ) 214 البقرة .
(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ) النساء (87) .
(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ) النساء(122)
(وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)) التوبة .
(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (6) الروم .
وعلى الله قصد السبيل .
شعبان شحاته hudahuda2007@yahoo.com
.
شعبان شحاته
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق